قصة الطبيب الروسي ليونيد روجوزوف: أجرى عملية «الزائدة الدودية» لنفسه مستخدمًا «مرآة»من الممكن أن نسمع بطبيب شجاع أجرى عملية جراحية وسط أجواء صعبة، وقد نسمع بآخر اكتشف مصلًا لأحد الأمراض المزمنة، ولكن أكثر ما يدهشك، هو أن تسمع بطبيب أجرى لنفسه عملية جراحية لاستئصال الزائدة الدودية عام 1961.
ولد الطبيب السوفيتي الشاب، ليونيد روجوزوف، في 14 مارس 1934، في مدينة تشيتا أوبلاست الروسية، وامتاز ببراعة فائقة في الطب منذ صباه. ولما أتم السابعة والعشرين، أرسل في بعثة إلى القارة القطبية الجنوبية عام 1961، مع فريق لا يدري شيئًا عن الطب، وذلك في إطار البعثة الروسية السادسة إلى القطب.
وبعد وصوله إلى القاعدة بنحو 6 أسابيع، عانى «روجوزوف» آلامًا شديدة، فارتفعت حرارته إلى درجات عالية، وبدأ يشعر بغثيان وآلام في المعدة. ولكونه طبيبًا، كان التشخيص سهلًا عليه، فأدرك ما ألم به من التهابات حادة في الزائدة الدودية.
تزايدت آلام الطبيب الشاب، وزادت حاجته إلى إجراء عملية جراحية لاستئصال سبب المرض، ومع ذلك كان أقرب مركز طبي على بعد 800 كم، لذلك دوّن في مذكراته أنه «لم يعد يرى خيارًا أمامه سوى إجراء عملية جراحية لنفسه».
مهّد الطبيب نفسه لإجراء الجراحة، فتناول بعض المضادات الحيوية، وقام بمحاولات لتخفيض حرارته، وبدأت التحضيرات للعملية، حيث اجتمع أصدقاؤه في غرفة، بعد أن أخرجوا منها الأثاث، وأبقوا سريرًا، أضاءوا ما حوله بالأشعة فوق البنفسجية ما أتاح تعقيم الغرفة، والسرير، ووفر الإضاءة الجيدة لها، بحسب موقع «realuss.
أبقى الطبيب نفسه بحالة من الوعي تكفي للانتباه لما يقوم به، وذلك بعد أن بدأ العملية تحت التخدير الموضعي. وكلما كان يصل إلى حالة يفقد معها وعيه، يقوم المرافقون له في البعثة بحقنه بعقار معين ينشطه قليلًا.
وتظهر الصور أنه كان يقوم بالعملية بوضعية المتكئ، وتعاون المرافقون في حمل المرآة التي استعان بها في رؤية ما يقوم به، بينما تكفل البعض الآخر بمناولته الآلات الجراحية.
واجه الطبيب الشاب وفريقه بعض الصعوبات أثناء إجراء العملية، لكنهم واصلوا حتى النهاية، وكان الطبيب يتصبب عرقًا. ورغم الصعوبات، أنهى عمله، ثم تناول حبوبًا منومة، ولازم الفراش للراحة.
وفي اليوم التالي من إجراء العملية، كانت حرارة الطبيب الشاب حوالي 38 درجة مئوية، لكنه شعر بتحسن بعد أن استمر في تناول المضادات، وأصبحت حرارته طبيعية بعد 4 أيام أخرى. استطاع بعدها أن يزيل الخيوط الجراحية. وبعد أسبوعين عاد للعمل، واستمر به لمدة سنة في القطب الجنوبي، ليعود في النهاية إلى مدينة لينينجراد، ويواصل حياته الطبية.
توفي «روجوزوف» 21 سبتمبر 2000. ودوّن في مذكراته حجم المعاناة التي عاشها أثناء إجرائه العملية، فيقول:
«كانت الرؤية صعبة، وعملت من دون قفازات. ساعدتني المرآة، لكنها أعاقتني أيضًا، فهي تريك الأشياء بالمقلوب، لذا عملت بشكل رئيسي عن طريق اللمس. وكان النزف شديدًا، لكنني أخذت وقتي وحاولت أن أتأكد من عملي. عندما قمت بشق غشاء البيرتوان، آذيت الأعور، وكان عليّ خياطته، وفجأة انتبهت إلى العديد من الإصابات الأخرى التي لم ألاحظها. بدأت أضعف كثيرًا، وراودني شعور بالدوار، فكنت آخذ استراحة من 20 إلى 25 ثانية كل 4 أو 5 دقائق من العمل. وأخيراً شاهدت تلك الزائدة اللعينة، وأصابني الرعب عندما لاحظت البقعة السوداء آخرها، وهذا يعني أنه لو بقيت يومًا واحدًا لانفجرت، وأسوأ اللحظات التي عانيت منها وأنا أزيل الزائدة عندما شعرت بارتفاع ملحوظ في سرعة دقات قلبي، تبعها انخفاض، كما شعرت بأن يدي كالمطاط، ولم يبق سوى إزالة الزائدة. حسنًا، ظننت أن ذلك سينتهي بشكل سيء، وبعدها أدركت أنني نجوت…».