|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10158 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: قصص بهلول 20/9/2008, 02:07 | |
| سأقدم لكم مجموعة من قصص لبهلول ، لكن في البداية سأعرف لكم بهلول
لعلّ أكثرنا عندما يسمع بـ اسم بهلول .. يتوارد لذهنه انه شخصية فكاهية ..وانه مثالٌ للجنون أو الضحك والإستهزاء .. وربما يعتقد البعض ان بهلولاً هو شخصية خيالية.. و وهمية..لكن بحقيقة الامر.. هو شخصية تاريخية حقيقية ..وسنذكر في السطور الآتية نفحات من حياة بُهلول ودلالات على انه عاقل .. ادعى الجنون ولكنه ليس بمجنون.. ادعى الجنون في ظل ظروف اضطرارية اجبرته على ذلك "سنطلّع عليها الآن" !!!
"بهلول" .. هو .. حقاً ... " اعقل المجانين"...
من هو بهلول ؟ : هو ابو وهب.. بهلول بن عمرو بن المغيرة الصيرفي .. وُلـِـدَ في الكوفة في العراق ،و كان الخليفة في ذاك العصر هو هارون الرشيد...بهلول عاصر في حياته الإمامين جعفر بن محمد " الصادق" و ابنه موسى بن جعفر "الكاظم" ..كان البهلول من اصحاب الامام الصادق و من خواص تلامذته كاملاً في فنون الحكم والمعارف والآداب وكان البهلول من المفتين على طريقة أهل الحق في زمانه ومقبولاً عند العامة أيضاً . كان معروفاً بالنوادر... والنادرة هي : خبر قصير يشبه الحكاية المضحكة وهو نوع من أنواع الفكاهة، و لابد من توفر " الذكاء " في قائلها وسامعها وقد تكون عميقة وقد تكون سطحية. وتقدير ذلك يدل على رقي أهلها الاجتماعي والسياسي والنفسي .. اي ان بهلولاً بـ قوله النوادر العميقة يدل على ان الذكاء يتوفر به ...
علاقة بهلول بـ الخليفة هارون الرشيد .. سبب تكونها وشكليتها!!:: سنة ( 188هـ ، 802م ) التقى بهلول بـ الرشيد في الكوفة فأعجب به الرشيد وجعله من بعض خاصته ليسمع نوادره .. أي أنه ليس برغبة من بهلول أصبح من خاصة الرشيد .. وإنما بأمر و رغبة من الرشيد نفسه وهذا الامرُ كان السببَ في ان يصبح بهلول على علاقة وثيقة بهارون الرشيد .. بحيث انه دائماً ما كان البهلول يكون مع الرشيد في مجالسه بالرغم من انه كان من اعدائه لا انصاره هذه شكلية العلاقة بينهما... سبب ادعاءهـ الجنون : كان الخليفة هارون الرشيد يسعى الى قتل الاِمام الكاظم وهو سابع ائمة اهل البيت ، وكان الرشيد يحتال في ذلك اذ ان الامام الكاظم بريء ولم يكن مذنباً بـ شئ لذا ان اصدار اي قرار ضد الامام الكاظم هو ظلم وبهتان ، لكن الرشيد اراد قتله وفقاً لـ قرار رسمي يتم اصداره بـ تأييد علماء مفتيين و بـ موافقة قاضٍ..لكي يكون قرار القتل نزيهاً "ظاهرياً"..الا انه سيبقى "ظلماً" باطنياً وواقعياً... أرسل الرشيد إلى حملة الفتوى يستفتيهم في إباحة دم الامام الكاظم "متهماً" إياه بإرادة الخروج عليه وحاول جاهداً كسب تأييدهم لقراره ذاك واقناعهم بالافتاء والموافقة على القرار المذكور ، وكان البهلول احد اولئك العلماء المفتيين البارزين ، فخاف البهلول من هذا واستشار الامام الكاظم فأمره الامام بإظهار الجنون ليسلم من عقاب الرشيد له اذا ما رفض التوقيع على القرار ، اضافة الى ان الرشيد لم يرد ان يستفتي بهلول الذي هو من ضمن المفتيين وحسب بل ايضاً أراد الرشيد من البهلول ان يتولى القضاء، فأبى البهلول ذلك ، وأراد أن يتخلص من الرشيد ومن حكمه وظلمه فاظهر الجنون.
