بهدف تحسين الخدمات المقدمة للمصابين بها –
افتتح أمس «المؤتمر الخليجي التاسع لأمراض المخ والأعصاب «بجامعة السلطان قابوس وذلك برعاية معالي درويش بن اسماعيل البلوشي الوزير المسؤول عن الشؤون المالية خلال الفترة من (6-8 نوفمبر 2014م)، بمشاركة مجموعة من الأطباء والمختصين في مجال أمراض المخ والأعصاب، وذلك بهدف التعرف على آخر ما توصل إليه العلم الحديث في هذا المجال لتعزيز كفاءة الخدمة الصحية المقدمة في هذا المجال.
يعتبر اختيار السلطنة لاحتضان هذا المؤتمر إشادة عالمية لمكانة السلطنة، ويأتي تنظيم المؤتمر من قبل الرابطة العمانية للمخ والأعصاب بالتعاون مع مستشفى جامعة السلطان قابوس والمستشفى السلطاني، وبدعم من وزارة الصحة وديوان البلاط السلطاني والخدمات الصحية بالقوات المسلحة ومجلس البحث العلمي والمجلس العماني للاختصاصات الطبية وعدد من الشركات وشركات الأدوية والصيدليات الخاصة، وبمشاركة واسعة من العاملين بالمؤسسات الصحية المختلفة الحكومية والخاصة بالسلطنة ودول الخليج العربي، وبمشاركة عدد كبير من المهتمين بأمراض المخ والأعصاب على مستوى دول الخليج والدول الأوروبية والهند وبعض الدول العربية الأخرى، وذلك بحضور رئيس رابطة اتحاد الأطباء العرب لجمعيات العلوم العصبية وبمشاركة كبيرة من المهتمين بمجال أمراض المخ والأعصاب.
أهداف المؤتمر
يأتي المؤتمر الخليجي التاسع لأمراض المخ والأعصاب استكمالاً لمشوار البحث والتطوير، كما أنه يعد فرصة للالتقاء بالخبراء في مجال علم أمراض المخ والأعصاب للنقاش والتحدث عن أهم الانجازات التي توصل إليها العلم في هذا المجال، وكذلك فرصة لتقييم الخدمات المقدمة للمرضى المصابين بأمراض المخ والأعصاب على مستوى دول الخليج واليمن، ويمنح أيضاً فرصة للأطباء والباحثين في هذا المجال تقديم أوراق العمل الخاصة ببحوثهم.
ويسعى إلى تعريف متخذي القرار بشكل أعمق عن أهمية تحسين الخدمات المقدمة للمرضى المصابين بأمراض المخ والأعصاب، وكذلك رفع مستوى الوعي الثقافي الصحي للمجتمع والجمهور عن الأمراض التي تصيب المخ والجهاز العصبي وكيفية التعامل بها وذلك باستشارة الأطباء المتخصصين من أجل الوصول إلى التشخيص المناسب، وأيضاً يسعى للحث على وضع دليل استرشادي عن كيفية علاج الأمراض الشائعة التي تصيب المخ والجهاز العصبي مع الأخذ في عين الاعتبار خصوصية المنطقة مع الاستفادة من تجارب دول العالم، ويهدف المؤتمر إلى حث روابط وجمعيات العلوم العصبية بدول المجلس واليمن لعمل دليل للأطباء الممارسين لتخصص أمراض المخ والأعصاب على مستوى الدول ليكون مرجعاً للأطباء والمرضى والمهتمين بهذا المجال.
محاور المؤتمر
يناقش المؤتمر الذي يستمر لمدة ثلاثة أيام العديد من المحاور في مجال أمراض المخ والأعصاب المختلفة كالسكتات الدماغية والصرع والصداع والحركات غير الإرادية والأمراض التي تؤثر على الذاكرة كالخرف والتصلب المتعدد والأمراض التي تصيب الأعصاب الطرفية وأمراض الأعصاب الوراثية، ويصاحب المؤتمر عدد من حلقات العمل المتخصصة للطلاب والأطباء.
وتضمن الحفل عددا من الفقرات المتنوعة، بدأت بآيات عطرة من الذكر الحكيم، ثم ألقى الدكتور عبدالله بن راشد العاصمي رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر كلمة قال فيها: تُشير التقارير الواردة من منظمة الصحة العالمية إلى أن أعداد المرضى المصابين في العالم بأمراض المخ والأعصاب قد تجاوز البليون مريض، ومن المؤكد أن هذه الأرقام سوف تتزايد بشكل متطارد في السنوات القادمة، لأن سكان العالم يشيخون، حيث تكثر أمراض المخ والأعصاب في كبار السن مثل أمراض السكتات الدماغية والرعاش وأمراض الخرف. ولا يخفى علينا بأن هذه الأمراض تصيب كذلك الفئات العمرية الأخرى.
وإذا نظرنا إلى معدل الأعمار في السلطنة وللّه الحمد فأن أمد الحياة في تحسن مستمر، وكذلك فإن التركيبة السكانية للعمانيين تستمر في التغيير وتُشير التوقعات إلى أن نسبة كبار السن (أكبر من خمس وستين سنة) سوف تزداد بشكل اضطرادي بعد عام 2030م وسوف تُشكّل ما نسبته عشرون في المائة ( 20.1% ) من مجموع السكان أي حوالي مليون شخص مع الأخذ بعين الاعتبار أنها تُشكل حاليا ثلاثة في المائة (% 3) فقط أي حوالي مائة وخمسة وعشرين ألفا (125) من مجموع السكان.
