وحين يزعمون بوجود الخصومة والشقاق بين أبناء الرجل من زوجات مختلفات ، فنذكر هؤلاء بأن الإسلام حريص جداً على تماسك المجتمع الإسلامي الأباعد منهم والأقارب ، وفيما ياتي بعض التوجيهات القرآنية التي تؤكد ذلك
إنما المؤمنون اخوة
، وقوله تعالى
واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم
لايؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه
وقوله صلى الله عليه وسلم
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
هذا بين من تجمعهم كذلك أخوة النسب بانتمائهم إلى أب واحد
إن المغالاة في تصوير النزاعات المتوهمة بين أبناء العلات قد سيقت للتشكيك في إباحة تعدد الزوجات ، بل جعلهم ذلك يركبون الصعب للعبث بالشريعة الإسلامية
فماذا عليهم لو حكموا عقولهم ونظروا في أحوال البلاد التي قيدت الزواج وقيدت الطلاق كيف أصبح حال شبابها ونسائها ، إن الدعاة قد أصبحت في هذه البلاد مؤسسة ضخمة تدر مئات الملايين من الدولارات شهرياً أو سنوياً ، وأصبح عدد اللقطاء قريباً من عدد الأبناء الشرعيين ، بل إن الأبناء الشرعيين توشك شرعيتهم أن تضيع لما أصاب النساء والرجال من الانحراف والفساد
ويمكن أن نضيف التساؤل حول الأرامل والمطلقات ولا سيما ذوات الأبناء هل يحرمون من الزواج من رجل متزوج من أجل هذه النزاعات والشقاقات المتوهمة أو المتوقعة ؟ أما التاريخ فيقول عن أبناء الرجال الذين تزوجوا زوجتين وأكثر هؤلاء هم الذين فتحوا الدنيا وأناروها بالإسلام فلو كانوا حقاً في شقاق ونزاع لما خرجوا من جزيرة العرب بل هم لم يخرجوا من الجزيرة حينما كانوا يعددون الزوجات بلا حدود ولا قيود وكانوا لايقيمون للمرأة وزنا
وللرد على مسألة الاحتياجات الاقتصادية فنقول بأن الأرض لم تضق يوماً برزق من عليها والله عز وجل يقول
وفي السماء رزقكم وما توعدونويقول سبحانه
وما من دابة إلا على الله رزقها
وقد قسمت الكرة الأرضية بعد سيطرة الغرب وهيمنته إلى قسمين ؛ مجتمعات الوفرة والفائض التي تحارب التعدد ، ومجتمعات الجوع والفقر ، وليس سبب هذا التقسيم أن الفقراء لا يملكون بل هم يملكون ولا يعرفون كيف يستغلون ما عندهم فيقعون ضحية لقوة الغرب الذي يأخذ ما عندهم، ألا ترى الدول الصناعية تأخذ الخامات من الدول الفقيرة لتصنيعها فإذا ما صنعتها أعدتها منتجات
أوهموا العالم بأنها ضرورية
وبيعت بأسعار تفوق قيمتها الحقيقة عشرات المرات بل بلغ من جشع هذه الدول أنها تلقي بفائض إنتاجها في البحر أو تحرقه أو تتلفه بأي وسيلة حتى لايتدنى سعره في الأسواق فأي حضارة هذه تموت فيها الملايين من أجل ترف المترفين
ولابد أن نذكر أن المرأة حين تتزوج بصفتها ثانية أو ثالثة فهي تأتي برزقها ذلك أن كل مولود يكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد قبل أن يولد
فهي من مخلوقات الله التي تكفل برزقها كما أن هذه المرأة قد تكون صاحبة فكر وتدبير أو صنعة أو مهن قد تعين الرجل في عمله فينتقل من حالة الفقر والعوز إلى الغنى
ويزعمون أيضاً أن التعدد برهان على تمكن الغريزة البهيمية من الرجل ، فهل يقولون هذا من علم وبينة ؟
قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين
، هل الدين الذي يأمر بالعفة وغض البصر وحفظ الفرج ويعاقب على الزنا ـ متى توفرت شروط العقوبة ـ بالجلد أو الرجم هل مثل هذا الدين يسمح بالبهيمية ؟ أم أن البهيمية تتمثل في الاختلاط والتبرج والسفور ووسائل الفن الداعية إلى الرذيلة بما تعرضه من مفاتن المرأة ؟
ولكن لنرد بأسلوب آخر فالمسلم يتحمل أضخم مسؤولية عرفها الإنسان لأن أمته هي الأمة الوسط وهو المسؤول عن دعوة البشرية جمعا إلى الدين الحق وإقامة شرع الله فيها فالرسل قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يبعثون إلى أقوامهم خاصة وهم يتحملون مسؤولية الدعوة جميعها ، أما أتباع سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فقد أمروا أن يبلغوا فيشاركوا الرسول في مهمته
قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني
، وجاء عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قوله
نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما وعاها فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه
، فكيف لمن حمل هذه الدعوة والمسؤولية أن يكون بهيمياً ؟ كيف لمن حثه الإسلام على قيام الليل والغزو في سبيل الله ، ولمن دعاه الإسلام إلى التقلل من متع الدنيا
كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
أن يكون بهيميناً ؟ كيف لمن يؤمن بالإسلام الذي جاء من عند الله عز وجل القائل في كتابه
زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب
كيف لهذا أن يكون بهيميناً ؟ المسلم الحق لا تسيطر عليه الشهوانية والبهيمية إن سيطرت على غيره ، فهذه الصفة لو لم تكن حقاً مسيطرة على المجتمعات الغربية لما امتهنت المرأة هناك امتهاناً مزرياً بها وأصبحت تمتهن البغاء أو تمارسه دون أن تمتهن غيره من عشرات المجالات
