وبدا أن أهم مكسب لمصر من تصريح 28 فبراير هو حصول مصر علي الدستور الذي كان بداية المرحلة الليبرالية ... وبعد أن كان الحاكم المصري أو الأجنبي هو مصدر السلطات . تم تأليف لجنة لوضع الدستور لتحقيق الهدف ( الدولة المدنية )
ورغم نجاحها بشكل كبير إلا أن الملك فؤاد تدخل لينتزع لنفسه في الدستور سلطات تتيح له التحكم في شئون الحكم رغم إرادة الأمة .
فقد أصبح من حقه حل البرلمان دون قيد أو شرط بل وإقالة الوزارة مهما حازت من ثقة الأمة
لذلك صدر الدستور في ابريل 1923 م .. وقد اشتمل عي نصوص متعارضة
• نصوص تجعل الأمة مصدر السلطات
• ونصوص أخري تعطل أعمال هذه النصوص
الأمر الذي أثر علي الحياة الليبرالية التي شهدتها مصر منذ دستور حتي ثورة 1952
وعلي الرغم من أن الدستور نص في المادة 23 أن الأمة مصدر السلطات . لكن الملك كان من الناحية الفعلية هو مصدر السلطات معظم تلك المرحلة الليبرالية
المبادئ الليبرالية في دستور 1923 م
• حرية ابداء الرأي
• حرية الصحافة
• حرية الاعتقاد .. مما يعني الدين لله والوطن للجميع
• حرية الاجتماع وتكوين الجمعيات في حدود القانون والأخلاق والتقاليد
• مساواة جميع المصريين أمام القانون والتمتع بالحقوق السياسية وفيما عليهم من واجبات
• حرمة المنازل
• حرمة الملكية .. لا تنزع ملكية أحد إلا للمنفعة العامة بشرط تعويضه
• حظر الرقابة علي الصحف إلا لحماية المجتمع من الأفكار الهدامة
• فصل السلطات الثلاث ( التشريعية – القضائية – التنفيذية )
فالسلطة التشريعية يتولاها البرلمان الذي يضم ممثلي الشعب المنتخبين . والسلطة التنفيذية يتولاها الملك ولكنه غير مسئول وإنما يتولاها من خلال وزرائه والوزارة ليست مسئولة أمام الملك وإنما أمام البرلمان
(-_-) (-_-) (-_-) (-_-) (-_-)
وزارة الشعب وارتفاع المد الثوري
أجريت انتخابات عامة بصد صدور دستور 1923 لاختيار ممثلين للشعب في البرلمان وقد أسفرت عن فوز الوفد برئاسة سعد زغلول بأغلبية ساحقة بلغت 90 %
وألف سعد زغلول أول وزارة شعبية دستورية في تاريخ مصر ( يناير 1924 م )
نعمت مصر في ظل هذه الوزارة بأول ثمار الحياة الدستورية
واتجهت إلي ترقية شئون البلاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية عن طريق ما يلي
• فصل العملة المصرية عن العملة البريطانية . وبيع جزء من أراضي الحكومة لصغار المزارعين
• زيادة ميزانية وزارة المعارف ووضع مشروع التعليم الإجباري للبنين والبنات
• صبغ الإدارة المصرية بالصبغة المصرية عن طريق إحلال الموظفين المصريين محل الموظفين الأجانب
• تخليص الحياة الاقتصادية من السيطرة الأجنبية
• تشجيع الحركة الوطنية في السودان التي تسعي لوحدة مصر والسودان وتحرير وادي النيل من الانجليز
اشتعلت الحركة الوطنية في مصر والسودان بسبب هذه السياسة الأمر الذي أغضب الحكومة البريطانية التي كانت تهدف لفصل السودان عن مصر
لذلك فشلت المفاوضات التي جرت ما بين سعد زغلول والمستر مكدونلد رئيس الحكومة البريطانية والتي كانت تهدف لتحقيق الاستقلال التام لمصر ولبريطانيا مصالحها بسب
• اصرار بريطانيا علي التدخل في شئون مصر الداخلية