كيف تظاهر البهلول بالجنون؟؟: لما طلع صباح احدى الايام...تجانن البهلول وخرج من بيته راكباً قصبة ودخل بها السوق وكان يردد و يقول: طرقوا خلوا الطريق لا يطأكم فرسي ، فقال الناس: "جـُـنَّ بهلول"، فقال هارون الرشيد: ما جنّ ولكن فرَّ بدينه منـّـا ( نستنج من هذا القول انّ هارونَ الرشيد كان يعلم بـ ان بهلولاً لم يجن .. ويعلم بـ انها كانت تظاهرة من بهلول لكي يفرَّ بدينه من حكم الرشيد نتيجة رفضه لـ تولي القضاء ورفضه التوقيع على قرار الرشيد ضد الامام الكاظم..لان البهلولَ لم يرد ان يوقع على ورقة من شأن مضمونها اصدار قرار ظلم وبهتان كان يريده الرشيد ضد الامام الكاظم.. ولكن الناس لم تعي ذلك..بل صدقت وآمنت انّ بهلولاً حقاً قد جن ...). وبقي بهلول على ادعاءه ذاك إلى أن مات ، ويظهر من أخباره ومناظراته انّه كان من أهل الموالاة والتشيع لاَهل البيت عن بصيرة نافذة، وله كلمات حسنة ومواعظ بليغة وأشعار رائقة ورائعة .
نتائج ادعاءه الجنون : بسبب ادعاءه الجنون اشتهر بهلول أمام الملأ بأنه فعلاً مجنون ولكن من الجدير ذكره انه كان على نقيض ذلك ؛ فنراه الرجل السياسي ؛ يصوغ الحكايات والنوادر المضحكة ضد الحكام ... يستشعر المرء من خلال شخصيته أنه يستخدم لغة المجانين في إيصال الرسالة أو إيصال الفكرة ؛ في فترة "ادعاءه الجنون" كان يكثر البهلول من الذهاب الى المقابر لعلّ سبب ذلك هو رغبته في الانفراد والابتعاد عن استهزاء الناس بـ قولهم "جن بهلول"..وكونه عاقلاً سينزعج جداً من نعته بالجنون حتى ولو كان هذا النعت منطقي نظراً لـ ادعاءه الجنون .. اذاً فضّـل البهلول الابتعاد والبقاء بين المقابر على سماع مثل هذا الاستهزاء الجارح ..
شعره :- يـا مـن تمتع بالدنيا وزينتها ولا تنام عن اللذات عيناه شغلت نفسك فيما ليس تدركه تقول لله مـاذا حين تلقاه وقال للرشيد يوماً: هب أنك قد ملكت الاَرض يوماً ودان لك العباد فكان ماذا ألست تـصير فـي قبر ويحث وعليك ترابه هـذا وهذا
وفاته:- قيل توفي سنة 190 هـ، وقبره ببغداد. |
|
| |
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10158 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: قصص بهلول 20/9/2008, 02:10 | |
| ... العروج إلى السماء ..
كان هارون الرشيد كثير المزاح مع بهلول ، وأيضاً كان من يحضر في القصر من القادة وغيرها يمزحون مع بهلول . حاول بعض الحاضرين يوماً فتح باب المزاح مع بهلول فقال : " هل تعلم ماذا فعلت؟" قال بهلول : " عم يتحدث حضرتكم؟" قال الرجل " تشبهت بالمجانين واخذت تجول الأسواق و الطرقات حافي القدمين فقد جعلت نفسك بذلك سخريةً للناس " قال بهلول من دون امتعاض:"تفضلوا إن امكنكم عرفوا لي نفسكم " قال الرجل : " من العجيب أنك لا تعرفني ، ألم تعلم أني من المقربين في دولة هارون الرشيد؟". تبسم بهلول وقال : "إن كان لك مقام عند هارون فهل لك مثل ذلك المقام عند الله تعالى ؟!". قال الرجل - وقد وجد بذلك فرصة التعريف بنفسه -: " لي عند الله درجةً من القرب والمنزلة بحيث صرت اعرج إلى السماوات وبعد مدة من السير فيها انزل إلى الأرض ". قال بهلول : هل ضرب وجهك شيء ناعم عند عروجك إلى السماء ؟" قال الرجل بلا تأمل " نعم ضرب وجهي ما تصف كراراً " وبعد هنيئة قال الرجل " أعتقد أن الذي ضرب بوجهي جناح الملائكة؟" قال بهلول : " أقسم بنفسك الشريفة أن الذي ضرب وجهك هو ذيل حماري " ضحك الحاضرون من الرجل وحسنوا عقل بهلول وفطنته .
|
|
| |
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10158 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: قصص بهلول 20/9/2008, 02:13 | |
| ...بهلول مع الناس...
