الطمع قتل «خلود»الطفلة خلود .. وفى الإطار القاتلالمنصورة ــ إبراهيم العشماوى:مثل كل الفراشات الجميلة كانت تلهو ، وكالعصافير المغردة كانت تملأ البيت بهجة وعبيرا خاصة وهي أصغر إخوتها وأشرقت شمسها بعد ثماني عشرة سنة من ولادة أخيها أحمد الأكبر منها مباشرة.
خلود ابنة الثمانية أعوام الطفلة الجميلة الباسمة المحبوبة من كل الناس ، ابنة عزبة جعفر في برمبال الجديدة مركز منية النصر ، كانت تعد ملابسها الجديدة لنصف السنة الثاني ولم تكن تدري أن شهادة التقدير بحصولها علي الترتيب الأول في نهاية نصف العام بالصف الثاني الابتدائي لمدرسة الشهيد فتحي أحمد ستصلها وهي مكفنة في قبرها وستصبح مثلها ذكري معلقة علي الجدران تذكر الإنسانية ببشاعة الجريمة المدوية وعلامة علي ضياع الضمير واستفحال شهوة الطمع وانتهاك القيم الإنسانية والاجتماعية .
خلود لن تتمكن من اللعب مع صديقاتها بعد اليوم ولن تستطيع لبس عباءة والدتها وتقليد معلمتها في المنزل فتمسك بخرطوم قصير وتلقن ابن أختها الصغير كلمات وحروف اللغة الإنجليزية والتي حفظها عنها ، كما لن تستطيع الذهاب مرة أخرة إلي البقالة القريبة من المنزل والتي شهدت نهاية علاقتها بالدنيا بعد أن كانت زبونا دائما لها .
كان اللواء عاصم حمزة مدير أمن الدقهلية تلقي إخطارا من مأمور مركز منية النصر بوصول بلاغ من علي أحمد عبد العال باختفاء نجلته خلود 8 سنوات. وعلي الفور تم تشكيل فريق بحث بمشاركة الرائد إسلام صقر رئيس مباحث المركز، ومعاوني المباحث وبالبحث والتحري توصل فريق البحث إلي تورط رضا وهو بقال ومقيم بذات القرية . حيث اتصل الخاطف بوالدها، كي يساومه علي رجوعها مقابل مبلغ مادي، وبتتبع المكالمة، اكتشفت المباحث أن المكان قريب من منزلها، وبعد الاتفاق معه علي عودة الطفله مقابل الفدية، ذهبت الأم لتأخذ ابنتها فقام بوضع قدمه علي فمها حتي لا تسمع أنفاسها فماتت قتيلة، وتم تحرير محضر بالواقعة، وتولت النيابة العامة التحقيق في القضية التي أمرت بحبسه ودفن جثة الطفلة في مشهد هز القرية كلها حيث ودعها المئات في مشهد حزين غاضب وتوجهت قوات الأمن إلي منزل المتهم وشكلت كردونا أمنيا، لحين الانتهاء من مراسم دفن الطفلة.
« خلود كانت كل حياتي « .. هكذا تحدث بصوت حزين مكلوم والدها الحاج علي عبد العال وهو صاحب مصنع أعلاف في القرية قضي جزءا كبيرا من عمره بالعمل في الخارج لكي يؤمن الحياة الكريمة لأولاده .. يقول والد خلود : عندي محمد 30 سنة ومنال 28 سنة وأحمد 26 سنة وكلهم متزوجون لكن خلود كانت كل حياتي وصديقتي وروحي ، وكانت قريبة من نفسي جدا ولها حصالة تضع فيها بعض النقود مما تدخره من مصروفها ففتحت لها دفتر توفير لتشجيعها . ويضيف : لا توجد مشاكل بيني وبين القاتل فهو يعتبر جارنا والبقالة تبعد حوالي أربعة بيوت عن منزلنا ، ولو كان طلب مالا فلن أتأخر عليه لكنه اتصل بعد وقت قصير من اختفاء البنت وقال أنه من الشرقية وعاوز الحلاوة لأن خلود معها أطفال آخرين سيصلون لكي يوحي لي بأنه زعيم عصابة رغم أن لهجته أكدت أنه غير شرقاوي ، فقلت له تحت أمرك فأخبرني بأنه سيطلبني وأعطيت الرقم للمباحث وكانت المفاجأة أن الإتصال من مكان قريب ومن رقم البقال المجاور لنا . ويطالب والد خلود بالقصاص العاجل والسريع وتنفيذ حكم الإعدام في القاتل لأن القرية كلها تغلي منذ هذا الحدث الجلل والقضية لم تعد حق ابنته حتي أن أهل القاتل وأقاربه غادروا البلد خوفا من بطش الأهالي بهم .
