غياب الخلفية الثقافية
السرقة والسرق بمعنى واحد,, وكلاهما مشتق من الفعل سرق الشيء يسرقه سرقاًً, قال أبو المقدام
سرقت مال أبي يوماً فأدبني,.
وجُلَّ مالِ أبي ياقومنا سرقُ
والسارق عند أهلنا العرب من جاء متواريا ومستتراً إلى حرز فأخذ منه او اقتبس ما ليس له,, فإن أخذ من ظاهرِ فهو مختلس,, ومستلب ومُنتهب ومحترس, وإن منع فما في يديه فهو غاصب,, من هذه الزاوية أو الجانب المحتوي للسرقة تأتي السرقات الأدبية,, ولفظ السرقة في الأدب لايقف عند حد الاعتداء على أدب الآخرين والأخذ منه وإنما تتجاوز السرقة ذلك إلى أمور اخرى كالتضمين والاقتباس والمحاكاة والتحوير عكس المعنى دون الإشارة إلى ذلك,, فالسارق والسارقة لأي ابداع أدبي والسطو,, على متجر الأدب والفكر إنما هو نابع ومنبثق من غريزة، داخلية,, فعندما,, يتجرأ أي منهما فإنما يرجع لغياب الضمير الإنساني والنزعة الداخلية التي لايحكمها العقل لأنه في مدار خارجي,, جعل من غيابه القدرة دون ان يحتكم السارق أو السارقة اليه فليس امامهما, إلا كيف يكون مبدعا,, كيفو ومتى يرى اسمه يكتب,, حتى ولو كان تحت مظلة فكر غيره,.
اذاً غياب الضمير والوعي انما يرجع لأسباب قد يكون منها.
(1) العوامل النفسية وهذه العوامل تتعلق بما قد يصاب به الشخص من فقدان الثقة بالنفس وبالمواهب التي ربما تكون في فترة كمون داخلي ولم تجد العناية والالتفاتة الصادقة لها.
(2) العوامل الاجتماعية ولاشك ان أي شخص يريد ان يكون في مضوع يصبح من خلاله علماً في رأسه نار فعندما يكون هناك في الوسط الذي يعيشه السارق أو السارقة مبدع أو أديب يشار إليه بالبنان هنا تبدأ النزعة الداخلية للبحث عن القبول لدى المجتمع وان يكون محط اهتمام وسؤال, وليس هناك أجمل من قول,, فلان أو فلانة يكتب أو كاتب وينشر في صحيفة كذا,, يتصور كل شخص يفتقد للموهبة ولو كانت موجودة ولم يبحث عنها,, فيحاول لفت نظر المجتمع له,, وبالتالي,, تُعمى بصيرته ويحاول ان يكون كاتبا ولو كان على حساب غيره اذاً المجتمع له دور,, في جعل الشخص ينحو,, إلى حيث يريد ويشجع فنحن في تعاملنا مع من حولنا من مبدع أو اديب اواي فرد له نشاط ثقافي وفكري يكون له موقع خاص وتعامل راق ليس مجاملة أو نفاقا وانما تقدير للأدب والفكر والثقافة وبالتالي يخلق هذا مجال تنافس ومارثون ويكون عاملا اساسياً من عوامل خلط الخيوط الذهنية في مخيلة من يريد ان يكون كاتبا وبالتالي تضطرب نزعاته وهرموناته الداخلية وخاصة عندما يرى الإشادة او الإشارة لاي كاتب فيصبح في مهمة بحث عن ارضاء المجتمع بغض النظر عن العواقب التي يترتب عليها سطوه على فكر غيره أو ربما يكون تقليدا لغيره,, ويظل هذا النمط السلوكي خارج نطاق العقل والمنطق فالكاتب لابد ان يبتعد كل البعد عما يضعه في موضع الاتهام والتشهير , فالسرقات وان كانت قديمة فلا اعتقد انها تقليد, وخاصة للمواهب الناشئة والاسماء الجديدة التي تظهر بنتاج غيرها بحثاً عن الشهرة فقط,, قد يكون هناك تأثر بسرقات الكبار من الكتاب ولكن قد يكون ذلك بنسبة 20% كما اعتقد فالذي يدفع الكاتب الناشئ للسرقة وهو لايزال في بداية الطريق قد يكون:
(1) غياب النقد الذاتي ومحاسبة النفس والانقياد وراء الأضواء,.