وقف بهلول يوماً في ساحة بغداد فاجتمع حوله خلق كثير ثم صعد على مرتفع هناك ، وقال : (( ايها الناس ،هل تعلمون ما الذي اريد أن اكلمكم به ؟)).
أجابوه جميعاً بصوتٍ واحدٍ : ((كلا، لا نعلم ذلك)).
قال بهلول : (( ماذا أقول لكم وأنتم لا تعلمون؟)) ثم نزل وانصرف.
في اليوم التالي ذهب إلى نفس المكان الأول وصعد على المرتفع فاجتمع حوله الناس ، فقال : (( ايها الناس ، هل تعلمون ما الذي اريد أن اقول لكم ؟))
أراد الحاضرون ان لا يجيبوه بجواب اليوم الأول ، فقالوا: نعم ، نعلم ماذا تريد أن تقول ))
فقال لهم : ((إن كنتم تعلمون ذلك ، فما الحاجة إلى قولي ، وماذا اقول لكم ؟)).
ثم نزل وانصرف.
وفي اليوم الثالث اجتمع حوله الناس وصعد فيهم ،ثم قال ((هل تعلمون اليوم ماذا أريد أن اقول لكم ؟)).
انقسم الحاضرون - بعد مشورةٍ بينهم - إلى فريقين ، فريق قال : نعلم ماذا تريد ان تقول ، وفريق آخر قال: لا نعلم.
قال بهلول : ((حسناً فيخبر الذين يعلمون ماذا اريد ان اقول للذين لا يعلمون)).
ثم نزل وشق طريقه منصرفاً. |
|
| |
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10158 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: قصص بهلول 20/9/2008, 02:15 | |
| ....جزاء الوالي…
دخل بهلول يوماً إلى دار الحكومة في الكوفة ، فجلس على مسند الوالي وأخذ يقلد الوالي في أفعاله ، فلما رآه الحرس والحجاب ضحكوا عليه ، ثم ادركو أن الوالي لو دخل عليهم ووجد بهلول جالساً على مسنده سوف يبدل ضحكهم إلى بكاء ، لذا هرعوا إلى بهلول – بعد أن نصحوه أن ينزل من مسند الوالي فامتنع – وأخذوا يضربونه حتى أنزلوه .
ذهب بهلول إلى زاوية من القصر وصار يبكي ، وفي هذه الأثناء دخل الوالي فرأى أن وضع القصر غير طبيعي ، سأله رئيس الحرس وقال : " ما الذي يحدث؟".
قال رئيس الحرس – بعد أن انحنى تعظيماً للوالي -: " سيدي ، إن بهلولاً جلس على مسند الخلافة ، فلما وعظناه بالنزول عنه امتنع، ثم اضطررنا إلى ضربه ".
ذهب الوالي إلى بهلول فوجده يبكي ، قال له : " عليك بالصبر، فإن الذي يعمل عملاً مخالفاً للقانون عليه أن يوطن نفسه لمثل ذلك ".
قال بهلول :" أيها الوالي إني لا أبكي على نفسي ".
تعجب الوالي لذلك وقال : " فما السبب في بكائك ؟".
قال بهلول :"إني جلست على مسندك دقائق فنزل بي من العذاب ما ترى ، فكيف بك وقد جلست عليه سنوات ، فانه لا يعلم ما ينزل بك من العذاب إلا الله ". |
|
| |
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10158 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: قصص بهلول 20/9/2008, 02:18 | |
| ...كلب الصيد...
كان والي الكوفة مضرباً للمثل بين الناس في الخسة والبخل لكن لم يجرأ أحد أن يقول ذلك للوالي .
