بالصور: "حرب البطيخ" تشتعل في فلسطينالضفة-مراسلنا
ليس هذا اسما لفيلم سينمائي جديد، أو وصفا مبالغا فيه، بل هي حرب حقيقية على البطيخ الفلسطيني، تقودها الحكومة الإسرائيلية ووزارة الزراعة فيها، وللأسف الشديد بدعم وإسناد من بعض التجار والسماسرة الفلسطينيين الذين يرفضون دخوله للأسواق بديلا عن البطيخ الإسرائيلي المسيطر بشكل عام على السوق المحلي منذ عقود.
"فلسطين الآن" تابعت القصة منذ بدايتها، وتحديدا قبل نحو ثلاثة أشهر، حينما أعلن وزير الزراعة في الضفة الغربية حينها وليد عساف عن ظهور أول انتاج للبطيخ الفلسطيني في سهل البقيعة في الأغوار، ضمن مشروع دعمته مؤسسة "جايكا" اليابانية" بالبذور والبنية التحتية، وكان لوزارة الزراعة الفلسطينية دور في المتابعة والاشراف، وخاصة توفير المياه، إذ أن زراعة البطيخ تستهلك كميات مضاعفة من المياه الشحيحة أصلا في الأغوار.
يقول مصدر مطلع جدا من وزارة الزراعة -طلب عدم كشف اسمه- لـ"فلسطين الآن" إن "الاعلان عن انتاج البطيخ الفلسطيني أصاب البعض بالدُوار، فاستنفرت وزارة الزراعة الإسرائيلية واتفقت مع موردين وسماسرة فلسطينيين على إدخال البطيخ الإسرائيلي قبل موعده وبكميات مضاعفة، وصلت إلى 10 آلاف طن مرة واحدة، وللأسف هذا ما كان".
وتابع "المفاجأة الكبرى أن الضربة القاصمة تمثلت بقرار وزارة الزراعة في حكومة الوحدة الوطنية، قبل نحو شهر الأسبوع بفتح باب استيراد البطيخ الإسرائيلي إلى أسواق الضفة الغربية، بشروط حددتها الوزارة على التجار بما لا يضر بالمنتج المحلي -على حد زعمها- وهو ما اثار حفيظة وغضب المزارعين.
تقصير الوزارة
وكان المزارعون زرعوا هذا الموسم نحو 1700 دونم من أشتال البطيخ في مناطق مختلفة من الضفة الغربية، بعد تراجع حاد في إنتاجه خلال السنوات العشرين الماضية، إلا أن كمية الإنتاج لم تتجاوز بعد 35٪ من استهلاك الفلسطينيين له.
المزارعون اتهموا وزارة الزراعة بمحاولة التضييق عليهم، وتكبدهم خسائر باهظة بسبب القرار الأحادي.
فيما ناشد وزير الزراعة السابق في حكومة رام الله وليد عساف، الرئيس محمود عباس ورئيس وزرائه رامي الحمد الله، بـ "السماح ببيع البطيخ الفلسطيني في أسواق فلسطين".
وتساءل عساف، "لماذا يُمنع المنتج الوطني من البيع في الأسواق الفلسطينية؟".
ما دفع عساف لهذا التصريح وهو الذي بات خارج دائرة المسئوية، يفسره لنا المصدر المطلع-، فقد تعرضت سيارة تحمل بطيخا فلسطينيا لاعتداء من تجار وسماسرة محليين خلال تواجدها في مدينة رام الله للترويج للمنتج المحلي.
وهدد عساف بالكشف عن أسماء التجار الذين يهربون البطيخ القادم من المستوطنات إلى السوق المحلية، مشيراً إلى أنهم (تجار التهريب)، بدءوا بنشر الإشاعات حول إصابة البطيخ الفلسطيني بالأمراض، وأنه يروى بالمياه العادمة.
وتمنع قوانين وزارة الزراعة، التجار من استيراد البطيخ القادم من المستوطنات الإسرائيلية، تنفيذاً لقرار رئيس السلطة عام 2010، بتجريم المتاجرة بأي منتج قادم من المستوطنات.
الانتشار الأكبر للبطيخ الإسرائيلي كان في أسواق الخليل وبيت لحم جنوب الضفة الغربية، رغم القرار الذي أصدره محافظ بيت لحم جبرين البكري بمنع إدخال البطيخ الإسرائيلي لأسواق المحافظة، لكن القرار بقي حبرا على ورق.
