الفلاشا..يهود مع إيقاف التنفيذ
جاءوا من مستنقعات الفقر ، باحثين عن أرض تلملم بقايا أحلامهم، ودعوا أوطانهم وداع لا لقاء بعده، بعضهم حزم حقائبه، فيما لم يجد آخرون ما يحملونه، سوى أمنيات تنبض في حناياهم، صعدوا على متن الطائرة، إلى الوطن الموعود.
لم يجد يهود الفلاشا الذي وصل عددهم 35 ألف شخص في إسرائيل، ما وُعدوا به، فلا وطن يفيض عليهم سمنا وعسلا، ولا حتى ينظر إليهم، كنظرته لبقية مواطنيه. سرعان ما أدركوا أنهم منبوذون من الجميع، أغلق أرباب العمل أبوابهم في وجوههم، فلم يجدوا سوى الوظائف التي يستنكف باقي اليهود عن الاشتغال بها، كعمال النظافة، والمعمار، وغيرها، ما رفع نسبة البطالة بينهم إلى 65%.
في كل مرة حاول الفلاشا التحلي بالصبر، عسى أن يفتح المجتمع الإسرائيلي لهم الأبواب التي أوصدتها العنصرية، تزايدت الاعتداءات ضدهم في الشوارع، منعوا من دخول بعض الأماكن العامة كما مُنع الكلاب، اعتبرت وزارة الصحة الإسرائيلية أن دمهم ملوث وغير صالح للتدفق في عروق اليهود البيض.
ظن بعضهم أن الخدمة في جيش الاحتلال ستفتح لهم آفاقا جديدة، وتجعلهم مقبولين اجتماعيا ولو بشكل نسبي، لكن حادثة اعتداء اثنين من عناصر الشرطة على جندي من أصول إثيوبية وهو يرتدي الزي العسكري، كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، فأعلن الفلاشا الانتفاضة، خرجوا بداية في القدس، ثم في تل أبيب رافعين راية المساواة، لكن هذه المرة أيضا تصدت لهم الشرطة بعنف، وأصابت واعتقلت العشرات.
في هذا الملف، نحاول تلمس بعض من معاناة الفلاشا، والوقوف على ملامح معاناتهم في "دولة" تتشدق بالديمقراطية، والمساواة بين مواطنيها.