كتب: محمد جاد
استقبلت أسواق المال العالمية صباح اليوم الخميس الخطوة التاريخية لمجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي مساء أمس برفع سعر الفائدة ربع نقطة مئوية للمرة الأولى في نحو 10 سنوات بقدر من التفاؤل، كونها تعكس تعافي الاقتصاد الأمريكي من الأزمة المالية، أكبر اقتصاد في العالم.
وارتفعت الأسهم اليابانية إلى أعلى مستوى لها في أكثر من أسبوع اليوم الخميس، حيث أغلق مؤشر نيكي مرتفعا 1.6%. كما صعد مؤشر يوروفرست 300 الأوروبي 1.8% في باية تعاملاته اليوم، في حين زادت مؤشرات داكس الألماني وكاك الفرنسي وفاينانشال تايمز 100 البريطاني بين 1.4 و2.1%. وقفزت البورصة السعودية أيضا بنسبة 2.15%، وسوق دبي بنحو 1.53%، والبورصة المصرية 2.5%.
وبينما تعد تلك الخطوة مؤشرا على تعافي الاقتصاد الأمريكي من أزمة 2008، لكن لا تزال هناك شكوك حول تأثيراتها السلبية على تكاليف الديون وعملات الأسواق الناشئة وهي أبرز التداعيات التي قد تتأثر بها مصر.
ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن رئيسة مجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، جانيت يلين، بعد الإعلان عن خطوته التاريخية قولها إن "هذه الخطوة مؤشر على نهاية سبع سنوات غير اعتيادية".
وأضافت جانيت أن الخطوة تعتبر أيضاً "إقرارا بالإنجازات التي تم تنفيذها بصدد استعادة الوظائف، وزيادة الدخول وتيسير الضائقة الاقتصادية لملايين الأمريكيين".
كانت سياسة الإبقاء على الفائدة الأمريكية منخفضة، لتقترب من الصفر، إحدى الأدوات الرئيسية التي اعتمدت عليها الولايات المتحدة بعد أزمة 2008 لمواجهة الركود الاقتصادي، حيث يساعد التمويل الرخيص على تنشيط حركة الاستثمار.
ولكن السنوات السبع غير الاعتيادية التي تحدثت عنها جانيت كان لها آثار واسعة خارج حدود الولايات المتحدة، فالفائدة المنخفضة في أمريكا كان يقابلها معدلات مرتفعة للفائدة في الأسواق الناشئة مما دفع العديد من رؤوس الأموال الباحثة عن الربح للتوجه لتلك الأسواق.
ومنذ أن بدأت التوقعات بعودة الفدرالي الأمريكي لزيادة الفائدة مجددا سادت حالة من القلق في الأسواق الناشئة.
وبالرغم من المخاوف السابقة للأسواق الناشئة من أن تنعكس الخطوة الأمريكية عليهم سلباً، إلا أن أغلبية أسواق المال، حتى الناشئة منها، احتفلت بالخطوة اليوم التي تعكس تعافي الاقتصاد العالمي.
وعقب الإعلان عن رفع الفائدة الأمريكية، أسرعت كل من السعودية والكويت والبحرين بالإعلان، أمس الأربعاء، عن رفع أسعار الفائدة أيضاً بواقع ربع نقطة مئوية.
كما رفع مصرف الإمارات المركزي اليوم الخميس سعر الفائدة على شهادات الإيداع بواقع 25 نقطة أساس.
ويقول يوسف بشاي، مدير الأعمال المصرفية ببنك بي إن بي باريبا في مصر لأصوات مصرية، إن "الخطوة السعودية (برفع سعر الفائدة) كانت متوقعة ولكن ليس بهذه السرعة" موضحا أن هدف هذه الخطوة هو "الحفاظ على ارتباط تقييم عملة الريال بالدولار".
وليست العملة المصرية بعيدة عما يدور في أمريكا أيضا إذ يقول بشاي إن "الخطوة الأمريكية ستدعم من قوة الدولار مما سيفرض ضغوطا على الجنيه المصري قد تدفع البنك المركزي في وقت لاحق لتخفيض العملة المحلية".
ويضيف بشاي أن رفع الفائدة الأمريكية قد يجعل سرعة تدفق السيولة الدولارية لمصر أبطأ من ذي قبل، مشيرا إلى أن زيادة الفائدة المصرية قد تعادل الخطوة الأمريكية وتحافظ على جذب رؤوس الأموال.
ومن المقرر أن تجتمع لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري اليوم الخميس، في اجتماع دوري تعقده لأخذ قرار بشأن سعر الفائدة.
وبينما توقع بعض المحللين والاقتصاديين أن يقوم المركزي المصري برفع سعر الفائدة في اجتماع اليوم، فإن البعض الأخر رجح الإبقاء على معدلات الفائدة دون تغيير.
وفي اجتماعه السابق في 27 أكتوبر أبقى البنك المركزي سعر الإيداع لأجل ليلة واحدة عند 8.75 بالمئة وسعر الإقراض عند 9.75 بالمئة للمرة السادسة على التوالي.
وفي بداية نوفمبر الماضي فاجأ بنكا الأهلي ومصر الحكوميان السوق بطرح أوعية ادخارية جديدة بفائدة 12.5 بالمئة بأجل زمني 3 سنوات، وتبعتهما بنوك حكومية وخاصة، وهو ما فسره خبراء وقتها برغبة البنك المركزي في تعزيز قيمة الجنيه وتقليل معدلات الدولرة وتشجيع حائزي الدولار على بيعه والاستفادة من العائد المرتفع على الجنيه.
ويشير بشاي إلى أن زيادة الفائدة الأمريكية سترفع من تكاليف الديون الدولارية للأسواق الناشئة ومن ضمنها مصر، إلا إذا انخفضت هوامش المخاطر على سندات الأسواق الناشئة في الفترة المقبلة مما يعادل أثر ارتفاع الفائدة الأمريكية.
ولن تكون الخطوة الأمريكية بزيادة سعر الفائدة ربع نقطة مئوية هي الأخيرة، إذ يتوقع المتعاملون في أسواق المال زيادة ثانية في إبريل المقبل
aswatmasriya