محاولات للترويج
بدورها، قالت منسقة اللجنة الوطنية لحماية المنتجات الفلسطينية عائشة حموضة لـ"فلسطين الآن" أن اللجنة تعمل كل ما في جهدها لتشجيع المزارع الفلسطيني في مجال فلاحة الأرض، ومساعدته في تسويق منتجاته، وبضمنها البطيخ عالي الجودة.
لكن -المصدر الخاص بـ"فلسطين الآن"- كشف عن أن اللجنة عملت بشكل إيجابي، إذ اتفقت مع أحد المزارعين وهو عبد الحكيم عبد الرازق من منطقة طوباس- على بيع حمولة كاملة من البطيخ عالي الجودة، وملصق عليه "ليبل خاص"، بسعر عشرة شواقل فقط للبطيخة الواحدة مهما كان وزنها بهدف تشجيع المواطنين على شرائه والتحذير من خطورة التعاطي مع منتجات الاحتلال وبضمنها البطيخ الإسرائيلي الذي لا يضمن أحد مدى جودته.
هذه الخطوة سارت بشكل طبيعي وسط مدينة نابلس قبل نحو عشرين يوما، لكنها فشلت بعدها بيومين في مدينة رام الله.
وتابعت حموضة "إن -حرب البطيخ- كما اسمتها، هي معركة على الأرض وعلى السيادة، ومعركة من اجل تحقيق مستوى أعلى من الأمن الغذائي، ومن اجل تعزيز الاقتصاد الوطني كرافعة للتحرر الوطني وأداة للحد من مستويات البطالة المتصاعدة، لا سيما أن الأرض التي يزرع فيها البطيخ الفلسطيني وخصوصا في منطقة البقيعة وعموم منطقة الأغوار، هي أراض مهددة بالمصادرة والاستيطان.
وأشارت الى أن إنتاج البطيخ بكميات تجارية كبيرة يشكل تحديا للمنتوجات الإسرائيلية عموما، ومنتوجات المستوطنات على وجه الخصوص، فقد بلغ حجم مبيعات البطيخ الإسرائيلي في الأسواق الفلسطينية أكثر من 150 مليون شيقل سنويا، ناتجة عن إغراق السوق الفلسطيني بحوالي 120 الف طن من البطيخ سنويا.
المزارع عبد الرزاق، قال "بلغت تكلفة زراعة 400 دونما من البطيخ مليون و600 ألف شيكل، وبسبب التضيقات علينا ومنافسة المنتج الإسرائيلي، لم يبلغ مستوى بيعنا إلا 400 ألف شيكل، وذلك سبب خسارة كبيرة لنا".
تدخل حكومة الاحتلال
من جهته، قال الناشط في مجال مناهضة منتجات الاحتلال خالد منصور إن "إنتاج الفلسطينيين للبطيخ ومن نوعيات عالية الجودة شكل عامل تهديد قوي للمنتجين الإسرائيليين، الأمر الذي دفع حكومة الاحتلال إلى التدخل لفرض دخول البطيخ الإسرائيلي إلى الأسواق الفلسطينية باعتبار ذلك تنفيذا لبنود اتفاقية باريس، كما دفع وجود البطيخ الفلسطيني العالي الجودة، المنتجين والتجار الإسرائيليين إلى إدخال بطيخ إسرائيلي عالي الجودة لأول مرة إلى السوق الفلسطيني، بعد أن كانوا يغرقون الأسواق الفلسطينية ببطيخ متدني الجودة وجعلهم يخفضون أسعار بطيخهم مستفيدين من الدعم الكبير الذي توفره لهم حكومتهم وخصوصا لمزارعي المستوطنات.
وختم بقوله "دعم المنتج الوطني وحماية الأغوار بنظر الكثيرين لا زالت شعارات، ولتحويلها لواقع يجب تخفيض اسعار مياه الري، وتأمين البذور المهجنة للمزارعين، لكن تهافت المواطنين لشراء البطيخ الفلسطيني اثبت قدرته على المنافسة".
بطيخ فلسطيني
بطيخ فلسطيني
بطيخ فلسطيني
بطيخ فلسطيني
بطيخ فلسطيني
بطيخ فلسطيني
المصدر: فلسطين الآن