معبد شاولين مهد الكونغ فو
قبل 10 سنوات ونيف، تم تصوير فيلم معبد شاولين بالتعاون بين بر الصين وهونغ كونغ. وهو يتحدث عن هذا المعبد الممتد تاريخه 1500 عام وكونغفو (كاراتيه) شاولين المتدثرة بشيء من السحرية الدينية أمام جماهير شعوب العالم، وصار المعبد نقطة سياحية ساخنة جديدة.
يقع معبد شاولين في سفح جبل سونغشان قرب مدينة تشنغتشو، مقاطعة خنان. بدأ بناؤه في عام 495م، وفي قاعة الألف بوذا داخل المعبد رسم 500 أرهت جدري مشهور يغطي أكثر من 300 متر مربع، وفي قاعة اللباس الأبيض يحفظ ملف مصارعة شاولين في عهد أسرة تشينغ (1644-1911).
ليست كونغفو شاولين تصل سحريتها إلى حد ما يصور في أفلام السينما، ولكنها بحد ذاتها تثير إعجابا، في معبد شاولين العريق يتدرب بضعة عشر راهبا حليق الرأس على الكونغفو الفائقة التي لا يمكن إجادتها في الأفلام السينمائية الا باستعانة بفن خاص مثل الوقوف على الرأس وطعن الحنجرة بالرمح الحاد والرأس المعلق على الحبل وتكسير الطابوق براحة اليد وحفر الصخر بالإصبع ووضع اللسان فوق النار،* ولكل راهب من الرهبان المتدربين على الكونغفو في معبد شاولين مهارة خاصة بالكونغفو باعتبار المعبد أحد مصادر كونغفو الصينية، تتميز كونغفو شاولين بوظيفتها الاستخدامية، وتختلف عن العرض الرياضي أو السينمائي. منذ عدة قرون كسب رهبان معبد شاولين شرفا عظيما لكونغفو شاولين حتى ذاع صيتها في الداني والقاصى، وكلما ذكرت الكونغفو الصينية ذكر معبد شاولين حتما.
اختلافا عن مصارعة الغرب والتايكاندو اليابانية، نشأت وتطورت كونغفو شاولين على أساس ما ورد في الدين البوذي الذي انتقل إلى الصين في القرن الأول قبل الميلاد. في كل العالم عشرات الآلاف من المعابد البوذية، ومنها معبد شاولين المشهور على نطاق العالم بالكونغفو.
في عام 527، جاء الراهب الهندي المرموق تدامو إلى معبد شاولين بعد أن مخر عباب البحار لمدة 3 سنوات وقد جمع جما غفيرا من الأنصار لنشر مذهب ماهايانا (أحد المذاهب البوذية) بينهم، يبارك هذا المذهب جميع صفات عامة الشعب بالكاد باستثناء القتل والفجور والنهب والسرقة، قدمت هذه البيئة الدينية المتسامحة ظروفا طيبة لتطور كونغفو شاولين وبقائها المستمر، كما تقدم تسهيلات لتدريب الرهبان على كونغفو شاولين، وفي هذه البيئة الدينية الفريدة بالضبط ظهر إلى حيز الوجود رهبان متدربون على الكونغفو في معبد شاولين.
في رأينا، تشبه الـ18 حركة من كونغفو شاولين البدائية نوعا من التمارين الرياضية لتقوية الجسم. وفي الواقع أنها حركات تمدد أطراف الجسم التي أداها تدامو وأنصاره بعد فترة من الجلوس الساكن التعبدي لتنشيط العظام والأعصاب وإزالة المتاعب والنعاس. وهكذا صارت تأدية هذه الحركات جزء من نشاطات التعبد البوذي الرسمية تدريجيا مما ضرب مثالا منفردا في أوساط الدين البوذي حتى أوساط الأديان الأخرى، وعلى هذا الأساس شهدت كونغفو شاولين ازدهارا مطردا.
كونغفو شاولين اليوم قد اخترقت سياج معبد شاولين، فهناك عدة مدارس للووشو الصينية (الكونغفو الصينية) قرب المعبد، ويتجمع فيها عشرات الآلاف من الشبان والفتيان المولعين بكونغفو شاولين قادمين من مختلف أنحاء الصين. وإلى جانب ذلك تم بناء "دار كونغفو شاولين" في الثمانينات، وتغطي الدار 4472 مترا مربعا من الأرض بغرض قبول التلاميذ الأجانب بصورة رئيسية، اذ ظهرت حماسة كونغفو شاولين في دول أخرى أيضا. يبلغ عدد اللاعبين بمصارعة شاولين في اليابان حوالي مليون نسمة، وفي سنغافورا جمعية "شاوتشونغشان" للرياضة البدنية الدولية التي امتد نفوذها إلى جميع جنوب آسيا الشرقي، وشهدت ازدياد أعضائها مع مرور الأيام. وفي أمريكا الشمالية وأوربا كثيرا ما ترى وفود كونغفو شاولين تعرض هذا النوع من المصارعة الشرقية العريقة أمام الجماهير المحليين. أما الزوار لمعبد شاولين فيبلغ عددهم مليون ونصف مليون نسمة كل عام. كما أقيمت مباريات كونغفو شاولين ومباريات التصفية المقامة على المنصة لكونغفو شاولين وندوات كونغفو شاولين الدولية بالتتابع. وجدير بالذكر ان مهرجان كونغفو شاولين الدولي الذي يقام كل عام في مدينة تشنغتشو يجتذب اليه عددا كبيرا من مشاهير اللاعبين بالكونغفو من مختلف الأماكن والجهات اعتمادا على شهرة معبد شاولين وكونغفو شاولين ومناظر جبل سونغشان.
ينتصب قرب معبد شاولين الذي يعد أقدم معبد لمذهب ماهايانا البوذي، باغودا معبد سونغخه المبني بالقراميد، وهو الأقدم من نوعه في الصين، اذ يرجع تاريخه إلى ما قبل 1400 عام. كما احتفظت محافظة دنغفونغ بمكتبة سونغيانغ وهي من أكبر المكاتب الأربع الصينية القديمة ومنصة مراقبة النجوم التي تعد أقدم مرصد صيني، وزوار معبد شاولين لا ينسون زيارة هذه الآثار القيمة. ظروف المواصلات لزيارة معبد شاولين سهلة جدا، وما عليك الا ان تسافر بالقطار إلى تشنغتشو أو لويانغ، فتجد هناك باصات سياحية تتنقل بين هاتين المدينتين ومعبد شاولين يوميا.