فضلُه :
ليسمن العلومِ علمٌ الناسُ إليهِ أشدُّ حاجةً من الإملاءِ ؛ فإنه ممَّا لا يستغني عنهُكاتبٌ ، خلافًا لسائرِ العلومِ ؛ فربَّما جهِلَها المرءُ طولَ حياتِهِ ، ثمَّ لاتجِدُ ذلكَ يغضُّ من قدرِهِ ، أو يضَع من شأنِهِ . أمَّا الإملاءُ ، فالخطأ فيهِعيبٌ لصاحبِهِ ، ودلالةٌ على نَقصٍ فيهِ . لذلكَ كانَ حقًّا على كلِّ مَن يعرفُالكتابةَ أن يضبطَ أصولَهُ ، ويتحفَّظَ من الزللِ فيهِ .
-أنواعُه :
للإملاءِ أنواعٌ ثلاثةٌ :
1-رسمُ المصحفِ . ولا يُقاسُعليهِ ، وإن كانَ أصلَ الإملاءِ الذي عليهِ الناسُ . وذلكَ لخروجِه عن القياسِمراعاةً لأمورٍ :
الأول : بناء الكلمة على وجهٍ يمكن معَهُ تعدّدُالقراءةِ . وذلك كثيرٌ في ما حُذفت ألفُه ؛ نحو(ملكيوم الدين)الثاني : أنّه كان قبل ظهور الشكل والنقط ؛ فربما زُيدَ فيه بعض الأحرفِ دلالةً على حركةِما قبلها ؛ نحو(لأاذبحنّه)، حتى لايُتوهم أنها بالتشديدِ ، كـلأعذبنّهالتي قبلَها .
الثالث : أنّ الصحابة لما رسموا المصحفَ ، كانوا في بداءته ؛ فلا جرم أن تظهرَبعض الشواذّ ، والآراء غيرِ المحكَمة ؛ إذ الرسمُ اجتهادٌ من الصحابة رضيَ اللهعنهم ، وليس وحيًا من الله تعالى . وذلكَ نحوُ رسمِهم ( سعَوا ) في سورة سبأ بدونألف(سعو)معَ أنهمرسموها في سورة الحج بألفٍ . وليس لهذا علةٌ صحيحةٌ .
2-رسمُ العَروضِ . وهو خاصٌّبتقطيعِ الشِّعْرِ .
مِثالٌ :
** لولا الحياء لهاجنياستعبارُ **
تكتبُها عَروضيًّاهكذا :
لولَ لْحياء لهاجنِسْتعبارووضابطُه : كلُّ مايُنطقُ يكتبُ . وكلُّ ما لا يَنطق لا يُكتب .
وفائدته : التوصُّلُ إلى معرفةِ بحرِ البيتِ .
3-الرسمُالقياسيُّ . وهو وحدَه الذي يَعنينا . وفرقُ ما بينه وبينَ رسم العروض أنَّهذا الرسمَ تدخلُه الزيادةُ ، والحذف ، ومراعاةُ الأصلِ ، وأشياءُ أخَرُ .
-أبوابه :
جعلتُه بابينِ :
الأول : في ذواتِالحروفِالثاني : في عوارضِهاوتحتَ كلٍّ فُروعٌ .
وألحقتُ بهما ( علاماتِ الترقيمِ ) .