وطني الجريح
وطني يئِنُّ من الأسى ويؤوه منسحقَ الفؤادِ
مُمزَّقاً بين المخالبِ والنِّيابْ
وطني يُنازعُ ،يستغيثُ ويستجيرُ
فلا تُجيره إلاّ أفواهُ الذِّئابْ
فتروحُ تنهشُ لحمَهُ وتُقطِّعُ الأوصالَ
ترمي ما تبقَّى للكلابْ
وعلى موائدِ عهرِهم أمسى الحبيبُ المفتدى
مأوى الزنابرِ والذبابْ
وغدتْ رياضُهُ للوحوشِ مرابضاً
وحقولُهُ أضحتْ مراعي للجرادِ
يُحيلُها قفراً يبابْ
ومدائنُ الوطنِ الحبيبِ ،بيوتُها وقصورُها
ساحاتُها حاراتُها وقِلاعُها باتتْ حُطاماً خاويهْ
لا صوتَ في أجوائها إلاَّ نعيقَ
البومِ والغربانِ يُنذِرُ بالخرابْ
والأهلُ والأحبابُ في وطني قضَوا
وتبعثرتْ أشلاؤهمْ بين الرُّكامِ الباكيهْ
والناسُ كلُّ الناسِ في وطني تشتَّتَ شملُهمْ
وغدَوا ضحايا أو طعاماً للوحوشِ الضَّاريهْ
شعبي تشرَّدَ في بلادِ اللهِ مرميَّاً
على الطُّرقاتِ يَستجدي الرَّغيفْ
ويعيشُ في عتمِ الخيامِ مُهمَّشاً ومُكبَّلاً
بالرُّعبِ والإذلال والجوعِ المُخيفْ
ديستْ كرامتُهُ وماتَ العزُّ فيه والشَّهامةُ والإباءْ
وتمرَّغتْ في الوحلِ والأقذارِ هامُ الكبرياءْ
فغدا طريداً شارداً سِلعاً تُباعُ وتُشترى
في سوقِ أبناءِ الظَّلامِ الأدنياءْ
من شوَّهوا الإنسانَ والأخلاقَ
وارتدّوا إلى طبعِ البهائِمْ
فتلطَّختْ صورُ الحضارةِ بالنَّذالةِ
والضَّغينةِ والتَّوحُّشِ والعداءْ
وأحطِّ أنواعِ الفظائعِ والجرائمْ
أسفي على وطني تصيرُ سماؤهُ
وجِواؤهُ ساحاً لأبواقِ النَّعيبْ
ولكلِّ آهاتِ العويلِ وكلِّ أنَّاتِ النَّحيبْ
أسفي عليه وكان بالأمسِ القريبْ
روضاً تُزيِّنهُ الأزاهرُ والورودْ
ويُغرِّدُ الشّحرورُ فوق جبالِه وتلالِه والعندليبْ
وتسودُه روحُ المودَّةِ والوئامْ
ويعيشُ في ظلِّ العدالةِ والأخوَّةِ والسَّلامْ
لكنَّ شعبيَ سوف يولدُ من رمادِ الموتِ
ينهضُ من جديدْ
مُتجاوزاً كلَّ المآسي بالتَّعاضدِ والتَّآزرِ والكِفاحْ
بالصَّبرِ والعزمِ الشَّديدْ
وبقوَّةِ الإيمانِ بالمستقبلِ الزَّاهي السَّعيدْ
سيُعيدُ للوطنِ المقدَّسِ والمجيدْ
تاجَ الكرامةِ والشَّهامةِ والإباءْ
فيعودُ شعباً واحداً متماسكاً متوحِّداً
في ظلِّ راياتِ المحبَّةِ والإخاءْ
شعباً يُطاولُ عزُّهُ قُببَ السَّماءْ
بقلمي انا حكمت نايف خولي