في ظل تنامي ظاهرة الانتحار التي أصابت المجتمع المصري
وفي ظل تسفيه الأمر والاستهانة بهذه الظاهرة من البعض وهدم الإكتراث بها من البعض الآخر
بل وصل الأمر إعلاميا باتهام المنتحرين بأنهم ينتحرون بحثا عن شو أعلامي
وكأن المنتحر سيحصل علي عقد عمل بعد موته من وراء ذلك
وفي وسط تصاعد أعداد المنتحرين كان لابد من وقفة فخرج صوت اكاديمي عاقل تبنته إحدي امنظمات الأهلية يدعو إلي افامة مؤتمر لبحث هذه القضية
علي أن يحضر هذا المؤتمر نخب متنوعة ممثلة لمختلف الاتجاهات الفكرية والتيارات السياسية والإجتماعية
وما إن طرح رئيس الموتمر القضية حتي تبارت الحناجر ( تتحنجر ) في طرح زوايا المشكلة أو نظرتهم إليها أو حلولها ----- وكانت جلسة المؤتمر كالآتي
يمسك مذيع بقناة ( ما ترحمنيش ) الفضائية بالمايك ليحدث الجميع -- بنسوار عليكم – أولا المشكلة دي وغيرها من المشاكل لن تنجح الدولة في مواجهتها إلا من خلال الإعلام اللي أنا بمثله النهاردة – لأن ده دورنا ودي رسالتنا نحو المواطن والمجتمع --- لازم نبث فكرة إن المنتحر لو كان مسئول حكومي وده طبعا عشم أبليس في الجنة لأننا والحمد لله معنداش من 7000 سنة مسئول بينتحر أو بيستقيل – المهم لو المنتحر ده مسئول حكومي يبقي ده شهيد شهيد شهيد – أما لو كان المنتحر مواطن يبقي في ستين ألف داهية وعقبال الباقي
مندوبة جمعية ( كايده العزال أنا من يومي ) : أولا يا جماعه مش عارفة ليه بنبص علي نص صباع الروج الخلصان بدال ما نبص علي النص اللي لسه موجود – الانتحار ده واااااو - ليه مش بتساعد المنتحر علي إنه يعيش اللحظة يحس بيها – ليه مش بنشوف ممكن نعمل ايه للمنتحر بعد الانتحار – دا اقتراحي ولازم تدرسوه
رئيس المؤتمر مقاطعا – وإيه اللي ممكن نعمله للمنتحر يا أستاذة
مندوبة جمعية ( كايده العزال أنا من يومي ) - شوف حضرتك ممكن نعمل استيكرات وبوستات وتي شيرتات عليها صور المنتحرين وايرادها ندعم بيه مشروع ( انتحر يا حبيبي ولا يهمك . حبيبتك هتاخد اللي بعد منك )
يومئ رئيس الموتمر برأسه ثم يشير لمندوب شركة الأمن ليأخذ دوره
ممثل شركة ( عضلاتي ) الأمنية والذي يتناول الموضوع من الناحية الأمنية والقانونية : ألفت انتباه الجميع بأنه لابد وأن يتم واصدار قانون ينص علي معاقبة كل منتحر تسول له نفسه بالانتحار دون الحصول تصريح رسمي بالانتحار بل وسحل المنتحر ليكون عبرة لمن لا يحصل علي تصريح
يقفز مندوب حزب ديني ليقاطع الجميع : الانتحار كفر – المنتحر كااااااااااافر – المنتحر في نار جهنم وبئس المصير ... ثم يستطرد كلامه - اللهم إذا كان الانتحار طمعا في الحور العين – ده يبقي فيه كلام تاني
وهنا تتدخل الفنانة الشهيرة ( سوسو بهدلة ) لتقول - أنا مش فاهمة إيه دخل الدين بالانتحار – إيه التجارة الرخيصة دي - أنا عن نفسي شفت ناس كتير ماتت وانتحرت بشمة هيروين زيادة وهم أشرف من الدقون اللي قدامي دي – علي الأقل كان كل واحد فيهم بيصرف علي خمساتشر . عشرين ست في الكباريهات عشان ياكلوا عيش
وهنا يؤمئ لها رئيس المؤتمر برأسه ويغمز لها بعينه ثم يقول – دا موضوع مهم جدا لازم نكمله أنا وانت مع بعض في العوامة - ثم يسمح لناشط سياسي بالكلام
الناشط السياسي – شوفوا حضراتكم – محدش سأل نفسه احنا عملنا ثورة ليه
الجميع بصوت واحد – لييييييييييه