وذات يوم كان الوالي مرتاح البال فأخذ يبحث عن شيء يلهي به ، فصمم أن يدعو بهلولاً إلى القصر ليقضي معه يوماً سعيداً .
هذا مضافاً إلى أن مثل هذا اللهو لا يكلف الوالي شيئاً ، لذا أمر نفراً من الحرس ليأتوه ببهلول ، فقال: (( اذهبوا واتونا ببهلول )).
ذهب الحرس في طلب بهلول وجاءوا به إلى قصر الخلافة ، فلما وقع نظر الوالي عليه فتح معه حديث المزاح لكنه في كل مرة كان يسمع جواباً صارخاً من بهلول ، بحيث كان أصدقاء الوالي يضحكون في قلوبهم على ما صار يعاني منه الوالي من أجوبة بهلول .
أراد الوالي التخلص من بهلول بشكل من الأشكال بحيث يجعل بهلول يغادر بنفسه القصر ، فقال الوالي له : (( سمعت بأنك تعرف الكلاب جيداً )). قال بهلول : (( لعل الأمر كذلك ، فهل معرفة الكلاب تقدم خدمة للوالي ؟)).
قال الوالي : (( أنت تعلم بأني أحب الصيد كثيراً ، لذا أريد منك أن تبحث لي عن كلبٍ جيداً للصيد)) . قال بهلول : (( سوف أفعل ذلك)).
قال الوالي – وهو يريد من بهلول الانصراف بسرعة - : (( نعم تستطيع أن تبدأ البحث عنه من الآن )) . قال بهلول : (( حسناً ، سأذهب ثم أعود بعد أيام مع الكلب الذي أردته )) .
وبعد أيام جاء بهلول ومعه كلب سمين جداً إلى قصر الخلافة وهو يجر به ، فلما رآه الوالي صاح به بغضب : ((هل جننت ؟)) .
أجابه بهلول بسكينة : (( ولماذا أجن؟ )) !.
أشار الوالي بيده إلى الكلب وقال : (( هل تعرف صفات كلب الصيد؟)).
قال بهلول : (( نعم أعرف ذلك )).
صاح به الوالي وقال : (( فما هي صفاته؟)).
قال بهلول: (( لا بد أن يكون كلب الصيد نحيفاً وخفيفاً ليتمكن من افتراس صيده بسرعة)). قال الوالي : (( إن مما يدعو للأسف إنك تعلم ذلك ، ومع ذلك جئتنا بكلبٍ سمين )).
أجابه بهلول وقال : (( لا تغضب يا حضرة الوالي ، إنك مع البخل المعروف عنك بين الناس ستجعل من هذا الكلب كلباً للصيد في أسبوع واحد لما سيبلغ من الهزالة والضعف بحيث لا يقاس به كلب صيدٍ آخر)).
ولما نظر الحاكم إلى من حوله وقد كانوا يؤيدون كلام بهلول برؤوسهم ، صاح الحاكم بهم : (( هل تعرفون عني البخل ؟)).
أجابه الحاضرون في القصر بأجمعهم من حيث لا يشعرون : (( نعم يا مولاي)).
صاح بهم بغضب : (( ثكلتكم أمهاتكم )) ثم انصرف عنهم لكي لا يرى منهم الهمز واللمز بسبب ما حدث. |
|
| |
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10158 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: قصص بهلول 20/9/2008, 02:20 | |
| ...وهبتك ما رأيت في المنام …
أراد رجل أن يمكر ببهلول – وكان يعرفه ويعرف صفاء نيته وطهارة قلبه – ولعل ذلك هو الذي دعا هذا الرجل إلى تنفيذ ما يدور في رأسه من أفكار.
وذات يوم رأى هذا الرجل بهلولاً فسلم عليه فرد بهلول السلام .
وقال الرجل : " رأيت البارحة في المنام رؤياً عجيبة " .
قال بهلول : " خيراً إن شاء الله ، وماذا رأيت ؟ " .
قال الرجل : " رأيت كأنك وهبتني مئة دينار من الذهب ".
علم بهلول بما يدور في نفس الرجل ، فضحك قليلاً وقال : " نعم ، الأمر على ما وصفت ، لكني لا أريد أن استرد ما وهبتك إياك في المنام " .
