" :::::همساتٌ روحانيّة::::: "
وقفت في ظل شجرة سرو عالية تحاكي السماء ...
مستندة إلى جذعها بطولي الذي لا يعادل جزءاً من قامتها ..
و فيمَ أنا أفكِّر بسحرِ الطبيعة
سمعتُها تهمس لي :
- لِمَ لا تصعدين إليّ ..?
قلت لها لِمَ لا تنحنين أنتِ إليّ ..?
أنا أتباهى بشموخـي
فقلت وأنا أتباهى بما خُلِقتُ عليه .
و
نظرت إلى القمر لما كان بدراً يتلألأ في عظمة السماء أفكر بالكون وخالقه .
سمعتُ القمر يهمس لي :
- أنا أجمل منكِ .. بضوئي
أنير الكونَ , وقلوبَ الناس .
فقلت له لكنَّني أجمل منك , فأنا لا أتناقصُ .. بل أزداد علمـاً كلَّ يوم .
في الأرض الخضراء الربيعية جلست أنظر إلى القبرة وهي تفرد جناحيها وتطير سعيدة حتى حطَّت على غصن وردة , أملأ نظري بسحرها وأستنشق عطرها .. سمعت القبرة تهمس لي :
- السماء ملكٌ لي والأشجار وقمم الجبال , أنا أطير بحريّتي , لا أحدَ يسجنني .
قلتُ لها :
- أنا سجينةٌ لا أجنحة لي
وليس لي من الأمكنة غير بيتي الصغير هذا . لكنّني حين أغلق الباب خلفي
لا يصطادني أيّ صيّـاد .
جلست في منتصف جبل أنظر إلى أزهار الوادي حيناً وإلى الغيوم أحياناً .. سمعتُ الجبل يهمس لي :
- أنا الجبلُ العظيم , قمَّتي تناجي السماء , وسفحي يصعد عليه الناس ,أنا الذي أثبت الأرض و
- أخشعُ للّه تعالى
قلت لكنَّك ساكن مكانك لا تتحرّك , وأنا أزورك , ثم أسافر فأشاهد النهر والبحر والبلدان الجميلة , و ما فعلته يد الإنسان من إبداع .. وفي حلّي وترحالي
يسكن الإيمان قلبي .. أشكـر الله أحبّه و أناجيه .
وأنا جالسة قرب نهر جارٍ ينساب بعذوبة , سمعته يهمس لي :
أنا الماء العذب أروي والبساتين والشجر والزهر .. أنا الذي أعكس صورة الوجوه الجميلة على صفحتي , على ذرّات مائي مرايا صغيرة تتلألأ بضوءِ الشمس وضياء القمر .. أنا الذي ذكرني الله سبحانه في القرآن الكريم , قلت له :
أنت ساحرٌ وجميل , لكنّك في الدنيا قد تُغرق بعض الأطفال الذين جاءوا يستحمّون في مياهك أنا أهرع لإنقاذهم ,وفي الآخرة , أنت تجمّل الجنَّة للمتقّين من الناس ..وأنا أسعى لأكون منهم .
[كنت على شاطئ البحر أنظر إلى قرص الشمس يغوص في الماء ويسحب أشعته الأرجوانية من الكون , لينزل ستار الليل مكانه .. سمعت البحر يهمس لي :
- أنا المدى الواسع .. أذوّب هموم الناس , في أعماقي اللؤلؤ والمرجان والأسماك , وعلى سطحي ترحل البواخر من مكان إلى مكان , موجي لا يتوقّف , ومائي لا ينضب .
- لكن ماءك مالح .. وأنا أتفوّه بمعسول الكلام .
أمسكت القلم لأكتب خاطرة وصلتني من عالم الغيب ...
سمعتُ القلم يهمس لي :
- أنا الذي أظهر الكامن , أسجِّل التاريخ , وأكتب القصص والشعر والروايات .
فقلت لكنك لستَ شيئاً , إذا لم تعانقكَ أناملي و تملأك أفكاري .
أنظر إلى المرآة أكحل عيني وأتزين , سمعت المرآة تهمس لي .
- أنا الّتي أعكسُ لكِ صورةَ وجهكِ .. وأرتِّبُ لكِ مظهرك .
فقلت لكنَّك لا تستطيعين أن تعكسي أنهار الزمرّد في أعماقي .
وأنا أطبع قصصي أخزنها أعود إليها أطبعها ... سمعت الحاسوب يهمس لي :
- أنا أيسِّر لكِ الكتابة , أحفظ الأفكار , أنقل المقاطع أقوم
بمعجزات لا تستطيعين أنتِ القيام بها .
فقلت لكنَّك تصبح شيئاً مهملاً , إذا لم أصلك بالكهرباء .. ولم تعزف عليك أصابعي .
* اشتريتُ ساعة جديدة , تنظِّم لي أوقاتي وطريقة حياتي
أنظر إليها بين فترة وأخرى .. سمعتُ دقّاتها تهمس لي .
- لولاي ما عرفتِ مواعيد الأمسيات والندوات .. وما عرفت أوقات السحور وأوقات الصلاة .
فقلت أعرف من سطوعِ الشمس , وغيابها , من دلوكِ اللَّيل , وضوءِ الفجر .. و أستطيع أن أزيلَ غروركِ , إذا أزحتُ القطعة التي تستمدّين منها حياتك .
في هدأة الليل قبيل أذان الفجر , أحسستُ بهالات النور تنسكبُ في فؤادي , قرأتُ القرآن الكريم رأيت نفسي نقطةً صغـيرة , أمامَ عظمةِ الخالق وكلامه .
مددتُ سجَّادة , وسجدتُ للخالقِ بطواعيةٍ وحبٍٍّ ورغبة
إني أحبك يا إلهي
منقول