الناشط - طبعا مش مهم ليه - عادي يا جماعة – انتم ما صدقتم - بس الفكره إني عايز أقولكم إن لحظة الإنتحار مش بتحصل في حياتنا كتير - يعني أي انسان منا بنتحر بالكتير خمس مرات في حياته ويمكن أقل – يبقي ليه نحرم أي حد من إحساس نادر زي ده - ولو فيه أي مشكلة ممكن نقعد مع المنتحر بعد ما ينتحر ونحاول نحلها
ثم يلتقط الحديث ممثل شركة سياحية قائلا – علي فكرة بقي – احنا ممكن نعمل أحلي فلوس من ورا الانتحار ده – يعني ممكن نعمل ساحات للانتحار واحدة عند معبد حطشبصوط
رئيس المؤتمر - اسمها حتشبسوت يا أستاذ
ثم يكمل كلامه دون أن يعير تعديل ؤئيس المؤتمؤ أي اهتمام – أو نعمل ساحة انتحار عند أبو الهول خصوصا وإن أبو الهول دلوقت بقي حديث المجتمع الدولي بعد فيلم السيكو سيكو الي اتصور عنده – وممكن نجيب البت الممثلة القشطة اللي مثلت الفيلم ده تروج للفكرة دي – البت دي أحلي اشتغاله للموضوع ده
وهنا يتدخل مندوب إحدي الهيئات الإستثمارية معقبا – بالنسبة لتنمية الموارد المالية للدولة احنا مش محتاجين ده خالص - كلنا عارفين إن نسبة الانتحار في سويسرا رقم واحد في نظرا لحالة الرفاهية الشديدة التي يحياها المواطن السويسري لذلك احنا هنا ولأول مرة بنتفوق علي سويسرا – ده معناه اننا بقينا أكثر رفاهية منهم – لذلك أري أن يتم فرض مزيد من الضرائب بهدف تجويع المواطن حافظا علي حياته
مندوب وزارة الصحة : اقترح بأن بتم أنشاء قسم في المستشفيات تحت مسمي قسم الانتحار وذلك للحاجة الماسة للأعضاء البشرية
مندوب شركة الأمن ( عضلاتي ) يتحمس للفكرة ويقول – هايل وياريت نضم ليهم فئات تانية يعني مش بس المنتحرين لا احنا ممكن نورد ليكم جثث كتيرة من خلال شركتي – ممكن مثلا كمان المتظاهرين – يعني لو اتعاقدوا معانا لفض المظاهرات نورد ليكم كل يوم ألف جثة
تتدخل أيضا الفنانة سوسو بهدلة – علي فكره هي فكرة مش بطالة بس عايزة تشجيع طالما هيكون فيه وفرة يعني ممكن تقدموا عرض اللي هايشتري كبد وكلية ياخد عين مجانا
وهنا يتكلم رجل منوط به الحديث عن التعامل النفسي مع ظاهرة الانتحار وقد قاطع الجميع قائلا – يا جماعة إيه الهرية الكدابة دي – انتم عارفين اسباب الانتحار الأول – ثم يمل – الانتحار أول سبب ابه الكبت – وخصوصا الكبت الاقتصادي والنفسي – طيب لو احنا خلينا المنتحر يفرغ شحنة الكبت دي بطريقة بسيطة ونخليها شعار اعلامي
رئيس المؤتمر – وايه هي الطريقة دي وايه هو الشعار يا سيد
ببساطة نعمل حملة اسمها ( ليه تنتحر لما ممكن تقتل جارك ) آه يا سادة لو المنتحر فرغ شحنة اليأس دي في القتل يبقي كده مش هنلاقي حالة انتحار واحدة وتصيح مصر دولة خالية من أي حالة انتحار
بعدما جحظت العيون متعجبة من هذا الاقتراح يقول رئيس المؤتمر – يا جماعة لازم بقي تسمع رأي الجهة الدينية الرسمية في الدولة – فاليتقضل مندوب مشيخة الأزهر بطرح رؤياه
يقوم شيخ فاضل فقول – المسألة في الأول والآخر متعلقة بالدين – لابد من مخاطبة المجتمع بكل شرائحة بأن المنتحر آثم – وأن الرسول نهي عن الانتحار وأن ---
فيقاطعه الجميع منهم من يتكم عليه ومنهم من يهاجمه والكل في صوت واحد
المنتحر آثم -- !!!!!!!!!
كان فيه حالات الانتحار أيام النبي يا شيخ ياللي مش عارف دينك
أنت داعشي
أنت تكفيري
الأزهر ظلامي
فيخرج البيان الختمي للمؤتمر يقول
بأن الانتحار حالة انسانية لابد والتعامل معها برقي حضاري ولابد من رفع توصية تناشد الجهات المختصة بعمل نصب تذكاري للمواطن المنتحر واطلاق اسمه علي المدارس والشوارع
أكرم عبد القوي