بعثت دبلوماسية إسرائيلية بارزة برسالة دعم وتأييد غير مسبوق للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كشفت في طياتها عن إعجابها الكبير بأدائه، وموقفه المعادي لحركة حماس، وتقارب نظامه مع إسرائيل.
روت فسرمان لاندا الذي سبق وعملت في السفارة الإسرائيلية بالقاهرة بين الأعوام2003 – 2007، والتي خاطبت السيسي بـ"سيدي الرئيس" قالت إنه أذهل الإسرائيلين برجاحة عقله، في القضاء على الإرهاب، ودعم خطط اقتصادية جديدة، وكذلك في محاصرة العنف ضد النساء وزيارة المتضررات من التحرش الجنسي.
كما امتدحت الدبلوماسية الإسرائيلية الشابة في مقال بصحيفة "يديعوت أحرونوت" حمل عنوان "يا سيسي شعب إسرائيل معك..رسالة مفتوحة للرئيس" خطاب السيسي في مؤتمر إعمار غزة، وتوجه بشكل مباشر للإسرائيليين، وختمت مقالها المثير للجدل بالقول "أشد على يدك وأتلو صلاة لحفظ وتعزيز العلاقات بين دولتينا وبين شعبينا".
يشار إلى أن "لاندا"سبق وعملت أيضا مستشارة للرئيس الإسرائيلي السابق شمعون بيرس للشئون السياسية، وتعمل الآن نائب المدير العام للعلاقات الخارجية في المركز الإسرائيلي للسلطات المحلية.
إلى نص الرسالة..
سيدي الرئيس عبد الفتاح السيسي، بصفتك من تقود الأمة المصرية وتتخذ خطوات زعامة حقيقية رغم كل الصعوبات، أحيي شجاعتكم. حصلت على "إرث" غير يسير:وضع اقتصادي لا يطاق، نسبة أمية تصل إلى أكثر من 40% من إجمالي عدد السكان، توتر غير مسبوق بين الأقلية القبطية وبين الإسلاميين خاصة خلال العامين الماضيين إلخ..
من تحليل أفعالك في الشهور الماضية يتضح أنه برجاحة عقل ووعي أصبحت زعيم مصر على درب زعماء نادرين في الحقيقة- زعماء شجعان.
أعدت مصر لدورها الطبيعي كزعيمة للعالم العربي. وثقت علاقات مصر مع المملكة السعودية مع الحفاظ على الدعم الاقتصادي الذي تمنحه هذه العلاقة. عرفت كيف تتعامل بحزم مع حماس خلال الحرب الأخيرة مع إسرائيل، وفي ذات الوقت، أبقيت نافذة للقيادة الفلسطينية الشرعية بالنسبة لمصر، تحت قيادة محمود عباس( أبو مازن).
وضعت لنفسك هدف التقريب بين الأقباط والمسلمين، عملية مباركة في هذا الاتجاه عبرت عن نفسها بتوظيف ملايين الدولارات في حماية وإعادة تطوير أهم كنيسة في مصر، التي تسمى" الكنيسة المعلقة"- عملية لم تحظ بشكل غير مفهوم بصدى في الإعلام العالمي.
نقشت على علمك قيمة محاصرة العنف ضد النساء، الذي زلزل مصر في الأونة الأخيرة. مع توفير الاهتمام الشخصي وزيارة النساء المتضررات من التحرش الجنسي، كرمز للشعب كله.
لم تتهاون بالتحدي الاقتصادي الصعب بل تبني، تتعلم، تخطط وتخرج حيز التنفيذ خططا ذات رؤية لتطوير الوضع، وطوال الوقت وأنت توضح لشعبك، بحكمة، أنك لست ساحرا وأن حكومتك لا تحقق المعجزات، حتى تطابق التوقعات بالواقع غير اليسير.
سيدي الرئيس، استمعت بتمعن شديد لخطابك الأخير، الذي ألقيته أمام المؤتمر الدولي الذي التئم مؤخرا في القاهرة حول إعمار قطاع غزة. سمعت ثلاثة أشياء رئيسية.