خجل الرجل وانصرف ، لكنه علم أن لبهلول عقلاً أكبر من عقله وأكثر إدراكاً . |
|
| |
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10158 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: قصص بهلول 20/9/2008, 02:22 | |
| ...اللغز الهارونى…
كان هارون الرشيد قد أجاز الدخول لبهلول عليه كل حين ومتى شاء ، وذات يوم كان هارون مجتمعاً بعددٍ من كبار رجال دولته والمقربين منه ، فدخل عليهم بهلول القصر بلا أدن أحد ، وجلس إلى جانب هارون .
كان سلوك بهلول في ذلك اليوم مؤذياً لهارون ، لكنه ما دام قد أذن له بالدخول متى شاء لم يتمكن من إخراجه من القصر .
كان بهلول في ذلك المجلس يقلد أفعال هارون حيث كان واضعاً إحدى رجليه على الأخرى فوضع بهلول إحدى رجليه على الجانب الأخر أيضا مقلداً في ذلك هارون ، ضحك الحاضرون في المجلس من فعل بهلول الذي كان يؤذي هارون لحظة بعد أخرى ، وفجأة خطر بذهن هارون فكرة يمكنه من خلالها تأديب بهلول ، قال هارون : (( لا بدلك من الجواب على هذا اللغز ما دمت جالساً إلى جانبي )) .
قال بهلول : (( إذا لم ترد التخلص من الجائزة كما فعلت ذلك معي مراراً أجبتك عن اللغز )) .
أراد هارون أن ينتهر بهلول وأنه متى تخلف عن وعده ، لكنه سرعان ما تذكر أن بهلولاً صادق فيما يقول لأنه – أي هارون – أخلف وعده لمرات عديدة معه ، لذا حاول التعامل مع بهلول بهدوء وقال : (( إن أجبت عن هذا اللغز أمرنا لك بألف سكة ذهبية ، وأما إن لم تجب عنه فسوف نأمر بحلق لحيتك ثم نضعك على حمار ويدار بك أزقة المدينة )) .
قال بهلول : (( لا حاجة لي بالذهب ، لكني مستعد للجواب عن اللغز بشرطٍ واحد )) .
قال هارون – بعد هنيئة - : << لنرى ما هو شرطك ؟>>.
قال بهول : (( إن أجبتك عن اللغز أريد منك أن تأمر الذباب بعدم التعرض لي وإيذائي )).
لما أدرك هارون أن بهلولاً بشرطه هذا يريد إثبات عجز – هارون – ووضعه ، ضحك قليلاً ثم قال : (( لا يمكن العمل بشرطك ، لان الذباب ليس بأمري )).
حرك بهلول رأسه مؤيداً كلام هارون ثم قال : (( لا ينبغي لي أن أتوقع مع شخص ضعيف وعاجز أمام الذباب شيئاً ، لا بد من البحث عن أحد يتمكن أن يأمر الذباب بذلك )) .
حسن الحاضرون فعل بهلول في قلوبهم دون ألسنتهم لأن كلامه هذا ينم عن عقله وحسن تدبيره .
ولما علم بهلول أن كلامه أثر في هارون – الذي صار لونه يتغير لحظة بعد أخرى من شدة الضربات التي صار يواجهها من بهلول – قال : (( أنا مستعد الآن أن أجيبك عن اللغز بدون أي شرط )).
ولم أحس هارون بأنه خاسر في هذا الجدال لم يكن يحب أن يطيل الكلام أكثر مع ذلك مع بهلول ، فقال : (( ما هي الشجرة التي لها من العمر سنة واحدة ، ولها من الفروع والأغصان اثنا عشر ، وعلى كل غصن منها ثلاثين ورقة ، وفي وجه من وجوه كل ورقة ظلام وفي الوجه الآخر منها ضياء ونور ؟.)).
أجابه بهلول بدون أي تأمل : (( أما الشجرة فهي السنة ، وأما أغصانها فهي الأشهر ، وأما ما كان في وجه أحد أوراقها الظلام فهو الليل والآخر النهار )) .
لم سمع هارون بذلك لم يكن له بد من القبول ، فإذا به رفع صوته وقال : (( أحسنت ، أحسنت )).
