التشكيل بالصورة في قصيدة الحوراية ( للشاعر محمد عبد القوي حسن
بقلم : الباحثة / أسماء أسامة محد عبد العال
كعادته يطل علينا الشاعر محمد عبد القوي حسن شاعر العامية المصرية الذي يمتاز شعره بالصدق والتلقائية وروعة التصوير وقوة الشعور وإستخدامه للصورة الفنية وروعة تشكيله بها في اطلالة جديدة يطل بها علينا لننهل من فيض إبداعه وهي ( قصيدة الحوارية ) من اسم القصيدة تتجلي لنا الصورة الفنية في تجسيده للمحبوبة بصورة حوراية من الحور العين في الجنة وهذا يدل علي حسنها وجمالها الذي لا يوجد في الكون بل هو قابع في أعلي الجنان ثم يبدأ قصيدة ببراعة الاستهلال في مفتتح القصيدة معتمدا علي عناصر الصورة الشعرية من تجسيد وتشخيص وتراسل بالحواس وتشكيلا بالمكان كما أعتمد علي عنصر التخييل كمصدر أساسي من مصادر الابداع وقد جاءت وسائل التشكيل في شعره معبرة عن الاحساس الفياض بالحب الممزوج بالشجن فبرزت عنده الصور الحسية ( كالصور البصرية والشمية والذوقية واللمسية ).
فالصور البصرية تجسد لنا المحبوبة في صورة ( إبتسام العيون – تورد الخدود – اكتحال العيون – المهرة الجميلة - النظرة الجميلة التي يتمني الشمس والقمر نظرة منها ) وكذلك تتجلي الصور الشمية ببراعة في قوله ( الندي يشرب في عطرك – الحنين والياسمين دبلانين غيرة من جنابك – السنين المعطرة - الزهور اللي شاربة كاساتك ) وكذلك أيضا تتجلي الصور الذوقية بإبداع حسي وذوقي في صورة فنية رائعة في قوله ( عسل سحرك وضيك – الحليب صفو اشتهائك – شهد الشهادة – شفتين بينقطوا نقطتين مليانين نبض وحنين – تسكر النسمات والأمنيات ) قد وظف الشاعر هذه الصور باقتدار فني وكثف وجودها في لوحات ناطقة بما يثور في نفسه حب هيام للمحبوبة التي لا توجد في حسنها مثيل فهي كالحور العين حتي أنه تمني الشهادة في سبيل حبها وبهذه الصور الحسية عكس الأفكار بين الحلم الرومانسي والواقع المعيش.
وأيضا أستخدم الشاعر التراسل بالحواس للتعبير عن المشاعر المتباينة بالفرح والسعادة من طلعة المحبوبة ولكنها أيضا تثير اشجان النفس ومواجعها فكرهما نغم هادئ فهو أستخدم مدركات حاسة اشم ( العطر – الزهور- الياسمين ) مستخفيا علي مدركات حاسة البصر علاوة عليأنهما من صفات الكائن الحي مما يجلي احساس عبد القوي حسن بالعطر مشموما لا يقل به عن الاحساس مرئيا في انتعاش روحي يحتاجإليه هاديا في طريقه للحياة .
والحواس هنا في حضرة المحبوبة تراسل مدركاتها حتي يختلط ما هو حسي بما هو روحي في منظومة جمالها كتسلسل مياه والبحار التي لا تنفد وهما من مدركات حاسة الذوق فتسمو لتصبح نورا وبدرا يشع بريقه للكون كله من مدركات حاسة البصر حتي النسيم والورود والزهور الذي هو من مدكات حاسة الشم واللمس معا يتحول عند عبد القوي حسن من ادراك مشموما وملموس إلي ادراك مالوف يدل علي شفافية المحبين
إن هذا المشهد الروحي بين المحبين تسمو فيه المحسوسات عن مألوفتها شما ولمسا ورؤية وتند عن ادراكها الحسي المألوف والمحدد إلى عالم أثيري مجرد لإحداث هذا الأثر الرقيق والعجيب لذي المتلقي للصورة الشعرية
ومن روعة ما صاغ الشاعر ايضا التشكيل بالمكان ليبرز لنا فاعلية الصور الشعرية وبراعة إستخدامها فشبه سحر وجمال المحبوبة بمدينة بابل المعروفة بجمالها الفائق وروعة سحرها وكذلك حنانها وحنينها بالنيل العظيم الذي يمد المصريين بالحياة فهو استخدم هذا الأسلوب لأستكمال هيئة ووصف جمال المحبوبة
ونجده أيضا استخدم التشكيل بموسيقي الشعر ببراعة فائقة قافية وإيقاع تسود القصيدة نغمة وموسيقي هادئة تكشف عن احساس فنان يعرف قيمة الصورة ونسيجها الفني ووقعها في اقرار المعني والفكر في منظومة التلقي داخل وجدان المتلقي / الناقد وفكره .
وفي النهاية نستطيع أن نقول أننا أمام شاعر يتميز بخصوبة شعره وايقاعه الشعري الجميلة وصورة الفنية البديعة فهو حقا شاعر مميز ومتميز إنه محمد عبد القوي حسن.
والله ولي التوفيق