تنوعت تحليلات الصحافة الإسرائيلية لتطورات الهبة الجماهيرية الفلسطينية، إذ ركز البعض على السبب وراء عجز الأجهزة الأمنية الإسرائيلية في وقف الهجمات، في حين استرعى انتباه البعض الآخر الدور البارز الذي تقوم به مدينة الخليل في المواجهات، بينما تحدث آخرون عن وجود أسباب دينية وليست سياسية وراء هجمات الفلسطينيين.
ويقول الخبير العسكري لصحيفة معاريف آلون بن دافيد إن إسرائيل ما تزال تعيش حالة من العجز إزاء موجة العمليات الفلسطينية التي تستهدفها، ويشير إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو برأ هتلر من محرقة اليهود وجنده في الصراع مع الفلسطينيين، في حين منح قائد الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت تسهيلات للفلسطينيين في مناطق التماس لامتصاص غضبهم، وأعلن جهاز الشاباك أنه لا يملك حلولا سحرية لوقف العمليات.
ويرى بن دافيد أن التجارب الإسرائيلية من الانتفاضتين الفلسطينيتين السابقتين عامي 1987
و2000 ليست مشجعة كثيرا، لأن تل أبيب احتاجت سنوات لإعادة الهدوء، مضيفا أن الأمر يبدو اليوم أصعب مع وجود فتيان فلسطينيين مسلحين ببضعة سكاكين ويقودون عدة سيارات، ويتسببون بفقدان إسرائيل للأمن.
ووفق الخبير العسكري فإن المفاجئ هو أن بعض الإجراءات التي نفذتها مؤخرا أجهزة الأمن لم تؤد إلى وقف عمليات الطعن، ومن هذه الإجراءات إقامة جدار أمني في أحياء القدس، وهدم منازل منفذي العمليات، وقرارات إبعاد بعض عائلاتهم إلى غزة.
شبان من الخليل يرشقون جنود الاحتلال بالحجارة (رويترز)
مدينة الخليل
وفي سياق آخر، يتوقع المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت رون بن يشاي وقوع الأسوأ مستقبلا في مدينة الخليل، ويقول إن الإسرائيليين ما زالوا بعيدين عن السيناريو الأسوأ، ففي حال انضم مسلحو الأجهزة الأمنية الفلسطينية إلى ما يجري حاليا فحينها ستكون انتفاضة حقيقية.
ويرى المحلل العسكري أن حركة التحرير الفلسطينية (فتح) لم تشارك فعليا في الهجمات رغم أن أفرادها شاركوا في التحريض ضد إسرائيل.
ويستنتج بأن معظم العمليات التي نفذت في الأيام الأخيرة قام بها عناصر من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حتى لو لم تعلن مسؤوليتها عنها، ويضيف بن يشاي أن موجة التصعيد تستمر في الخليل لأنها المعقل الرئيسي لحماس، في حين أن الهدوء النسبي بدأ يعود للقدس، وتظل نابلس وهي كبرى مدن الضفة هادئة نسبيا.
ويقول بن يشاي إن تحقيقات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أظهرت أن نسبة كبيرة من منفذي العمليات في الخليل ينتمون لحماس، سواء كانوا معتقلين سابقين، أو أن لهم أقارب معتقلين في السجون الإسرائيلية.
تدابير المواجهة
وبالنظر إلى قوة الهبّة في الخليل، فقد سارعت سلطات الاحتلال -يضيف المحلل العسكري- لتكثيف حضورها في المدينة، وذلك باتخاذ تدابير ووسائل دفاعية وهجومية، ومنها نشر آلاف العناصر من الجنود والشرطة، وإقامة حواجز أمنية وجدران مؤقتة بين المناطق العربية واليهودية، وشن اعتقالات عشوائية ضد الفلسطينيين وتنفيذ عقوبات فورية صارمة ضد منفذي الهجمات.
من جانب آخر، يرى الكاتب اليميني في صحيفة "إسرائيل اليوم" درور إيدر أن الدافع وراء استمرار هجمات الفلسطينيين ضد الإسرائيليين ديني متصل بكراهية اليهود لأنهم يهود، وليس سياسيا مرتبطا ببقاء الاحتلال الإسرائيلي أو ممارساته.
ويضيف إيدر أنه من السهولة إجراء مقارنة بين حملة السكاكين التي ينفذها الفلسطينيون ضد اليهود وبين ما يقوم به تنظيم الدولة الإسلامية ضد أعدائه عبر ذبحهم، ليخلص إلى أنها أيديولوجية واحدة حتى وإن تعددت الأسماء والمظاهر.
http://www.aljazeera.net/