وهكذا الحاضرون قالوا مثل ما قال هارون ، ثم خرج بهلول من القصر وهو لم يعتن بهذا التهريج ولم يبالٍ بأحدٍ من الحاضرين . |
|
| |
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10158 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: قصص بهلول 20/9/2008, 02:25 | |
| ...أي الملابس أفضل …
كان هارون الرشيد يبث عيونه وجواسيسه في المجتمع ليأتوه بأخبار مخالفيه وليكون على علم من عقائدهم ومذاهبهم .
وذات يوم وشي ببهلول إليه بأنه من أتباع ومحبي الإمام موسى الكاظم عليه السلام . وحيث أن هارون الرشيد كان على حذرٍ شديد من الإمام الكاظم عليه السلام ، وأنه كان يسعى دائماً لمعرفة شيعته ومحبيه للقضاء عليهم ، ولما جاءه الخبر بأن بهلولاً ، من شيعة الإمام قرر إحضاره وإنزال العقوبة به ليكون عبرة للآخرين.
ولما أحضر ببهلول إلى القصر ، وقف أمام هارون – الذي كان الغضب مستولياً عليه – فقال له هارون : " سمعت بأنك من شيعة ومحبي موسى بن جعفر وأنك تسعى في خلافي ".
سكت بهلول ولم يتكلم بشيء ، وكان هذا السكوت مؤذياً لهارون ومثير لغضبه أكثر ، قال هارون : " تظاهرت بالجنون لتفر عن عقوبتنا لكني لست بتاركك ".
قال بهلول : " ما كنت تفعل إن كنت صادقاً فيما تقول ؟" كان هارون يتوقع من بهلول أنه بعد التهديد يقول شيئاً يظهر به تضوره من الإمام الكاظم عليه السلام ، لكنه فوجئ بما سمعه من بهلول ، وصمم هذه المرة إنزال العقوبة ببهلول ، ولكن أي نوع من العقوبة يمكن إنزالها ببهلول الذي كان من أرحام الخليفة هارون من جهة ، وأنه قد أشتهر بين الناس أن بهلولاً مجنون من جهة أخرى ، فلا يمكن إنزال أشد العقوبة به ، لأنه بعقوبته سيقول الناس بأن هارون لم يقدر إلا على المجانين .
وعليه، أخذ هارون يفكر في طريقة لعقوبة بهلول ، وأخيراً أمر بخلع ملابس بهلول وألبسة ما يسرج به الفرس ، ثم أمر بوضع لجام على فمه ، وأخذوا يدورون به المدينة. ولما عادوا ببهلول إلى القصر وأجري في حقه أمر الخليفة كان وزير هارون في القصر ، وحيث أن الوزير لم يكن يعلم بخبر بهلول وأنه لماذا يفعلوا به هكذا، قال : " ماذا فعل بهلول ؟!".
لم يجبه احد بشيء ، قام هارون من كرسيه ونفض ردائه بغرور ثم وقف أمام بهلول وقال : " الم تسمع ما قال وزيرنا، أجبه إذن". التفت بهلول إلى الوزير بكل وقارٍ وسكينةٍ ولم يبدو على وجهه آثار الإ نزجار من الخليفة ، ثم قال : " دعاني أمير المؤمنين وسأل مني شيئاً فأجبته جواب الحق ، فخلع أمير المؤمنين لأجل ذلك ملابسه الغالية وأهداها إلي ".
نعم ايها الأصدقاء ، لقد تغير وضع مجلس الخليفة بسماع هذا الكلام ، فلم يتمالك الجميع أنفسهم من شدة الضحك بمافيهم هارون فإنه ضحك ضحكاً كثراً.
وبعد لحظات هدأ المجلس ، ثم أمر هارون بخلع ما على بهلول من السرج واللجام ، وامر بإحضار خياطه الخاص ، وقال له : " أهد إليه أفضل ما خطته لي من الملابس ".
لكن وقبل أن يأتمر الخياط بأمر الخليفة قال بهلول :" لا حاجة لي بملابس الخليفة ".
ثم لبس ملابسه البالية وخرج من القصر . |
|
| |
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10158 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: قصص بهلول 20/9/2008, 02:28 | |
| ...صوت النقود ولونها ..
