تعتبر هذه المخطوطات الثمينة والمهمة جدًّا في مادتها ومحتواها، والتي تناولت بالتفصيل والتوثيق موضوع الخيل عند قبائل جزيرة العرب من أهل البادية وأهل الحاضرة، وتجد في هذه المخطوطة النفيسة أسماء الخيل الأصيلة وأسماء مرابطها وأنواع سلالاتها وأسماء ملاكها ومربيها وتجارها الحريصين على شرائها واقتنائها.
وضمن سياق الكلام في كتاب أصول الخيل أو مخطوطة عباس باشا كما عرفت، يأتي ذكر أسماء حكام ذلك الزمان وأسماء شيوخ قبائل العربان ورجالاتها وأسرها وفرسانها، في شبه الجزيرة العربية- إن الكتاب المطبوع لهذه المخطوطة يحوي معلومات غزيرة مفيدة للباحث المتمكن من أبناء جزيرة العرب، فهي تبحث عن الخيل والأنساب والتراث والتاريخ عند العرب الأواخر.
وترجع قصة كتابة هذه المخطوطة إلى أن حاكم مصر الخديوي عباس باشا الأول، أرسل بعثة متخصصة في الخيول العربية إلى جزيرة العرب، بقصد شراء الأصيل والنجيب من هذه الخيول العربية.
وفعلاً جاءت هذه البعثة على ظهور الإبل "الهجن" إلى جزيرة العرب سنة 1848م، وباشرت في التجوال، والتجواب في بوادي العرب وديارهم وما جاورها من البلدان؛ بقصد شراء الخيل وتدوين أصولها ورسم مشجرات نسبها، وتسجيل أسماء أصحابها من الأفراد والأسر والعشائر والقبائل، وتثبيت كل هذه المعلومات التاريخية المهمة في دفاتر معدة لهذا الغرض. وبعد أن أنهت بعثة عباس باشا مهمتها رجعت إلى القاهرة، وباشرت بالعمل على ترتيب وتنسيق معلوماتها المدونة سابقًا، وقامت بتبييض كل هذه المعلومات والكتابات السابقة، ووضعها بين دفتي كتابها المؤلف من قبلها، والذي أسمته بـ "أصول الخيل"، وقدمت هذا الكتاب القيم المفيد الرائع إلى سيدها حاكم مصر عباس باشا في سنة 1852م، وهي سنة تبييض الكتاب وتأليفه.
وقد ألفت هذه المخطوطة المسماة "أصول الخيل" في سنة 1269–1852م من قبل مجموعة من الباحثين، ورد في النسخة العربية للمخطوط أسماء عدد من المساهمين لعل من أبرزهم: مصطفى بك مدير إسطبلات عباس باشا، علي بك صاحب صياغة الكتاب، رستم بك حاكم الشرقية بمصر، محمد كاشت سليم، بهجت أفندي، بهجت أغا، محمد أفندي أحمد.
ذكرت في مقدمة المخطوطة (الكتاب) التي جاء فيها: "فأرسل عدة من الذوات، مستكملين محاسن الصفات، ليجوبوا الغفار، ويقتحموا الأخطار، عناية من حضرته بتلك الجياد، ووقوفًا في كنه بيوت تلك الأصايل واستفهموا، فوردوا العراق والشمال وحلب والشام والحجاز الشريف، وشمر والإحساء ومسقط والبحرين والقطيف، وجبال نجد، وهكذا إلى الهند".
ولما وصلت بعثة عباس باشا إلى الإمام فيصل بن تركي مؤسس الدولة السعودية الثانية 1834-1865م بأرض الجزيرة العربية، رحب بهم وأكرم وفادتهم ووفر لهم الأمان، وجعلهم بوجهه أمام قبائل العربان – وللوجه قيمة معنوية كبيرة في أعراف قبائل العرب قديمًا وحديثًا فهو حماية لمن يعطى له، خاصة إذا أُعطي من شخص له مكانه اجتماعية عالية – وتنقل رجال عباس باشا بين جميع قبائل نجد، وقابلوا شيوخ القبائل وأصحاب مرابط الخيل وكل من له معرفة بأصول الخيل ومواصفاتها؛ فدونوا هذه المعلومات التي جمعوها من أفواه الرواة ورتبوها ترتيبًا محكمًا راقيًا يثير الانتباه ويجلب الإعجاب والتقدير لمجهودهم الكبير. ويزداد احترامنا وإجلالنا لرجال عباس باشا مرات مضاعفة؛ لتكبدهم المشاق في تنقلاتهم على ظهور الإبل بين ديار قبائل العربان، ولمعرفة هؤلاء الرجال المصريين بلهجات قبائل جزيرة العرب وإدراكهم وفهمهم لمعاني الكلام المتدفق من أفواه البدو الذين زودوهم بهذه المعلومات الغزيرة الثمينة الشيقة.
