للمرة الأولى الكيان الصهيونى يفرج عن الوثائق السرية لفضيحة لافونلمرة الأولى، يتم الكشف في إسرائيل عن وثائق "فضيحة لافون"، الشبكة السرية الإسرائيلية التي عملت في مصر وأدت إلى استقالة دافيد بن غوريون من رئاسة الحكومة.
حيث عملت شبكة من العملاء الإسرائيليين في الخمسينيات من القرن الماضي في القاهرة والإسكندرية في بعثة فرع الاستخبارات الإسرائيلية من أجل زرع متفجرات لضرب أهداف غربية، وهكذا يقومون بإحداث فتنة بين مصر والولايات المتحدة وبريطانيا.
كان الطموح هو جعل الأمريكيين والبريطانيين يصدّقون بأنّ شبكة إرهابيّة من الإخوان المسلمين هي التي نفّذت تلك العمليات الإرهابية.
ولكن أداء شبكة الاستخبارات الإسرائيلية كان فاشلا تماما. تم القبض على أعضاء الشبكة الـ 13 من قبل السلطات المصرية، والذين كانوا إسرائيليين أو مصريين. تم إعدام اثنين منهما، وقام آخر بالانتحار في سجنه. تم إطلاق سراح اثنين من المعتقلين، وتم فرض عقوبة سجن ثقيلة على البقية.
طرح الأداء الفاشل للشبكة في إسرائيل هذا السؤال: "من الذي أعطى الأوامر". فمن غير المعقول أن تعمل شبكة كهذه في قلب القاهرة والإسكندريّة من تلقاء نفسها. اندلعت في أروقة الحكم الإسرائيلية معركة سرية وقوية بين وزير الدفاع حينذاك، بنحاس لافون، وبين من كان قائد سلاح المخابرات، بنيامين جبلي.
اتهم لافون جبلي الذي ألقى عليه المسؤولية عن الفضيحة، من بين أمور أخرى، عندما قال في اجتماع هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي بأنّ لافون هو الذي أعطى الأوامر لتفعيل الخلية. ادعى جبلي بأنّه لم يعمل من تلقاء نفسه.
واليوم سمح الجيش الإسرائيلي بنشر محضر سرّي لمحادثة جرت بين لافون وبين جبلي، وفيها تبادل الاتهامات بينهما. ادعى جبلي بحزم أنّ لافون هو الذي أعطى الأوامر بتفعيل الشبكة الفاشلة وألمح بأنّه كاذب. من جهته، هاجم لافون جبلي بشدّة.
قال جبلي: "لا أستطيع أن أصدّقك سيدّي الوزير. أعتذر جدّا". وأضاف: "أعتقد أنّني فقدتُ أي أساس لثقتك للقيام بشيء. من الواضح لدي أمرٌ واحد. أقول على لسانك، بعد الاجتماع الذي كان في منزلك، تلقّيتُ الأوامر بتفعيل الخلايا".
بينما قال لافون: "أردت أن أعطيك فرصة أخرى لتقول لي كل الحقيقة، بدلا من ذلك أعطيتني إجابة طفولية". وهاجم جبلي قائلا: "أنت تدّعي، كل الوقت، بأنّنا نتقاسم المسؤولية. إذا كنّا نتقاسم المسؤولية ونقوم بأمر ما معًا - وليس الحديث عن تناول كعكة مع شاي - واستقبلت معلومات كهذه؛ هل لا يتم نقل تلك المعلومات للشريك فورا"؟
في الواقع، ادعى لافون أنّ غيبلي كذب على هيئة الأركان العامة للجيش وعلى الحكومة عندما ادعى أنّ لافون قد أمر بتفعيل الشبكة، وأنّ جبلي في الواقع قد عمل من تلقاء نفسه.
ردّ جبلي: "اسمح لي بلحظة واحدة، سيّدي الوزير. كان أمر العملية في منزلك، بحضورنا نحن الاثنين فقط".
واصل لافون: "أنا لم أعلم (بعمل الشبكة)، أنت علمت. وعندما أعطيت الأمر في 16 تموز، لم تكن لديك أية سلطة لإعطاء الأوامر".
وكما ورد أعلاه، فما زال يتردّد صدى السؤال "من أعطى الأوامر"، وأدّى إلى طرد الاثنين، لافون وجبلي، بسبب التورّط في مصر. استمرّت الفضيحة في التدحرج في أروقة الحكومة الإسرائيلية بعد سنوات طويلة من ذلك، وفي نهاية المطاف أدت إلى استقالة دافيد بن غوريون، الذي كان مقتنعا أنّ لافون كان هو المذنب، وقضى بإحالته إلى لجنة تحقيق رسمية. عارض الحزب الحاكم، مباي، رأي بن غوريون، وتسبّب على هذه الخلفية بالإطاحة به من صفوف الحزب عام 1965.