الأول- لم ولن يكون هناك مسار لتسوية إقليمية بدون أن تكون هناك تسوية ثنائية إسرائيلية-فلسطينية. وبذلك وضعتَ حدا لكل محاولات خلق طريق يلتف على عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية، وفي نفس الوقت لم تغلق الباب لإيجاد تعاون إقليمي يضم إسرائيل.
الثاني-توجهتَ مباشرة لشعبي، الشعب الإسرائيلي، وتحدثتَ على أهمية إنهاء الصراع وحل الدولتين لشعبين. هذه هي المرة الأولى بعد أن فعل ذلك الرئيس الراحل أنور السادات التي يتوجه فيها من يحكم الجمهورية المصرية للشعب الإسرائيلي مباشرة. وهو ما سارعت كل الصحف المصرية للإشارة إليه، ليس بتحقير أو بنغمة انتقاد، بل بمدى كبير من الإعجاب.
أكدتَ بين السطور أنه على الرغم من التهديدات ( من مثلك يعرفها، كرجل وهب كل حياته لأمن وطنه) فإن الطريق الوحيد للأمن الحقيقي لأطفالنا هو إنهاء الصراع الإسرائيلي- الفلطسيني، بشكل يضم باق دول المنطقة الداعمة للاستقرار. وكل ذلك، بهدف مواجهة أخطار محدقة مثل تنظيم" الدولة الإسلامية" ( داعش)، والانتفاضة المتطرفة داخل تركيا، وتفكك ليبيا وتركها لعناصر متطرفة، وتدهور الوضع في سوريا، إلخ..
تنصت الجماهير في إسرائيل وتقدر موقفك، سيدي الرئيس، كمن وقف إلى جانب إسرائيل خلال حربها ضد حماس في عملية" الجرف الصامد"- حتى وإن كان الأمر جاء انطلاقا من رغبة قوية في الحفاظ على المصالح الحيوية المصرية-فإنك حظيت بتأييد الشعب الإسرائيلي.
وكالشعب المصري الذي لا ينسى من قتل جنوده بدم بارد وخطط لإسقاط النظام المركزي في مصر، من خلال تفعيل خلايا الإرهاب في أعماق سيناء، كذلك أيضا لا ينسى الشعب الإسرائيلي من وقف إلى جواره في الأوقات العصيبة.
الأمر الثالث الذي سمعته في خطابك هي الكلمات التي لم تقال، لم تسمح بأي شئ، ولو كان قليلا لحماس. شددتَ مجددا على أهمية السلطة الفلسطينية، ورئيسها كزعيم وحيد للشعب الفلسطيني. أشرتَ مرارا وتكرارا للدور الذي يتعين عليه أن يقوم به بما في ذلك في قطاع غزة " فيما بعد" لحرب الأخيرة، وبذلك أسقطتَ أي مدلول للشرعية، الواضحة أو الخفية لحماس.
وفي المقابل سيدي الرئيس، تدفع بشكل متسق عمليات التعاون الاقتصادي بحجم كبير وملحوظ مع الكثير من الشركاء على الساحة الدولية، بما في ذلك مع إسرائيل. سواء أكان يتعلق هذا بالغاز أو بتعاملات أخرى. هذه الصفقات لم تحيطها السرية ولا يتم الحديث عنها فقط بالغرف المغلقة كما كان يحدث خلال حكم سابقك، بل مكشوفة للشعب المصري، ومدعومة من قبل وزارء حكومتك.” هذه الصفقات لصالح مصر"، قيل ذلك أكثر من مرة على لسان عناصر رسمية مرموقة تحت قيادتك.
لذلك، سيدي الرئيس، وبصفتي عشت في الماضي عدة سنوات في مصر وعملت في خدمة الخارجية الإسرائيلية، بل أكثر من ذلك كمواطنة إسرائيلية- أشد على يدك وأتلو صلاة لحفظ وتعزيز العلاقات بين دولتينا وبين شعبينا.
رابط الرسالة:
http://www.ynet.co.il/articles/0,7340,L-4581368,00.html