حكم الدين فيمن يشتري الدقيق المدعم للمخابز من السو

ما حكم الدين فيمن يشتري الدقيق المدعم للمخابز من السوق السوداء؟
** يجيب عن هذا السؤال فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية وعضو مجمع البحوث الإسلامية يقول:
الدقيق المدعم إنما قامت الدولة بتدعيمه من أجل أن يصل مخبوزاً إلي شرائح من المجتمع التي تعاني من شظف العيش وضيق الرزق وقلة موارده. وهو مع ما فيه من ترفق بأصحاب الحوائج وتلطف بحالهم الضيقة هو واجب الدولة تجاههم وطريقة من طرق رفع مستواهم المادي بإيصال المال إليهم بصورة غير مباشرة. وهي صورة الخبز. وبالتالي فإن من يبيع الدقيق في السوق السوداء يكون معتدياً علي أموال الناس كافة الداخلين في هذه الشرائح. وفي هذا ظلم بين وعدوان علي حقوق الناس وأكل لها بالباطل. وفي ذلك يقول الله تعالي: "يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل".. وقال رسول الله "صلي الله عليه وسلم": "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا".. وبيع الدقيق المدعم في السوق السوداء علي هذا حرام شرعاً من حيث كونه استيلاء علي مال الغير بغير حق. ويزيد في كبر هذا الذنب كون المال المعتدي عليه مالاًً للفقراء والمحاويج الذين يحتاجون إلي من يرحمهم ويحافظ علي مالهم وينميه ويزيده لا إلي من ينهبه ويعتدي عليه بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وبيع الدقيق المدعم في السوق السوداء محرم من جهة أخري. ألا وهي مخالفة ولي الأمر الذي جعل الله تعالي طاعته في غير المعصية مقارنة لطاعته تعالي وطاعة رسوله "صلي الله عليه وسلم".. قال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر الأمر منكم" وقد خلق الله تعالي الإنسان وكرمه ""ولقد كرمنا بني آدم" وسخر له الكون لأداء الوظيفة التي خلقه وشرفه بها وميزه بها علي سائر خلقه وهي العبادة والعمارة "وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه" ومن هذا الكون المسخر لابن آدم الأنعام والدواجن قال تعالي: "والأنعام خلقها لكم" فهذه المخلوقات هي في خدمة الإنسان وهو المخدوم. وإذا تعارضت حاجة الخادم مع حاجة المخدوم قدمت حاجة المخدوم. وهو الإنسان ابن آدم المكلف وبالتالي فإن من يشترون هذا الخبز ويستأثرون بطعام إخوانهم المحتاجين ليعطوه لمواشيهم ودواجنهم. وهم يعلمون مدي حاجة إخوانهم الماسة والشديدة لهذا الطعام. فلا هم احترموا إخوانهم ولا احترموا سنن الله تعالي في كونه التي أباحت ذبح هذه البهائم من أجل ابن آدم فصار هذا البعض الجشع عملياً وباستيلائه علي قوت ابن آدم الفقير كأنه ذبح ابن آدم من أجل البهائم. وفي الواقع من أجل جشعه ومكسبه المادي ألا ينظر هؤلاء إلي فعل الأشعريين من صحابة رسول الله "صلي الله عليه وسلم" عندما كان يقل طعامهم وزادهم.. روي الشيخان عن أبي موسي الأشعري قال: قال رسول الله "صلي الله عليه وسلم": "إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو.. أي فني طعامهم. أو قل طعام عيالهم بالمدينة.. جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء بالسوية. فهم مني وأنا منهم" فيحرم علي هؤلاء ما يفعلونه من الاستيلاء علي الخبز المدعم علي الوصف المعروض في السؤال وحرمان المحتاجين له.
والله أعلم.