أما والدة خلود فلم تتمالك نفسها من الانهيار وهي تحاول أن تبوح بمصيبتها الكبري .. خلود كانت ملاكا ومؤدبة ومحترمة ومطيعة ، خرجت بعد المغرب بوقت قليل بعد أن تناولنا طعام الغداء وشربنا الشاي لتشتري بطارية لساعة الحائط التي توقفت وأصرت أن تشتريها من مصروفها الخاص لكن والدها قال لها خذي 10 جنيهات واشتري بطارية أخري لساعة المسجد الموجود بالمصنع ، فخرجت وكان المحل مفتوحا وبعد أقل من ربع ساعة شعرت بانقباض قلبي وكأن روحي ستصعد إلي السماء ، فسألت عن خلود وخرجت كالمجنونة إلي البقال أبحث عنها قلت له فين البنت قال ما شفتهاش وماجتش رغم إني سألتها قبل ما تخرج هل محل البقالة مفتوح قالت نعم ، كنت أروح ألف في الشوارع والحواري وعند بقية البقالين في أنحاء القرية وأرجع له فيقول لم أرها ، والغريب أن القاتل المجرم « ربنا ينتقم منه « خرج يبحث معنا عن خلود ، لكن بمكر وخبث كان يشتت الإنتباه لدي الشباب الباحثين عنها وكان يقول خليهم يطفوا النور وهي هتظهر علي طول لأنه كان ينوي نقل جثتها عند أي جيران عشان التهمة تثبت عليهم ويبعدها عن نفسه . وتضيف أم خلود : طلبت من جارنا مؤذن الجامع أن يذيع عن اختفاء خلود فقال هي مش صغيرة ومع ذلك تجمع الناس وعرف والدها أن في الأمر شيء وأنها اختفت بفعل فاعل . وتستطرد الأم المكلومة : لو كان طلب فلوس أبوها مش هيقصر هو فيه لله وبيعطي الغلابة وما في يده ليس له لكن القاتل قال في المحضر إنه كان يشدها ليخطفها ويكتم صوتها فقالت له « سيبني ياعم « فضربها علي رأسها وأغمي عليها ، وكان عليها خمار خنقها به ووضعه في فمها ، وحينما حضرت الشرطة وجدتها مربوطة من أقدامها وأيديها وموضوعة في شكارة خلف ستارةداخل المحل . وتطالب والدة خلود بشنق المجرم علنا أمام أهل القرية حتي يكون عبرة لغيره ممن باعوا أنفسهم للشيطان وخانوا العهد وحقوق الجيرة، وقالت لن أستريح ولن تهدأ ناري علي خلود إلا بعد أن أراه مشنوقا ، ولن يدفن لا هو ولا أهله في مقابرنا أبدا.
أما شقيقتها الكبري منال فتقول : حسبنا الله ونعم الوكيل، لماذا تقتل البراءة والطفولة بهذا الشكل ؟ وكيف نطمئن علي أطفالنا ونحن في مجتمع ريفي المفروض أنه متماسك ويحافظ علي بعضه، مؤكدة أن قتل أختها بهذه البشاعة ترك جرحا غائرا لن يندمل في الأسرة التي تعيش في حزن مستمر وغابت عنها الفرحة . أما أهالي القرية فقد عاشوا صدمة اغتيال طفلة صغيرة لا حول لها ولا قوة من مجرم لديه أربعاء أبناء وزوجته حامل ولم تظهر عليه علامات الإجرام من قبل ، كما قام بعض شباب القرية بتأسيس صفحة علي الفيسبوك باسم « الطفلة خلود وردة في الجنة « تخليدا لها ولذكراها العطرة.