(2) احلام اليقظة فيتصور نفسه كاتبا واسمه مكتوب امامه يتحدث عنه كل المجتمع خاصة الناس المقربين منه وبالتالي غياب الطاقة الوجدانية والخيال الذي يعيشه يجعله يقدم تحقيقاً لأحلامه خاصة عندما يتصفح جريدة امامه ويرى اسماء ومشاركات فهو في قرارة نفسه يجده غير بعيد عنهم في شيء,, فيخلق له عالمه الخاص دون الرجوع الى العقل الباطن والاهتمام فقط بالواقع الخارجي فيتكون لديه بلورات وجدانية اتخذت من الصور الذهنية والانطباعات الداخلية عمن يكتب كل هذا صنعت لدى الكاتب الناشئ قوة,, ولكن بشكل غير متزن ومدرس.
(3) التربية,, واذا رجعنا الى تعريفنا وهو مجموعة من العمليات الاجتماعية التي تعد الناشئة للانخراط في ركب المجتمع وهذه العمليات عبارة عن قوالب سلوكية جاهزة وانماط سلوكية محددة يجب عدم الخروج عن حدودها او تجاوزها, فاذا احكمت هذه التربية واحكم السلوك فإن الطفل الناشىء لم,, ولن يتجرأ على السرقة ولو سرقة حرف,, أو كلمة.
(4) قصر النفس: فالكاتب الناشئ يكون مستعجلا في التعبير ومحاولة التطور,, فلو اصطدم بكلمة حاول لأصبح في انكفاء,, ومحاولة في البحث عن طرائق اخرى,, ولو كانت السرقة,, لأن روح النفس والصبر عنده لم تنضج بعد,.
(5) النقص في النضج المعرفي,, فيظل الكاتب الناشىء بحاجة الى منهج سليم والى معرفة سديدة فلا بد من النمو الخيري,, وفقدان هذه المقومات احد العوامل التي تحد من نفس الكاتب وبالتالي عدم تقبله,, لأي موقف يتم إزاء ابداعه,, حتى ولو من باب التوجيه,, فاذا انعدم النضج المعرفي لديه,, انطفأ قبل ان يبدأ,, ولجأ الى السرقة.
(6) الخلفية الثقافية وغيابها يجعل الكاتب الناشئ غير جدير بالكتابة,, فلا تأتي افكار,, وآراء,, دون ان تقرأ,, وتبحث,, وتغوص في غياهب واغوار الكتب,, بعد ذلك وتحاول,, وستجد,, الطريق مفتوحا,, فاذا,, غابت الخلفية الثقافية, غاب الاسلوب,, والأداء,, وبالتالي يغيب الأداء الكتابي وبالتالي يكون الكاتب في غياب الوعي,, بما يدور وبما يجلبه على نفسه من الاعتداء على املاك الغير الفكرية فالسرقة وكيفية الحد من هذه الظاهرة,, ليس البحث عن الحد منها,, وليد اليوم,, وانما منذ العصور القديمة,, لأن السرقات قديمة,, فشعراؤنا الأوائل كان منهم السارق والمسروق,, ولهذا, لاتعجب حين يحدثنا الرواة أن شاعراً كبيراً كالفرزدق كان اذا,, اعجبه شيء من شعر معاصريه طلب الى صاحبه ان يتنازل عنه فاذا,, أبى توعده وهدده بالهجاء ثم أخذه عنوة وادعاه لنفسه وهو القائل عن السرقة : خير السرقة ما لايجب فيه القطع أي قطع يد السارق .
ونحن لا نستطيع ولن نستطيع أن نقطع يد أي سارق أو سارقة للأدب,, ولكن نستطيع,, أن نشهر به,, ونضعه في قائمة الذين,, لايجب التعامل معهم,, او النشر لهم,, فعندما,, يكتب اسم السارق او السارقة صريحاً تحت عنوان السارق والسارقة فان احدا ما كان لم,, ولن يرضى ان يكون موضع تهمة وخاصة في جريدة التي تهيم في كل مكان وتقع تحت كل عين وبين كل يد,, وما يقدم على ذلك الا شخص خاوي الفكر,, والعقل,, لايعبأ بما يحصل فلابد أن يكون هناك إشادة,, بمن,, يدل على الفاعل,, وان يكون كل قارئ واعيا,, فلا يتردد,, بالتشهير,, من خلال الصحف حالما,, يقع بين يديه نص مسروق,, وعدم التردد,, هذا ما أنا اراه,, واتعبت بصري وعقلي فالبحث عن كيفية القضاء عن هذه الظاهرة يظل كبيرا وليس بأكبر من البحث عن الدوافع,, وراء الاقدام عليها.
هكذا,, انا حاولت,, وحاولنا,, اتمنى ان اكون قد,, وصلت إلى ما يرضى ولو بشئ يسير