وكان عباس باشا ضنينًا بتلك المخطوطة مغاليًا في حرصه عليها، وبقيت في خزانته ولم يطلع عليها سوى بعض خواصه. ثم تناقلتها أسرته بعد وفاته حتى آلت إلى أسرة علي باشا الشريف، والتي لا تزال تحتفظ بها إلى اليوم. وقد قامت السيدة الأمريكية جوديث فوربس المعنية بتربية الخيول العربية بنقل المخطوطة إلى اللغة الإنجليزية، بالاشتراك مع السيدة جلسن أحمد شريف حفيدة علي باشا الشريف ونشرتها عام 1993م باسم "مخطوطة عباس باشا" The Abbas Pasha Manuscript) ).
وأضافت إليها معلومات مفيدة وواسعة ذات صلة عن محمد علي باشا وابنه إبراهيم وحفيده عباس وعنايتهم بالخيل، كما أوردت ملخصًا لما كتبه الأمير محمد علي توفيق والليدي آن بلنت عن خيل عباس باشا. إلا أنه وقع في ترجمة المخطوط أخطاء عديدة؛ بسبب جهل الذين قاموا بها بلغة أهل البادية، فذكرت بعض الأسماء والمسميات على غير وجهها.
وقام الشيخ حمد الجاسر (1910 - 2000)م. من أبرز العلماء الباحثين في السعودية، بعد أن اطلع على الطبعتين العربية والإنجليزية، أصدر وطبع كتاباً تحت مسمى" أصول الخيل العربية الحديثة"، يضم مخطوط عباس باشا، وأضاف عليها بعض المعلومات المهمة والمفيدة. ومن المعلومات التي أضافها الشيخ حمد والجديرة بالذكر، أن هناك نسخة ثانية من مخطوطة عباس باشا ضاع أصلها اليوم ربما كتبها ناسخ مخطوطة عباس باشا لنفسه وبقيت مجهولة، حتى وقعت مصورتها بيد خير الدين الزركلي الذي استفاد منها في كتابه "شبه الجزيرة في عهد الملك عبد العزيز".
وأنجزت مكتبة الملك عبد العزيز العامة بالرياض 2007م دراسة وتوثيق مخطوطة عباس باشا عن أصول الخيل العربية؛ حيث حرصت مكتبة الملك عبد العزيز العامة على خروج هذا العمل إلى الساحة المعرفية من خلال تحقيق هذه المخطوطة الفريدة، وإتاحتها للقارئ كنسخة أصلية لتكون بين يديه، لأنها هي الأساس في معرفة أصول الخيل العربية، كذلك فإن الترجمة لم تغب عن بالهم حيث إنه يجري العمل الآن على تحقيقه بدقة إلى اللغة الإنجليزية، وهي ترجمة ستكون مختلفة تمامًا عن الترجمة الإنجليزية السابقة، نظرًا لوقوع عدة أخطاء فيها سواء أكانت تاريخية أو نحوية أو إملائية، إضافة إلى الأخطاء في أسماء البلدان والأعلام.
وجاء هذا المشروع في مجلدين: أحدهما نسخة مماثلة من المخطوطة كُتبت بخط نسخ متقن، واستخدم في الصفحات الأول منه شيء من التذهيب، وتقع المخطوطة في 571 صفحة، في حين حمل المجلد الثاني دراسة المخطوطة التي راجعها وعلق عليها كل من الدكتور، عبد لله بن عبد الرحيم عسيلان، والدكتور عبد العزيز بن محمد الفريح، وفايز بن موسى البدراني.
وتكشف النسخة العربية الحديثة، أن النسخة المخطوطة من الكتاب لم تحمل في صفحة العنوان اسم مؤلف الكتاب، ولم يرد شيء من ذلك في المقدمة التي توحي بأن الكتاب له مؤلف محدد، وإنما تكونت مادة الكتاب من المعلومات التي تحصل عليها فريق البحث الذي تم إيفاده من قبل عباس باشا حاكم مصر بين عامي 1848 - 1854م.
