الخطاب والسرد في قصص ..رمضان الحضري

تتلذذ بمضغ الليمونة ، تمسك بليمونة أخرى ، تقلبها بين يديها ، وفجأة تدفعها إلى فمي

و " تضحك " :
- اغرس أسنانك فيها أيها الكاتب الكبير ؟ .. لماذا تجزع وتغمض عينيك ويختلج وجهك هكذا ؟

.. ازدرد ماء الليمون ، دعه ينزلق إلى جوفك ليطفئ نارا ، وليكن بردا وسلاما على قلبك ، على صدرك ) " 2 "


هذا مقطع مطول لدرجة ما ، لكنه يعبر عن التقنيات التي يستخدمها الكاتب ليقدم لنا خطابه السردي ،

فهو يقدم الاخبار والوصف ، كما يقدم لنا السرد ، ويتوقف السرد ليدخل الوصف مرة أخرى ثم يعود

سيل السرد مرة أخرى ، ويتداخل الوصف والسرد في بعض الفقرات ، وهناك توازن في الفقرات والجمل

بين السرد والوصف . هذا إلى جانب احلال الحوار محل السرد ، فيتداخل الوصف والحوار ،

مما يجعل الحوار عنده أقرب " للسيناريو " السينمائي ، حيث إنه يصف احساس الشخصية وأفعالها قبل أقوالها ،

أو مع أقوالها ، مما يعني أن الكاتب يقدم صورة متتابعة ومكتملة لحركة الشخصية ، وتركيب الحدث .

إلا أن الكاتب - كثيرا - ما يضع الناقد والقارئ نصب عينيه ، بمعنى أنه لا يتغيب في شخصياته ،

أو أن شخصياته لها منظور نقدي ، ورؤية خاصة بتصوير الشخصية ، متفقة مع بعض الأراء ،

ومختلفة مع البعض الآخر ، حيث إنه لا يعول على النقد التقليدي كثيرا .

ويبدو أن دخول الكاتب بهذا الشكل النقدي داخل الوصف أو السرد ، يضطره لايقاف أحدهما ،

مما يفقد السرد تسربه ، وتسلسله الايقاعي ، وتصبح الرؤية لدي الشخصية والكاتب رؤية خارجية ،

على الرغم من وجود المبررات التي يسوقها الكاتب في خطابه .

ومع التجديد الهائل في " الزيارة " من ناحية التقنية سواء بتداخل السرد والوصف ،

وعلاقات التبادل بينهما ، أو ادخال السيناريو والحوار معهما ، أو رسم الشخصية المتحركة

والمنكرة في آن واحد ، مع وجود ايقاع سردي ينتظم العمل ( الزيارة ) ، حيث تتغير اللغة ، وتتغير الشخصية ،

وتتناقض الأحداث ، فالجنس حب ، واعجاب ، وربما قرب وصلة ، ولا علاقة له بالمال .

وبعد ذلك الجنس منصب ومال ووجاهة .

وفي اتجاه ثالث هناك قبول للمبدأ ، ورفض للمال ، أما الدوافع ، فتتضح في بعض المواقف ،

وعلى القارئ أن يبحث عنها في مواقف أخرى .

يبقى أن الأعمال القديمة ، والتي تستخدم النمط التقليدي في الكتابة ، وعند الصدق ،

فإنها أشبه لملخصات للقصص الطويلة ، كانت تجلّى مشروع قاص هام في مصر والوطن العربي ،

فكان مجيئها بعد الزيارة ، تحولات الرؤى - خلاف الأولى - كما يرى الفقهاء النقاد ، الذين يرهبون الكاتب ،

أكثر مما يتوددون إليه .
حيث لا يوجد قاسم مشترك بين هذه الأعمال ، سوى إبراز التطور الكبير في رؤية الكاتب ،

وهذه القصص لا تصلح إلا للتأريخ لهذا الكاتب المتميز .
وختاما :

تستحق أعمال مجدي جعفر دراسة مستفيضة ، خاصة في جوانب الايقاع السردي ،

وبُنى التمثيل السردي ، أرجو أن تتاح لي فرصة قريبة لانجاز هذا
والله الموفق

الهوامش
1 - ميخائيل باختين : القول في الحياة والقول في الشعر ، ترجمة أمينة رشيد وسيد البحراوي .

( بيروت : مجلة الآداب ، عدد يوليو وأغسطس 1988م ص 38 )
2 - مجدي جعفر : الزيارة ص 13 ، 14
دكتور / رمضان الحضري