أكد خبراء لـ"الدستور" أن البنك المركزي يواصل طباعته للعملات النقدية المصرية لسد حاجة الدولة من السيولة اللازمة لاستيفاء مصروفات الحكومة وأجور العاملين، وبحسب بعض التقديرات فقد بلغ إجمالي ما طبعه المركزي نحو 30 مليار جنيه.
ويخشى الخبراء من أن عمليات الطباعة تتم دون غطاء من العملة الأجنبية ما سيؤدي إلى اتساع معدلات التضخم وتراجع القدرة الشرائية للعملة المحلية وهو ما ينذر بخطر شديد على الاقتصاد والوضع الداخلي للبلاد.
وبحسب الخبراء فإن جنون طباعة النقود بدأ عقب 25 يناير، واستمر حتى الآن حيث سجلت أقل معدلات للطباعة عند حاجز 25 مليار جنيه مصري فقط، بينما بلغت أقصاه في عام 2013 عندما طبع البنك نحو 57 مليارًا.
وأكد المستشار أحمد خزيم رئيس منتدى القيمة المضافة والخبير الاقتصادي، أن إقدام البنك المركزي على هذه الخطوة يساهم في تأجيج أزمة الدولار التي صنعها البنك بنفسه –على حد قوله- مضيفاً أن طباعة النقود يؤدي إلى فقدان ازدياد معدلات التضخم وتراجع القوة الشرائية للجنيه، واصفاً الأمر بـ"السير في اتجاه الانتحار الاقتصادي".
وأضاف أن إجراءات البنك المركزي منذ البداية كانت سببًا في خلق أزمة الدولار بدءًا من تقييد الإيداعات والتحويلات ووصولاً إلى زيادة الحد الأقصى ما أثر سلبًا على تدفق الاستثمارات المباشرة إلى مصر وينذر بتعطل المزيد منها في المستقبل، مؤكدا أنه طالما لم تتم عمليات الطبع بناءً على غطاء نقدي فذلك يؤدي إلى انهيار قيمة العملة المحلية.
وأشار إلى أن البنك المركزي "استسهل" عملية الطبع لسد العجز في السيولة المطلوبة ما يؤدي إلى انفجار سعر الدولار وتخطيه لجميع التوقعات التي كانت تعتقد أن حاجز 10 جنيهات هو نهاية المطاف.
ولفت إلى أنه كان يتم الاستناد إلى غطاء الذهب في طباعة العملات ومؤخراً اتفقت الدول على الاستناد إلى غطاء الدولارات، وبطبيعة الحال يعاني الاحتياطي لدى مصر من انخفاض بلغ حد الخطر، خاصة في ظل وجود 6 مليارات من أصل نحو 16 مليارًا ودائع تملكها دول الخليج يحق لهم استردادها في أي وقت كما يمثلون ضاغطًا على القرارات السياسية.
وشدد أنه إذ لم يتم إعداد قواعد الإنتاج بسرعة من صناعات وتصدير فجنون الأسعار سيتواصل، لافتًا إلى أن دوافع البنك المركزي ترجع إلى حاجته لسداد التزاماته الداخلية من أجور ومستلزمات ومصروفات الحكومة.
وأردف أن بنهاية الأمر ترتكز خطورة طباعة النقود دون غطاء في احتمال انهيار الدولة اقتصادياً ويقود إلى ماهو أبعد من أزمة اليونان، مشيراً إلى أن التصنيف الائتماني لمصر سيكون في مهب الريح وسيتراجع حينها، إذ يبنى التصنيف بالأساس على قدرة الدولة الوفاء بالتزاماتها الدولية وهو الأمر الصعب في ظل توحش أزمة الدولار.
من جانبها قالت الدكتورة، عالية المهدي –عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق- إن طباعة النقود دون غطاء يمثل خطورة شديدة على الاقتصاد، موضحة أن طباعة العملة يجب أن تخضع لقواعد علمية وأولها أن تتم بنسبة مساوية لمعدل نمو الدولة مضاف إليه زيادة تتراوح بين 1.5% : 2%.
وتابعت أنه لو كان معدل النمو خلال العام يساوي 3.5% فأن مقدار الزيادة في طباعة العملة يمكن أن يصل إلى 5% من حجم السيولة بالسوق، مضيفة أن زيادة النقود المطبوعة يؤدي إلى ارتفاع التضخم بشكل مباشر، مشيرة إلى أن ذلك يؤثر في معاملات الدولة مع الجهات الدولية نظراً لما يتسبب به من عدم استقرار بالعملة المحلية.
وأكدت أن تراجع القوة الشرائية للجنيه في ظل ثبات الأجور يمثل عبء كبير على المواطنين وخاصة الطبقة الفقيرة التي يجب أن تحظى برعاية واهتمام كبيرين، مضيفة أنه لا يمكن لمحافظ البنك المركزي أن يطبع عملة زيادة عن النسب المحددة والمتعارف عليها دولياً إلا بموافقة الحكومة.
وكان محافظ البنك المركزي طارق عامر، قد نفى طباعة وإصدار البنك مزيد من نقود البنك نوت بدون غطاء نقدي في الفترة الأخيرة.
وقال، في لقاءٍ تليفزيوني، إن عملية إصدار أوراق البنك نوت تتم وفقا لمعادلة محددة، وهى طباعة وإصدار ما يوازى نسبة النمو 4% و وما يوازى نسبة التضخم وهى 12% بالإضافة إلى الكميات المستبدلة من أوراق البنك نوت المهلكة فقط، ولم يخرج البنك المركزي عن تلك السياسة.
www.dostor.org