دخل رجل فقير مدينة بغداد وأخذ يتجول في أسواقها ، وكانت بغداد يومئذ عاصمة أكبر دولةٍ على البسيطة ، وكان فيها سوقاً عظيماً يجد الإنسان فيه كل ما يريد ، حتى كانت دكاكين شعبة من السوق الكبير مختصة ببيع الأطعمة بأنواعها ، بحيث كان بعض كسبة السوق يأتون كل يوم ليتناولون الطعام في هذه الشعبة من السوق .
ذهب الرجل الفقير إلى هذه الشعبة من السوق وشاهد فيها أنواع الأطعمة فازدادت شهيته ولم يتمكن من مقاومة نفسه مقابل رائحة الطعام الشهي ، ومن القدر أنه كان لرجلٍ دكاناً في السوق وكان قد عرض طعامه خارج دكانه والبخار يتصاعد من أعلى الطعام ، فيأتي بعض الزبائن فيشترون منه ، وكان صاحب الطعام يأتي بين الحين والآخر يبيع الطعام ثم يدخل الدكان .
فلما رأى الفقير ذلك وهو لم يملك شيئاً من النقود فكر مع نفسه فأخرج قطاً من الخبز اليابس الذي كان معه ثم وضعه على البخار المتصاعد من الطعام ليترطب ويأخذ رائحة الطعام ، فلما رأى صاحب الطعام – وكان طماعاً جشعاً – ذلك خرج من الدكان وجاء إلى الرجل الفقير مسرعاً وطالبه بثمن الطعام ، قال الرجل الفقير : (( وهل جننت ؟ ثمن ماذا أعطيك ... فهل أعطيتني طعاماً؟ )).
قال صاحب الدكان : (( هل تعترف أنك أكلت الخبز اليابس الذي وضعته على بخار طعامي ثم أكلته؟)) قال الرجل الفقير : (( نعم ، أكلت خبزي مع بخار طعامك المتصاعد إلى السماء )).
قال صاحب الدكان : (( إني أكتفي منك بأخذ ثمن البخار فقط )). وهكذا ارتفع صوتهما واشتد الشجار بينهما ، ومن حسن حظ الفقير أن مر بهلول واستمع إلى النزاع بينهما ، فقال بهلول لصاحب الدكان : (( أتعرف أنه لم يأكل من طعامك بل انتفع ببخاره ؟ )) . قال : (( نعم ، وأنا لم أدعٍ أكثر من ذلك )) .
قال بهلول : (( حسناً ، اسمع ..)) ثم أخرج من جيبه نقوداً وألقاها في الأرض ثم أخذها وألقاها وهو يقول لصاحب الدكان : (( خذ ثمن طعامك )) . فلما انتهى بهلول من ذلك ، قال له صاحب الدكان وهو متألم : (( ما هذا الذي فعلته؟)).
قال بهلول : (( دفعت إليك ثمن طعامك )) . قال صاحب الدكان : (( كنت أعتقد أنك تحكم بالحق ، أي ثمنٍ أعطيتني ؟ )). قال بهلول : (( لقد حكمت بالحق ، فإن الذي يبيع بخار طعامه ورائحته لا بد أن يكون ثمنه صوت النقود )) .
لم يتمكن صاحب الدكان أن يتكلم بشيء ورجع إلى محل عمله ، ثم أعطى بهلول ما كان عنده من النقود إلى الرجل الفقير ليشتري بها طعاماً ثم انصرف . |
|
| |
هويدا رأفت الجندى مراقب عام
عدد الرسائل : 4821 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 10158 ترشيحات : 11 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: قصص بهلول 20/9/2008, 03:13 | |
| ...استشارة العاقل والمجنون ...
كان البهلول وعلى عادته يمشي يوماً في أزقة بغداد ، فلقيه رجل تاجر ، فقال لبهلول " أريد استشارتك في أمر التجارة " . قال البهلول – وكان بيده خيزران ضرب بها كفه الأخرى بهدوء - : " وما الذي عدل بك عن العقلاء حتى اخترتني دونهم ؟ " ثم مكث هنيئةً فقال :" حسناً ، ما الذي أردت استشارتي فيه ؟ " قال التاجر – ولم يزل يرفع عينه من يدي بهلول - : " ‘ن عملي التجارة ، فأردت شراء متاع احتكره ثم أبعه لمن يدفع لي فيه ثمناً باهضاً ".