وقام بجمع معلومات المخطوط الوفد المكلف من قبل الخديوي عباس باشا الأول؛ حيث قاموا بجولات عديدة في بلاد شبه الجزيرة العربية، مهد لهم الطريق الإمام فيصل بن تركي حتى تمكنوا من مقابلة شيوخ القبائل وأهل الخبرة بأصول الخيل وأنسابها؛ بقصد سؤالهم ومعرفة مما يتعلق بأصول الخيول التي يملكها الخديوي عباس باشا. فإنه يمكن القول أنه المصدر الأساسي لهذا الكتاب، يتمثل فيما تحصل عليه الوفد من إجابات تم تلقيها من بعض شيوخ القبائل وأهل الخبرة في ديار نجد وغيرها من البلاد. وكشفت المخطوطة عن أن الخيول التي يتحدث عنها الكتاب قد أُهدي معظمها إلى عباس باشا من الإمام فيصل بن تركي، ويتكون الفريق من مدير الإسطبل مصطفى بك والأمير علي بك ورستم بك ومحمد كاشف سليم وحسين بهجت أفندي، وكان هؤلاء مكلفين بتقصي أحوال وأخبار وأنساب وأصول الخيل التي أهديت لعباس باشا، خاصة تلك التي أهديت له من الأمير فيصل بن تركي الذي كان له الفضل في تذليل السبل أمام رسل عباس باشا، حتى يتمكنوا من التجوال بين قبائل نجد والالتقاء بشيوخ القبائل وغيرهم من أهل الخبرة بأنساب الخيل وأصولها؛ بغية اقتناص ما لديهم من أخبار حول أصول خيوله.
وجاء في مقدمة الكتاب: أن هؤلاء (شمروا ساعد الاجتهاد وتقاسموا البلاد والعباد، حتى ظفروا بالمراد وأتوا بحقيقة كل جواد).
على أن مقدمة الكتاب ورد فيها ذكر لعلي الدرويش، ومما ورد فيها يظهر أن له دورًا في تنسيق وترتيب مادة الكتاب إلى جانب كتابة المقدمة كما يبدو في قوله: وكان تهذيب هذا الدفتر وتذهيبه، وتقسيمه وترتيبه وخطبته المطرزة في الصفحتين بأوائل أسطرهما من الوسط والجانبين.. وذلك على يد غارس دوحته ومنظم خطبته الفقير علي الدرويش.
ولعل في هذا الكلام إشارة واضحة إلى تحديد عمل الدرويش في الكتاب؛ حيث لم يصل إلى حد تأليفه، والدرويش هذا هو علي بن حسن بن إبراهيم الأنكوري المصري الشهير بالدرويش، ولد بالقاهرة عام 1211 هـ ـ 1796م ونشأ بها، وأشار بعض من ترجم له إلى أنه أديب وكاتب وشاعر تلقى العلم بالأزهر، وأفاد من بعض العلماء مثل: الشيخ المهدي والصاوي، مالت نفسه إلى الأدب وانكب عليه واشتغل بالكتابة وقرض الشعر، وذكر الأستاذ جرجي زيدان أنه كان من خيرة شعراء عصره وكانت له منزلة رفيعة بين الأمراء والوجهاء، وقد مدحهم وعرف على الخصوص بشاعر عباس باشا الأول، واهتم تلميذه الشيخ مصطفى سلامة النجاري بجمع ديوانه وطبع على الحجر بمصر عام 1284 هـ واسمه (الإشعار بحميد الأشعار).
توفي في القاهرة عام 1854م، ومن مؤلفاته إلى جانب ديوان شعره كتاب سفينة في الأدب وكتاب الرحلة، وكتاب (تاريخ محاسن الميل لصور الخيل). وهذا الكتاب ذكره له رضا كحالة بالاسم المذكور هنا. في حين أن الزركلي أشار إلى أن له كتابًا في الخيل، والاثنان لم يشيرا إلى مكان وجوده أو إلى أنه مطبوع. وأعتقد أنه كتاب آخر غير الكتاب الذي نحن بصدده.
وجاءت مادة الكتاب مصوغة باللغة العامية والدارجة والمتداولة لدى كل من أدلى بمعلومات في هذا الكتاب من شيوخ القبائل وأهل الخبرة والدراية بأمور الخيل من عامة الناس، ويلاحظ أن أكثر هذه الألفاظ موغلة في العامية، وبعضها لا يكاد يعرف في بعض أوساط العامة نظرًا لاختلاف اللهجات العامية بين قبيلة وأخرى أو بين جهة وأخرى من سكان الجزيرة العربية، وقد أدى هذا الاتجاه في الكتاب إلى تناسي حركات الإعراب، ويندر أن تجد كلمة معربة على الوجه الصحيح، ومن هنا كان أسلوب الكتاب ركيكًا، وقد يؤدي ذلك إلى استغلاق المعنى أو فهم المراد في بعض المواضع أو عند من لا يفهم دلالة الألفاظ العامية المستعملة في الكتاب.
