بسم الله الرحمن الرحيم
كانت ولادة الأنثى في الجاهلية يوماً اسوداً في حياة الوالدين ،
بل وفي حياة الأسرة والقبيلة ، وسار الحال بهذا المجتمع إلى وأد النبات وهن احياء خوفاً من العار والفضيحة ، وكان الوأد يتم في صور بشعه قاسية ليس للرحمة موطن ولا للمحبة مكان ، فكانت البنت تدفن حية وكانوا يتفننون في تلك الجريمة ، فمنهم من إذا ولدت بنت تركها حتى تكون في السادسة من عمرها ثم يقول لإمها : طيبيها وزينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها ، وقد حفر لها البئر ،
فيقول لها : انظري فيه ، ثم يدفعها دفعا ويهيل عليها التراب بوحشية وقسوة.
وفي وسط هذا المجتمع الجاهلي خرج الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الدين العظيم الذي أكرم المرأة أما وزوجة وبنتا وأختا وعمة ، وقد حظيت البنات بحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان إذا دخلت عليه فاطمة ابنته قام اليها فأخذ بيدها فقبلها ، وأجلسها مجلسه ، وكان إذا دخل عليها قامت إليه فقبلته وأجلسته في مجلسها
ومع محبة النبي عليه الصلاة السلام لبناته وإكرامه لهن إل أنه رضي بطلاق ابنتيه أم كلثوم و رقية صابراً محتسباً من عتبة و عتيبة ابني أبي لهب بعد أن أنزل الله فيه ( تبت يدا ابي لهب ) . وأبى صلى الله عليه وسلم أن يترك أمر الدعوة أو أن يتراجع . فإن قريشا هددت وتوعدت حتى طُلقت بنتي الرسول عليه الصلاة والسلام وهو ثابت صابر لايتزعزع عن الدعوة لهذا الدين .
ومن صور الترحيب والبشاشة لابنته ما ورته عائشة رضي الله عنها حيث قالت : كُن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده فأقبلت فاطمة رضي الله عنها تمشي ، ما تخظيء مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً ،
فلما رآها رحب بها وقال : (مرحبا بابنتي ) ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله )
ومن عطفه ومحبته لبناته زيارتهن وتفقد أحوالهن وحل مشاكلهن . . أتت فاطمة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يديها من الرحى وتسأله خادما ، فلم تجده فذكرت ذلك لعايشة رضي الله عنها ، فلما
جاء الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرته ، قال علي رضي الله عنه : ( فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا ، فذهبنا نقوم ، فقال( مكانكما ) ، فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري ، فقال : ( ألا أدلكما على ما هو خير لكما من خادم ؟ إذا أويتما إلى فراشكما أو أخذتما مضجعكما ، فكبرا أربعا وثلاثين ، وسبحا ثلاثا وثلثين ، واحمدا ثلاثا وثلاثين ، فهذا خير لكما من خادم ) ..
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في صبره وعدم جزعه فقد توفي أبنائه وبناته في حياتته _ عدا فاطمة رضي الله عنها _ ومع هذا فلم يلطم خداً ولم يشق ثوبا ولم يقم المآدب وسرادقات التعزية بل كان عليه الصلاة والسلام صابرا محتسبا راضيا بقضاء الله وقدره .
وقدعهد الينا بوصية عظيمه وأحاديث جليلة هي سلوة للمحزون وتنفيس للمكروب ، منها قوله صلى الله عليه وسلم : (إنا لله وانا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي ، واحلف لي خيرا منها ،إلا أخلف الله له خيرا منها )
وقد وقد جعل الله - عز وجل - كلمات الاسترجاع وهي قول المصاب :
(انا لله وإنا إليه راجعون ) ملاذا وملجأ لذوي المصائب ، وأجزل المثوبة للصابرين وبشرهم بثواب من عنده تعالى :
0(إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)