ضحك البهلول حتى بان ضرساه ، وقال : " إن أردت الربح في تجارتك فاشترٍ حديداً وفحماً " . شكره التاجر على ذلك وانطلق إلى السوق ، ثم فكر في كلام بهلول جيداً فرأى أن من الأفضل أن يأخذ بكلامه ، فاشترى حديداً وفحماً وأودعهما في المخزن ، حتى مضت عليهم مدة مديدة ولا زالا على حاليهما في المخزن ، ولما احتاج التاجر إلى ثمنهما وكان قد ارتفع تلك الأيام سعرهما، باعهما بأفضل ثمن ، وربح عليهما ربحاً كثيراً .
لكن وللأسف أيها الأصدقاء الأعزاء أثرت هذه الثروة على سلوك رجل قصتنا التاجر كما تؤثر غالباً على سلوك الكثير من الناس عند ثراهم ، حيث تجدهم يفقدون صوابهم ويتغير منطقهم وسلوكم ، فتراهم ينقلبون من هذا الوجه إلى ذاك الوجه .
وهكذا كان التاجر التاجر، فقد اغتر بنفسه غروراً عجيباً ، حتى لم يكد يعد للناس وزناً ، وأخذ يتحدث هنا وهناك عن عقله وذكائه وفطنته . وذات يوم مر التاجر ببهلول ، لكن التاجر لم يعر هذه المرة لبهلول أهمية ، ولم يشكره على ما أشار عليه سابقاً بل أثار بوجه بهلول الغبار ، وسخر منه ، وقال :" أيها المجنون ، ما الذي أشتريه واحتكر ليعود علي بالربح ؟ " .
ضحك بهلول وقال : " أشترٍ ثوماً وبصلاً وأودعهما في المخزن ". خطا التاجر خطوات ثم رجع إلى بهلول وقال بلغة الغرور والعجب : " عليك أن تفتخر بمشورة تاجر موفق وشهير مثلي إياك ". لم يجبه بهلول بشيء وبهت لجهل التاجر وغروره . رصد التاجر لشراء الثوم والبصل كل ما يملك من أموال ، وذهب صباح الغد إلى السوق لشرائها على أمل الربح الكثير ببيعهما . وبعد أشهر مضت على البصل والثوم – وهما في المخزن – جاء التاجر وفتح أبواب المخزن - وهو لا يعلم ما ينتظره من خسران مبين – فوجد الثوم والبصل قد تعفنا ونتنا ، حينها ضرب التاجر بكلتا يديه على أم رأسه وصاح " يا للخيبة ... يا للخسران". لم يكن أحد يرغب في شراء مثل هذا البصل والثوم المتعفنين ، بل لا بد من رميه في المزابل لان رائحتهما النتنة انتشرت في كل مكان ، مما أضطر التاجر أن يستأجر نفر ليحملوا هذا المتاع الفاسد إلى خارج المدينة ويدفنوه في الأرض . امتعض التاجر من بهلول وازداد حنقاً عليه وغضباً لأنه فقد رأس ماله بسبب بهلول ، فأخذ يبحث عنه في كل مكان حتى عثر عليه فلما رآه أخذ التاجر بتلابيبه وقال : " أيها المجنون ، ما هذا الذي أشرت به علي ، لقد أجلستني على بساط الذلة والمسكنة ". خلص بهلول نفسه من التاجر ، وقال : " ماذا حدث ؟". قص التاجر على بهلول – وصوته يرتعش من شدة الغضب – ما جرى له .
سكت بهلول عن التاجر هنيئة – وهو يعلم عم يتحدث التاجر – حتى سكت الغضب عنه ، ثم قال له :" لقد استشرتني أولاً فخاطبتني بخطاب العقلاء فأشرت عليك بما يشيرون ، لكنك لما أردت استشارتي ثانياً خاطبتني بخطاب المجانين فأشرت عليك بمشورتهم ، فاعلم أن ضرك ونفعك مخبئان تحت لسانك ، إن خيراً فخيراً وإن شراً فشراً ". أطرق التاجر إلى الأرض وهو لم يحر جواباً ، فتركه بهلول وانصرف عنه. |
|
| |
|