كنت قليلة الكلام كثيرة الكتابة ......ولا أزال ... ولم تكن الحياة حينها ولا هي اليوم تخلو من الهموم ... ويحتاج المرء إلى أن يبثّ همومه لله ولعبد من عباده المخلصين ... فالإنسان اجتماعيّ بطبعه مهما أحبّ العزلة ومهما منعه خجله من الكلام .... وإنّي مؤمنة أنّ أقرب النّاس إلينا هما الوالدان ...وهما الأوْلى بأن نحفظ لديهما أسرارنا ... فلم أكن أخفي أمرا عن أبويّ.. و كنت أقسم أسراري بينهما وقفا لدرجة خجلي من كليهما ... ويريحني ما كان يقدّمه لي والدي من حلول وما تقدمّه لي أمّي من نصائح وتأييد .... وأسعد بدعائهما لي ...
و اجتاح الهمّ بيتنا بسبب مرض والدي واغتال الفرح في عقر داره ....وارتسمت التّعاسة على الوجوه ... وانغمست أمّي في حزن رهيب أنساها نفسها وكلّ ما حولها وكرّست روحها لما تبقى من حياة والدي .. ولا شك أنّ حاجتي لأبويّ لا تتوقف ... ولكن رحمة بهما وحبّا لهما أدركت أنّهما ماعادا يتحملان المزيد ...لزمت الصّمت وصار عليّ أن أعطي ولا أطلب المقابل ... تراكمت همومي في روحي فأثقلتها ونظرت حولي وجدتني وحيدة وما تعودت أن أشكو لغير الله وأبي وأمّي .. فصرت أنكبّ على الورق أبثّه همومي و أشكو له أحزاني فأشعر براحة بعد الكتابة .... بعد ذلك ألجأ إلى تمزيق الورق فأشعر براحة كذلك ...
نسيمة الهادي اللجمي
صفاقس ..تونس