ومن المناسب الألفاظ العامية التي ورد ذكرها في الكتاب: تكرر في الكتاب كلمة (جابت) بمعنى أنجبت، كما أن التعبير عن الألوان جاء في الكتاب هكذا (حمرة، صفرة، شقرة، زرقة، دهمة) والمراد (حمراء، صفراء، شقراء، زرقاء، دهماء) بالألف الممدودة بعدها همزة، كما أن لغة الكتاب غير معربة، أي لا يراعى فيها حركات الإعراب وقواعد النحو إلا فيما ندر، إضافة إلى إدخال (لم) على الماضي وعلى الأسماء مثل: (لم كانت شيء)، (لم أحد أجرى) والصواب (لم تكن شيء) (لم يجرؤ أحد) و(متخاشرين) بمعنى مشتركين و(قصير له) بمعنى جار له وسلطان (مسكت) والمراد سلطان مسقط في عمان و(جابت حصانين وغدو) بمعنى أنجبت حصانين وفُقِدا أو نفقَا. وكمًّا لم يكن هناك تفريق بين صيغة الجمع أو المفرد أو المثنى أو بين المؤنث والمذكر في جمل الصيغ والعبارات الواردة في الكتاب.
ويتحدد من المخطوطة بجلاء في نهاية المقدمة التي تصدرت الكتاب، وهي من إنشاء منسقه علي الدرويش حين قال فيها: (وذلك على يد غارس دوحته، ومنظم خطبته، الفقير علي الدرويش، منشي الحضرة الآصفية، الدائمة دوام الكواكب الدرية، سنة ألف ومائتين وتسعة وستين من الهجرة النبوية، عليه أفضل الصلاة وأزكى التحية).
محتويات المخطوطة ولغتها وأسلوبها:
تنقسم المخطوطة إلى أحد عشر باباً تسبقها تنبيهات خمسة موجزة عن التشبيه:
- الباب الأول: في أربعة بنود:
- البند الأول: في الدهم الشهوانيات.
- البند الثاني: في ذهم النجيب.
- البند الثالث: في عضيدة البدن.
- البند الرابع: في دهم موضحة.
- الباب الثاني: في كحيلة المريوم.
- الباب الثالث: في الصقلاويات، وفيه ستة أقسام.
- الباب الرابع: في الهدب.
- الباب الخامس: في الحمدانيات.
- الباب السادس: في العبيات.
- الباب السابع: في الشويمات.
- الباب الثامن: في الكحيلات.
- الباب التاسع: في الربد.
- الباب العاشر: في الوذنات.
- الباب الحادي عشر: في كروش الغندور.
من أمثلة عمل بعثة عباس باشا في بحثها عن أصول الخيل:
لنرى كيف بذلت جهدًا متواصلاً، وتنقلت من مكان إلى مكان من أجل التقصي والتحقق عن أصل الفرس العربية المسماة "الطويسة" وهي من نوع الخيل العبيات، وتنسب إلى مربط خيل الشيخ دهش بن حلاف، شيخ عشيرة "السعيد" من قبيلة الظفير. وذرية هذه الفرس الطويسة تسمى "الخيل الطويسات"، ولهذه الخيل شهرة واسعة في الموروث الشعبي لقبيلة الظفير، ومن أجل البحث والتقصي عن أصل أم الخيل الطويسات المنحدرة من الفرس "العبيه الطويسة"، فرس الشيخ دهش بن حلاف - من شيوخ الظفير - شدت البعثة المصرية ومعها أدلاؤها من البدو، رحالها متجهة إلى ديار قبيلة الظفير، ولما وصلتهم سجلت كل ما سمعته من رجال قبيلة الظفير بخصوص مرابط الخيل الموجودة عندهم، وهي معلومات متنوعة كثيرة تخص أنواعًا متعددة من الخيل، ودونت كل ما سمعته مما له علاقة بشئون الخيل من هذه القبيلة، ومن القبائل الأخرى في كتابها "أصول الخيل". وكلامنا هنا عن موضوع " الفرس الطويسة"، حيث ذكرت البعثة أنها قابلت صاحب الفرس الشيخ دهش بن حلاف شيخ " السعيد" من " الظفير"، وكان طاعنًا بالسن، وبحضور حساوي الواو من الصويط وفجري بن مهراس من عشيرة السعيد.