• السيطرة علي سياسة مصر الخارجية
• اصرارها علي بقاء القوات البريطانية في منطقة قناة السويس
(-_-) (-_-) (-_-) (-_-) (-_-)
قتل السردار ( لي ستاك ) وآثاره
ترتب علي هذا الفشل قيام المصريين باغتيال السير ( لي ستاك ) قائد عام الجيش المصري ( السردار ) متصورين أنهم بذلك يخدمون مصلحة مصر .. ولكن في الحقيقة أضروا بمصلحة مصر جدا . حيث أدي هذا إلي إسقاط أول حكومة شعبية منتخبة بإرادة الشعب وهي ( وزارة سعد زغلول )
وقد انتهز الانجليز هذه الحادثة فرصة لهم . وقدموا لسعد زغلول انذار شديد اللهجة تضمن الآتي
• دفع تعويض نصف مليون جنيه
• سحب الجيش المصري من السودان " مما يعني فصل السودان عن مصر من الناحية الفعلية "
• أمرت بريطانيا قواتها باحتلال جمارك الإسكندرية
الأمر الذي أرغم سعد زغلول علي تقديم استقالة وزرائه إلي الملك الذي عهد برئاسة الوزرارة إلي ( أحمد زيور باشا ) الذي قبل شروط الإنذار البريطاني
انتكاس الحركة الوطنية بعد مقتل السردار
انتهز الملك فؤاد الصدام بين الوفد والانجليز ليحكم البلاد حكما ديكتوريا مستندا بذلك إلي تأييد الانجليز . .
وأوعز إلي زيوار باشا بالآتي
• بحل مجلس النواب المنتخب من الشعب
• والتدخل في الانتخابات العامة التي جرت يعد ذلك
ولكن الشعب أظهر مساندته وثقته بالوفد ففاز الوفد في الانتخابات . فقام الملك بانتهاك الدستور حيث قام بحل مجلس النواب الجديد في نفس يوم انعقاده ...... فكان ذلك بداية عبث الملك بالدستور والحياة الدستورية
أدرك الشعب المصري أن الحكم الدكتاتوري يشل حركته ويعطل طاقته في مواجهة الاحتلال البريطاني فواجه ذلك برفع شعاري مطلب الدستور والاستقلال التام حيث أن الشعب يدرك أن الحكم الدستوري هو المدخل إلي الاستقلال ... وكيف يستطيع مطالبة بريطانيا بالاستقلال التام وهو مقهور بالداخل وخاضع لنظام ديكتاتوري
لذلك أصبح شعار الحركة الوطنية هو ( الاستقلال والدستور ) وتكاتفت الاحزاب لاستعادة الحكم الدستوري
فعقد النواب والشيوخ اجتماعا في فندق الكونتننتال بالقاهرة في نوفمبر 1925 أعلنوا فيه بطلان القرار الذي اتخذه الملك بحل مجلس النواب وأعلنوا تمسكهم بنيابتهم عن الأمة وعدم الثقة بالوزراء
موقف انجلترا من اجتماع النواب والشيوخ
ازاء هذا الإجماع ونظرا لما تبين لإنجلترا عجز الملك عن فرض حكمه الديكتاتوري . وتزايد التذمر الشعبي تم الآتي
• أصدروا أوامرهم للملك بعودة الحياة النيابية
• بناء عليه جرت انتخابات عامة في مايو 1926 ( حرصت فيها الأحزاب علي عدم التنافس منعا للانقسام )
• فاز فيها الوفد بالأغلبية
• عندما أراد سعد زغلول تأليف الوزارة تدخل الإنجليز لمنعه من ذلك
• أرسلت انجلترا قطعا بحرية إلي الإسكندرية للتهديد بالتدخل بالقوة
• تولي عدلي يكن باشا رئاسة وزارة ائتلافية من الوفد وحزب الأحرار الدستوريين
• انتخب سعد زغلول رئيسا لمجلس النواب ومصطفي النحاس وويصا واصف وكيلين للمجلس
ثم توفي سعد باشا في أغسطس 1927 وخلفه مصطفي النحاس باشا في رئاسة الوفد فحدث انقلاب أحزاب الأقلية علي الائتلاف في يونيه 1928
كلف الملك " محمد محمود باشا " رئيس حزب الأحرار الدستوريين برئاسة الوزارة