دعوى علنية لتشكيل ميليشيات مسلحة خارج القانون
المصريون - جمال سلطان الأحد, 01 يونيو
على مدار الأسابيع الماضية كنا نحذر من تمدد الفاشية في خطاب بعض المثقفين الموالين لعسكرة الدولة والذين يتاجرون ـ زورا ـ بخطاب الوطنية المزيف ، رغم أنهم أكثر الناس إساءة للوطن وإضرارا بمكانته وتشويها لسمعته وصورته أمام العالم كله بما يصل إلى حد الفضائح ، لكننا الآن أصبحنا على أبواب التحذير من ظهور روح "مافياوية" لدى قطاع من النخبة المؤيدة لعسكرة الدولة ، ينادون صراحة لأن تتحول قطاعات من الدولة وأجهزتها الأمنية إلى ميليشيات مسلحة أو عصابات مافيا تقوم بقتل المعارضين للنظام خارج إطار القانون ، ولا داعي لأن تحيل متهمين إلى نيابات أو محاكم ، فتلك قصة قديمة في نظرهم وتعطل المصالح وتؤخر العدالة ، وقد نشرت صحيفة "المصري اليوم" أول أمس مقالا كارثيا يبشر بهذا التحول للكاتب المعروف "علي سالم" ، مؤلف مسرحية مدرسة المشاغبين ، وأحد أبرز المطبعين الذين زاروا إسرائيل واحتفل بهم واحتفلوا به وأثنى على أخلاقهم وطباعهم وإنسانيتهم في الوقت الذي كانوا فيه يذبحون الفلسطينيين بدم بارد ، علي سالم دعا في مقاله بعض "الغيورين" من رجال الشرطة المصرية إلى تكوين عصابات أو ميليشيات خاصة سرية من بين ضباطها ورجالها ، منفصلة عن المؤسسة الرسمية ، وزارة الداخلية ، وتعمل بشكل سري ومغلق ، وتقوم برصد المعارضين ومن يستخدمون العنف منهم ضد الدولة ، ويعقدون لهم محاكمات شرطية خاصة بهم ، ويقومون بتصفيتهم وقتلهم مباشرة ، بلا محاكمات بلا يحزنون ، ومن يتم اتهامه من المعارضين أو الشك في أنه حرق سيارة شرطة تقوم عصابات المافيا الجديدة بحرق بيته وبيت أسرته في نفس الليلة ، وتسجل عملية الحرق ضد مجهولين ، هكذا بنص كلامه المروع ، ويقول علي سالم أن هذا النظام كان معمولا به في فرنسا ، وثبتت نجاعته في علاج الجرائم !!. يقول الكاتب في مقاله الذي نشره تحت عنون "جماعة شرف البوليس" : (إن وجود جماعة من الشرطة تعمل فى سرية مطلقة، ستكون لديها قدرات أكبر على الحصول على المعلومة المطلوبة، البشر يميلون إلى مساعدة الأقوياء بشرط أن تكفل لهم السلامة. المهم فى نهاية الأمر أن كل من يحرق مدرعة للشرطة سيتم حرق بيته فى نفس الليلة بواسطة مجهولين. أن تراقب تحركات ضابط شرطة لكى تقتله، عليك وعلى أهلك أن يعرفوا أنك ستقتل فى نفس الليلة) ، علي سالم يدرك خطورة ما يقوله وأنه تحريض صريح على القتل خارج نطاق القانون ، ويعترف بوضوح كاف أن ما يقوله هو عدوان على القانون ، وهو يعترف في مقاله بذلك صراحة حتى يريح من يقرأ ويحلل كلامه ، مضيفا قوله : (هل أنا أقوم بتحريض الشرطة على أن تقوم بتقليد إخوة لهم من فرنسا لحماية أنفسهم والدفاع عن شرفهم الشخصى؟.. نعم أنا أقوم بتحريضهم على ذلك.. أنا أقوم بتحريض رجال الشرطة المصرية على قتل كل قاتل خسيس يتصور أنه لا يوجد من سيطارده ويقتص منه ، وهل ما أطلبه فيه عدوان على القانون؟.. نعم من فضلك.. ارفع صوتك قليلا لكى أسمعك.. نعم ما أطلبه ليس قانونيا ولكنه عادل بكل المقاييس.. أعظم حق من حقوق الإنسان وأعظمها قداسة هو حقه فى الدفاع عن نفسه، وكل ما أطلبه هو السماح لرجال الشرطة، وكان أبى واحدا منهم، أن يدافعوا عن حياتهم وعن شرفهم كأصحاب مهنة من أشرف المهن) . علي سالم يسخر من أي عقوبة يمكن أن يتم توقيعها على القتلة والسفاحين من هذه المنظمات السرية الإجرامية المنبثقة عن الشرطة في تصوره ، ويرى أن أقصى عقوبة لمن يقتل الناس منهم أن يعاقب بلفت نظر أو حرمانه من إجازة الخميس والجمعة ، موضحا : (أنا شخصيا سأطالب بعقابهم، على الأقل لابد أن يُعاقبوا بلفت نظر، أو خصم يومين، أو حرمانهم من إجازة الخميس والجمعة) . بطبيعة الحال النسخة التي يطالب علي سالم بتشكيلها شبيهة بنسخة "جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية" ، التي ترى أنه لا قانون ولا دولة ولا يحزنون ، وأنها تثأر لشرف ضحايا الشرطة وأن محاكمها الخاصة تكفي لإصدار الحكم وتنفيذه ، ويمكن أن نصف المنظمة السرية الجديدة التي يعلن عنها علي سالم بأنها "جماعة بيت لاظوغلي الإرهابية" ، وبدون شك فإن هذه الدعوة الإجرامية لا تحتاج إلى بلاغات للنائب العام أو أي جهة مسؤولة في الدولة للتحقيق فيها ، ولو كانت في دولة حقيقية بها أبسط مقومات حرمة القانون والدستور الحاكم للبلاد لاهتزت أركانها من عظم هذه الدعوة الإجرامية ، وأغلب الظن أن ما قاله الرجل سيمر بشكل عادي جدا ، لأن الخطاب الإعلامي السائد في وحشيته وفاشيته يتفهم مثل هذه الدعوات الإرهابية التي تتسمح في الوطن وحماية أمنه ، وأن تنشر صحيفة يومية معروفة مثل هذا الجنون والإجرام والتحريض على العنف وإهانة القضاء وسيادته وهدم الدستور وأعمدته ، سيكون شيئا معتادا في الأشهر المقبلة ، ولكن المؤكد أن مثل هذه الخطابات ستمثل دعما معنويا وأخلاقيا حقيقيا تسعد به أي منظمة إرهابية ، باعتبار أنها تواجه عصابات مثلها وليست دولة .
المصدر الأصلى
أضغط هنا