إذا كان العالم الآن على وشك الدخول فيما أطلق عليه (عصر الإنسان الآلي )، وذلك بعد أن حقَّقت تكنولوجيا الإنسان الآلي تقدما سريعا على مدى السنوات القليلة الماضية، فإنَّ مصادرنا الإسلامية تُشِير إلى أن البداية في ذلك كانت في عصر الحضارة الإسلامية .. وقد كان ذلك على يَدِ عالم الحيل الهندسية بديع الزمان أبي العز إسماعيل بن الرزاز الجزري، الذي عاش في القرن السادس للهجرة ..
فهو أَوّل من اخترع الإنسان الآلي المتحرِّك للخدمة في المنزل؛ حيث طلب منه الخليفة أن يصنع له آلة تُغْنيه عن الخدم كلما رغب في الوضوء للصلاة ، فصنع له الجزري آلة على هيئة صبي منتصب القامة، وفي يده إبريق ماء، وفي اليد الأخرى منشفة، وعلى عمامته يقف طائر، فإذا حان وقت الصلاة يُصَفّر الطائر، ثم يتقدَّم الخادم نحو سيده، ويصب الماء من الإبريق بمقدار معين، فإذا انتهى من وضوئه يُقدم له المنشفة، ثم يعود إلى مكانه، والعصفور يغرّد [1]!
[1] المصدر: كتاب الجزري – الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل.. وقد ترجم دونالد هيل هذا الكتاب إلى الإنجليزية عام (1974م)، ووصفه مؤرخ العلم المعاصر (جورج سارتون) بأنه أكثر الكتب من نوعه وضوحًا، ويمكن اعتباره الذروة في هذا النوع من الإنجازات التقنية للمسلمين. انظر: أحمد فؤاد باشا: التراث العلمي الإسلامي ص31.