ثم متى كانت المرأة محترمة إذا أوقفت في شباك زجاجي لتتلوى كالثعبان تعرض الأزياء ؟ أو تظهر في شتى الصور المثيرة التي تعرض فيها منتجات هذه الحضارة من الأحذية إلى الإطارات إلى الخطوط الجوية إلى أغلفة المجلات والكتب وغيرها
وثمة جانب آخر فالإسلام حين أباح التعدد راعى أن للمرأة غريزة مثل الرجل ، وفي ذلك يقول محمد قطب
ولكن حاجتها الطبيعية كيف تقضيها ؟ ومالم تكن معصومة فهل أمامها سبيل إلا الارتماء في أحضان الرجال لحظات خاطفة في ليل أو نهار ؟ ثم حاجتها إلى الأولاد
كيف تشبعها ؟ والنسل رغبة لا ينجو منها أحد
، ولكنها لدى المرأة أعمق بكثير من الرجل ، إلى أن يقول
فهل من سبيل إلى قضاء تلك الحاجات بالنسبة للمرأة بصرف النظر عن حاجة المجتمع إلى أخلاق نظيفة تحفظه من التحلل الذي أصاب دولاً كثيرة فأزالها من قائمة الدول التي كان لها دور في التاريخ ـ هل من سبيل إلى ذلك غير اشتراك أكثر من امرأة في رجل واحد علانية وبتصريح من الشرع
إن شرع الله لا يسأل فيه البشر أيرضونه أ
لا ؟ أيحبونه أم لا ؟ ولكن متى كان دعاة ما يسمى بتحرير المرأة والنساء القاصرات النظر اللاتي تطغى عليهن غريزة حب التملك أو المتغربون الذين باعوا عقولهم للغرب يسألون عن شرع الله ؟ إن الغرب نفسه كما ذكرنا يشكو من مشكلة اللقطاء والبغا وبيع الأطفال وقتل الأطفال المتسكعين بلا مأوى ، هذا الغرب لا يمكن أن ينظر إلى رأيه ، ثم هل درسنا التاريخ الإسلامي دراسة اجتماعية ؟ هل سألنا النساء اللاتي شاركن غيرهن في رجل يلتزم بقيم الإسلام وأخلاق ؟ لا شك أننا لو استقرأنا التاريخ استقراء صادقا ولو التزم المسلمون بالاسلام لما ظهرت مشكلة يطلق عليها تعدد الزوجات
6) زواج الرسول صلى الله عليه وسلم
وإن من أبلغ ما يمكن الرد به على من يثير قضية تعدد الزوجات أن نعرض موجزاً حول تعدد زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم فإن فيها النور والهداية والحكمة والعقل
عرف الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة قبل البعثة بالصدق والأمانة والعفة واستقامة الخلق فلم يعرف عنه مطلقاً أن شارك في أي
الزواج بها كبار أشراف قريش وكانت قد بلغت الأربعين من العمر ، تزوجها محمد صلى الله عليه وسلم وعاش معها في وئام زوجي وتفاهم وود حتى توفاها الله بعد ان بلغ الخمسين من العمر
وظل يتذكر هذه الزوجة بكل الوفاء والمحبة لأنها ىمنت برسالته وكانت قد جعلت مالها في سبيل الدعوة إلى الله ، وأنجبت له الذرية التي حرمها من غيرها من زوجاته
وكان زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعد خديجة من امرأة أرملة مسنة هي سودة بنت زمعة رضي الله عنها ، مات عنها زوجها وهي في الحبشة التي هاجرت إليها فراراً بدينها ، فما كان من النبي إلا أن تزوجها إكراما لها على تضحيتها في سبيل هذا الدين وخوفاً عليها من العودة إلى والدها المشرك ، ولكونها امرأة كبيرة في السن تستطيع أن ترعى شؤون أبنائه من خديجة رضي الله عنها التي توفيت منذ وقت قصير
وبعد سودة بنت زمعة التي شرفها الرسول صلى الله عليه وسلم بزواجه منها ولم تكن تملك مؤهلات الزوجة من الجمال والشباب تزوج الرسول صلى الله عليه وسلم من عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها رفيق دعوته وخليله
إن زواجه صلى الله عليه وسلم من عائشة الشابة الجميلة كان زيادة في القربى من أبي بكر الصديق ، ولأن الصديقة رضي الله عنها كانت ذات ذكاء وفهم وفطنة فهي التي ستنقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً من العلم لهذه الأمة ، ولو كان تزوجها للمتعة لما تزوج بعدها ، ولكن عائشة رضي الله عنها قد جاء بعدها نساء ينافسها في الجمال والشباب أما زواج الرسول صلى الله عليه وسلم الرابع فكان من حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، تلك المرأة التي بدأت تتخطى سن الشباب فقد كانت من الذين هاجروا إلى الحبشة وكانت متزوجة وتوفي زوجها بعد أن شهد بدراً وأحداً فتأيمت فما كان من أبيها إلا أن عرض تزويجها على أبي بكر وعثمان رضي الله عنهما ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها إكراماً لها ولأبيها
وتزوج الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك زينب بنت خزيمة أم المساكين
وكانت متزوجة قبله ولم تمكث طويلاً حيث عاشت معه عدة أشهر وتوفاها الله
وكان زواج رسول الله صلى الله عليه وسلم من أم سلمة هند بنت أمية التي هاجرت مع زوجها إلى الحبشة ولما هاجرت مرة أخرى مع زوجها إلى المدينة استشهد زوجها يوم أحد كانت قد كبرت في السن ولها أطفال ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن يعلم أمته الرحمة والرأفة فضمها إلى زوجاته