وسألت البعثة الشيخ دهش بن حلاف عن فرسه "الطويسة"، إن فرسي الطويسة هي الفرس التي أصبت عليها يوم "ماوية" – ماوية فيضه تقع في شعيب الباطن (وادي الرمة) قبل وصوله لحفر الباطن – حينما هزم عبد الله بن سعود، وأصل "شياعتها" لمهلهل بن هذال، ومنه درجت (انتقلت) إلى حمود بن ثامر السعدون شيخ "المنتفق"، ودرجت من حمود إلى، ولا اعرف أباها. وقد أتت عندي بحصان أصفر- أي بحصان أبيض. فاللون الأصفر للخيل يعني الأبيض قديمًا وحديثًا - وهذا الحصان الأصفر أبوه الصقلاوي حصان سعود" "المقصود هو سعود (ت1229هـ) بن عبد العزيز، الحاكم الرابع للدولة السعودية الأولى".
ويستمر دهش بن حلاف بمواصلة كلامه للبعثة قائلا: ثم أعطيت فرسي " العبيه الطويسة" إلى حمود بن ثامر السعدون، فأتت بمهرة صفراء رجعت إلى "مثنوية"، وقد بعت هذه المهرة الصفراء - العرب منذ الجاهلية إلى اليوم يطلقون على الفرس البيضاء اسم الفرس الصفراء - التي رجعت إلى أخي علي أخي حمود السعدون، والأم أعطاها حمود السعدون إلى محمد بن عريعر أمير "الحسا"، ونسلت خيلاً أخذها تركي بن سعود، يوم قتل ماجد بن عريعر، ويقول آل هذال: إنها عبيه، وموجود من رسنها خيل عند القفيلي البعيري من شمر الجزيرة".
وحتى يفهم القارئ كلام الشيخ دهش بن حلاف للبعثة المصرية نجد من الواجب شرحه وتبيان معانيه.
يقول الشيخ دهش للبعثة: إنه أصيب على فرسه الطويسة يوم "ماوية"، والمقصود هنا هو "حرب ماوية"، ويقع يوم ماوية ضمن "أيام حرب الرس" وهي الحرب التي دارت في سنة 1815هـ بين جيش الإمام عبد الله شنق في إسطنبول سنة 1818م، ابن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، وهو الحاكم الخامس للدولة السعودية الأولى من جهة وبين جيش طوسون باشا بن محمد علي باشا من جهة أخرى.
ويقول دهش: إن أصل "شياعة" فرسه الطويسة لمهلهل بن هذال. معنى "الشياعة" في كلام بعض قبائل البدو هو "الأصل" الذي ترجع له هذه الفرس، بعبارة أخرى أي " مربط الخيل الأصلي" الذي نتجت منه هذه الفرس. وحسب ما يقول دهش: فهي من ذرية مربط خيل الشيخ مهلهل بن هذال.
وكما يقول دهش: إن هذه الفرس درجت -درجت في كلام البدو بمعنى انتقلت - من الشيخ مهلهل بن هذال إلى الشيخ حمود بن ثامر السعدون، ومن الشيخ حمود السعدون درجت إلى المتحدث نفسه الشيخ دهش ابن حلاف.
يقول دهش: إن الفرس عندما درجت "انتقلت" إليه، فإنه لا يعرف أباها "علمًا بأن أمها معروفة، كما جاء في سياق الكلام السابق، فهي عرس عبية أصيلة من خيل مهلهل بن هذال، فالفرس تنسب لأمها".
ويقول دهش: إن الفرس عندما وصلته، ولدت له حصانًا أصفر "أي أبيض"، وهذا الحصان الأصفر "الأبيض" أبوه الحصان الصقلاوي "نسبة إلى خيل الصقلاوية"، حصان الأمير سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود.
ومن الجدير بالذكر أن هذا النوع من الأفراس الملقب بالطويسة انتقل إلى الإمام فيصل بن تركي "من مؤسسي الدولة السعودية الأولى" على إثر معركة السبية 1829م، والتي انتصر فيها على محمد بن عرير "حاكم الحسا والقطيف"، ولما ذهب الأمير فيصل بن تركي إلى مصر أخذ معه مهرة حمراء فزراء، وهي من ذرية الطويسة وأهداها إلى عباس باشا، وبذلك وصلت إلى مربط خيول عباس باشا، وهي من أكبر مرابط الخيل في ذلك الزمان.
تلك بعض الكلمات التي توضح معاني الكلمات السابقة حول وصول البعثة إلى الشيخ دهش بن حلاف أحد شيوخ قبيلة الظفير، والتي توضح لنا اهتمام البعثة للوصول إلى أقصى الأماكن؛ للحصول على الخيول العربية ومعرفة أصولها من منابعها مهما كانت عليهم
منقووووووووووووول