وقال العاصمي: لا بد من أخذ هذا في الاعتبار وعمل الخطط اللازمة لتوفير البنية الأساسية والموارد البشرية المؤهلة للتعامل مع هذه الزيادة المتوقعة في الطلب على الخدمات الصحية والتعامل مع الأمراض الشائعة في هذه الفئة العمرية وخاصة الاعتلالات العصبية. مع العلم أن عدد أطباء المخ والأعصاب في دول الخليج يتراوح بين واحد لكل خمسين ألف نسمة إلى واحد لكل مائتي ألف نسمة (1: 200.0000) في حين أن النسبة الموصى بها من منظمات دولية في حدود واحد إلى خمسة لكل مائة ألف نسمة.
وأضاف: لقد أثبتت دراسات عديدة من دول العالم المتقدم ومنها المملكة المتحدة أن سبب زيارة المريض إلى الطبيب العام في كثير من الأحيان بسبب أمراض المخ والأعصاب، وإذا أخذنا مثالا عن الأمراض التي تُصيب المسنين لتوضيح الصورة عن الأعباء المالية على اقتصاد الدول فيقدر عدد المُصابين بمرض الخرف عالمياً أكثر من أربعة وأربعين مليون شخص ورعاية هؤلاء المرضى يحمل عبئاً كبيراً على اقتصاد الدول، فعلى سبيل المثال في عام 2012م بالمملكة المتحدة كانت التكلفة المالية لمرضى الخرف ثلاثة وعشرين بليون جنيه إسترليني في السنة ومن المتوقع أن تتزايد هذه التكلفة لأكثر من خمس وعشرين في المائة مع عام 2018م ومعظم هذه التكلفة هي تكلفة الرعاية غير المدفوعة. أي أن العبء المالي على اقتصاد المملكة المتحدة من مرض الخرف أكثر من تكلفة علاج أمراض السرطان والقلب مجتمعة.
وعلى الرغم من أن الاعتلالات العصبية تُشكل عبئاً كبيراً على المجتمع ولكن للأسف هي غائبة في أجندة أعمال الاجتماعات الدولية الخاصة بالصحة وكذلك معظم الخطط الصحية المحلية وفي كثير من الأحيان لا تُغطّى هذه الأمراض بنفس المستوى كما تُغطّى غيرها من الأمراض.
واختتم حديثه بالقول: إننا جميعاً نتحمل مسؤولية إيصال هذه المشكلة إلى جهات الاختصاص في بلداننا ليس فقط لضمان التمويل المناسب ولكن كذلك لإصدار التشريعات والسياسات الفعالة للوقاية من هذه الأمراض. وكذلك زيادة الوعي عن هذه الأمراض عند الأطباء ومقدمي الرعاية الصحية الذين يتعاملون مع هذه الحالات وكذلك المجتمع، وتكريس التمويل لإجراء البحوث في هذا المجال لتحقيق الاكتشافات التي تؤدي إلى فهم أعمق لطبيعة هذه الأمراض وعلاجها وكذلك الوقاية منها.
بعدها ألقى البروفيسور محمد التماوي رئيس اتحاد أطباء العرب للعلوم العصبية كلمة تحدث فيها عن أمراض المخ والأعصاب، وتطرق إلى أن مثل هذا اللقاء العلمي يزخر بالكثير من التجارب الناجحة والمتطورة والتي تزودنا بالمعرفة من أجل تطوير الخدمات الطبية. ونتمنى أن يحقق المؤتمر هدفه الأسمى ويكون له أثره الجلي في إثراء خبرات المشاركين، ونقل أثر تلك الخبرات إلى المستشفيات التي يعملون بها، بما يرتقي بنوعية الخدمات العلاجية المقدمة للمرضى.
ويشمل المؤتمر على المحاضرات الشفوية والمناقشات العلمية وعرض الملصقات وعدد من حلقات العمل في مجال أمراض المخ والأعصاب من أجل الإمعان في الحيثيات الدقيقة والمستجدات الحديثة التي سيناقشها المؤتمر من خلال الدراسات والبحوث الحديثة في هذا المجال، وكذلك وسيتضمن المؤتمر سلسلة من الدراسات الطبية والنقاشات العلمية والبحوث وكل ما يخص أمراض المخ والأعصاب حيث سيتم مناقشة أبرز مستجدات المرض على الصعيد العالمي تشخيصا وعلاجا.
الجدير بالذكر أن المؤتمر الخليجي التاسع لأمراض المخ والأعصاب يعد من أهم المؤتمرات التي تعقد تحت مظلة جمعيات وروابط أطباء أمراض المخ والأعصاب في دول مجلس التعاون الخليجي واليمن ويعقد بصفة دورية كل سنتين، فقد تم عقد أول مؤتمر في الكويت عام 1998م، فيما عقد المؤتمر الثاني في السلطنة عام 2001م.