حدث بالفعل (اليوم)
هذه المرة سأقسم برب العزة بصدق روايتي، ومستعد للمثول أمام القضاء لو رغبت الشركة في مقاضاتي جراء نشر الواقعة
توجهت اليوم مع أسرتي للتبضع من ماركت كارفور في "داندي مول" على طريق الاسكندرية الصحراوي بأطراف القاهرة. ولمحت بطاطس بقسم الخضروات وبدت لى رائعة، فأمسكت بواحده منها لأشمها (ولدي النية في ذلك بحكم خبرتي) ووجدتها كما لو كانت كتلة من المبيد الحشري المستخدم في قتل الآفات، وهي مادة الـ DDT أو المعروفة بالـ "جامكسان"، أو ربما أي مبيد مشابه.
هذا المبيد ينتمى لفصيلة المواد الفسفورية العضوية شديدة السمية والمعروفة علميا لدى الكيميائيين والأطباء والصيادلة (وما أكثرهم على صفحتي) بالمبيدات (Organo-phosphorous)، وهي تقتل الكائنات الحية كالإنسان والحيوان والحشرات والآفات الزراعية، ولكون وزن الشخص البالغ يفوق قدرتها على القتل، فقد لا يموت الإنسان من الجرعات البسيطة، ولكن يظل التسمم باقياً وهو تسرطن الكبد وفشل وظيفة الكلى جراء الأثر التراكمي.
لعبت لعبتي بخُبث، وطلبت المشرف على قسم الخضروات وأمسكت بإحدى ثمار البطاطس وكانت صلبة لا أثر فيها للعفن، وقلت له بسذاجة: أنا شامم ريحة تعفن في ثمرة البطاطس دى، وأخذها وضغط عليها بقوة وشمها، وقال: يا أخي البطاطس زى الفل، دى لو معفنه تبقا طرية!! قلت له: طمنتنى، يعنى مش معفنه؟ تلاقيها مرشوشة؟ صح؟ قال: نعم مرشوشة. وشهد شاهد من أهلها.
وتوجهت لخدمة العملاء، وطلبت مدير السوق المناوب، وجاء بعد قليل، وأعدت نفس السيناريو معه، وأفادني بنفس النتيجة، وهنا صحت بأعلى صوتي وسط كاونترات المحاسبة، ووجهت كلامي للزبائن كمن يؤذن للصلاة: يا خلق هووووه... البطاطس دى مرشوشة مبيد سااااام، وهى تسبب الفشل الكلوي خلال بضعة أسابيع، وسرطان الكبد بعد اشهر قليلة ما لم تقتل الأطفال بالتسمم العضوى الحاد. وتحديت المدير المذهول أمامي أن ينكر، فسحبني من يدي وراح يهدأ من روعي في مكتب خدمة العملاء.
طلبت الطبيب مسئول الجودة لديهم وهو المعني بسلامة الأغذية، فأفادوني بأنه في إجازة اليوم، وجاء المدير العام وهو الأستاذ عبد الفتّاح صديق (تليفونه من الكارت الشخصي الذي منحني إياه هو 01155998831) - وها أنا أطرح أسماءً وهواتف حقيقية.
اعترف الرجل في النهاية بأنه لا يملك الخبرة في تمييز الثمار المرشوشة بالمبيد، وتحقق من بعض موظفيه عن الموضوع، فأكدوا له روايتي.
الموضوع يا سادة منتشر في أرجاء مصر كلها والسبب:
في بداية محصول البطاطس يكون المعروض وفيراً، ومن ثم سعره متدنياً، فيقوم التجار بتخزين المحصول لبضعة أشهر حتى يندر ويقومون بطرحه في الأسواق بسعر مربح. ولكن، يلزم حفظ أطنان البطاطس في ثلاجات الخضروات التجارية حتى لا تعطب خلال أشهر التخزين، وهنا يصطدم التاجر بتكلفة أرضية التخزين في الثلاجات والتي غالبا ما تضيع معها ربحيته، كما أن حفظ البطاطس في الثلاجات يؤدى إلى كرمشة قشرة البطاطس وسوف تبدوا لك ذابلة.
البديل لدي التجار هو وضع ثمار البطاطس في غرف كبيرة وتسليط رذاذ من المبيد الحشري الرطب ويكمم المخزن ليومين، وبعدها يمكن وضع البطاطس في أى مكان وأى درجة حرارة ولن تعطب (بها سم قاتل).
اتصلت على قطاع حقوق المستهلك بالقرية الذكية ( 35380380-02) ولا مجيب !! أعدت الكرة مع الخط الساخن بوزارة الصحة، ولا مجيب.
وعدني الرجل مدير الماركت بأنه سيسحب المحصول اليوم بعد أن تأكد من الواقعة، وغادرت المكان بعد أن أقسم لي بأنه سوف يفعل ذلك.
والله يا سادة، كيلو جرام واحد من البطاطس المرشوشة كفيل بتدمير الكلى لأي طفل.
منقول عن د. بهي الدين