بقلم: أحمد سويلم
تمهيد:
تعد الكتابة للأطفال بألوانها المختلفة، رافدا معاصراً مهماً في التربية الثقافية للصغار، ومن ثم حظي الاهتمام بها عناية رجال التربية والثقافة في كل دول العالم.
وإذا كانت الثقافة هي الركيزة التي تمنح الإنسان إنسانيته، فإن الثقافة ـ دائما ـ تبدأ بالطفل، وتتخذ عدة أساليب إبداعية ومعرفية تضمن لهذا الصغير أن ينشأ مكتمل العقل والوجدان معاً.
والكتابة للطفل تهدف ـ في مقدمة أهدافها ـ إلى تثقيف الطفل، وإكسابه الوعي في مواجهة الحياة التي سوف يلقاها في مراحله المختلفة.
وقد أجمع خبراء الطفولة على أن الإبداع الأدبي ـ ومنه المعرفة كذلك ـ يعتمد على عدة مصادر يستقي منها كاتب الأطفال مادته، ويعيد صياغتها لتناسب المرحلة العقلية التى يوجهها إليها.
ويثور جدل كبير حول المستوى اللغوي الذي يناسب الطفل، فيلقي بعض (المجادلين) اللوم على اللغة العربية الفصحى توهما منهم أنها لغة صعبة لا تناسب عقلية الصغير.
والحق يقال إن اللوم لا ينبغي أن يلقى على اللغة، وإنما يوجه إلى الذين يستخدمون هذه اللغة، فمن المعروف أن العربية الفصحى تتراوح مستوياتها بين البساطة والتعقيد، ويستطيع القابض على لغته قبضاً جيداً أن يختار المستوى اللغوي المناسب لأية مرحلة عقلية دون صعوبة.
ومن ثم فإن كاتب الأطفال كي يحقق مستوى رفيعاً من هذه الكتابة يجب أن يتحلى باعتبارات ثلاثة:
أولا: اعتبار سيكولوجي. أي معرفة نفسية الطفل الذي يكتب إليه، وتغيراته وماذا يحب، وماذا يكره، ومتى يفرح ومتى يغضب.
ثانيا: اعتبار ثقافي. حيث يفترض في كاتب الأطفال تمتعه بثقافة عريضة وعميقة معاً لكي يسهل عليه اختيار المضمون الذي يناسب الطفل.
ثالثاً: اعتبار فني. ويقصد به معرفته الفنية باللون الذي يكتب به فإذا كان يكتب الشعر، عليه معرفة المقومات الفنية للشعر، وإذا كان يكتب القصة، عليه معرفة أركانها الفنية، وإذا كان يكتب المسرح عليه أن يكون ملماً بأصول الدراما، وهكذا.
تلك هي المبادئ الأولية في التعامل مع الأطفال، ولا شك أن هذه الاعتبارات الثلاثة هي ركائز أساسية أو هي أضلاع مثلث الإبداع، لكن داخل هذا المثلث نجد أموراً فنية وتربوية وثقافية كثيرة في مقدمتها الموهبة والقدرة على التأثير في نفس الصغير.
وقبل أن نخوض في مصادر الكتابة للطفل، نشير إلى عدد من أساليب التعامل مع تلك المصادر التي يعتمد عليها الكاتب.
فهناك أسلوب الاستلهام، ونعني به ببساطة أن الكاتب يتكئ على حادثة تاريخية أو موقف أو شخصية يستلهم عالمها أو بعضاً منه ويحاول صياغة ذلك ببساطة للطفل.
ـ وهناك أسلوب الاقتباس، أي أن الكاتب يقتبس قصة قديمة ـ قد تكون مكتوبة للكبار ـ لكنه حينما يعيد كتابتها للصغار، فإنه يبسط أسلوبها بما يناسب هذا القارئ الصغير.
ـ وهناك أسلوب (التعصير) للقصة القديمة، أي أن الكاتب من حقه هنا أن يطور ويعصَّر من القصة بحيث يحذف منها مالا يجوز تقديمه للطفل ويؤثر على وجدانه سلباً مثل الخرافة الفجة أو الجنس أو الرعب أو القتل الدموي وغير ذلك، ويعيد كتابة النص برؤية مختلفة تعطي القيمة والمتعة معا.
مصادر ثقافة الطفل العربي
يمكن أن نتفق هنا على أن الثقافة الأدبية التي توجه خصيصاً إلى الأطفال تتسم بالحداثة ولا تتعدى نشأتها قرنين من الزمان.
ونظراً لأن علم التربية بأسسه الحديثة قد أرسى نظرياته في التربية والتعليم في ضوء العصر فمن الطبيعي أن ننظر إلى ما أنتجته العصور السابقة على أنه أدب (تلقائي) يعوزه الإطار أو الشكل أحياناً بما يتناسب مع المتلقي كبيراً كان أم صغيراً في ظل قدراته وعواطفه ووجدانه الخاص.
إننا نميل هنا عن يقين إلى الرأي الذي يعتبر تراث الحكم والأمثال والمواعظ القديمة جزءاً من الإنتاج الأدبي لهذه الشعوب سواء كُتب للكبار أم للصغار، وسواء أكان شعراً أم نثراً، وسواء حفظه الناس أم التزموه فى سلوكهم اليومي.
ومن الصعب ـ قديماً ـ أن نفرق بين ما كان يُكتب للصغار وما كان يكتب للكبار، حيث كان المستوى اللغوي السائد لا يفرق بين المتحدثين به أو المتعاملين معه، بحيث لم يكن الصغير يجد صعوبة في فهم ما يتلقاه داخل المدرسة، إلى جانب أن الحكم والأمثال ـ خاصة في مصر القديمة ـ كانت موجهة من والد إلى ولده (أو هي كتبت على لسان والد إلى ولده) وهذه الخاصية ـ وإن أعطتها صورة التوجيه التربوي ـ لا تقف دليلا وحدها على أنها موجهة للصغار فقط، أو أنها كتبت خصيصاً لهم، فربما قرأها الوالد (الكبير) أو جده.. وهكذا (1).
وهكذا الحال لدي العرب، فمن غير المعقول ولغة قريش هي لغة القرآن، ألا يتحدث بها الجميع كباراً وصغاراً، بل إن العصر الجاهلي يخبرنا أن الصغار كانوا يقولون الشعر بهذه اللغة ذات المستوى الواحد الفصيح الجذل، مثل لبيد بن ربيعة، وكعب بن زهير، وطرفة بن العبد، بما يجعلنا نتأكد من عـدم وجـود أدب كتب خصيصاً للأطفال.
وإن كان وجد لدى العرب فن ترقيص الأطفال وأغاني اللعب، ووصايا الآباء للأبناء، وكلها قد توجه للكبير وللصغير ما عدا فن ترقيص الأطفال الذى يوجه إلى المولود بغرض اللعب معه بالمناغاة واللحن والموسيقي وليس بالكلمة.
وحينما نرحل مع التاريخ، ومع التغيرات السياسة والانقسامات التي تميزت بالفتوحات ودخول جنسيات أخرى إلى الجنسيات الأصلية، وبالتالي دخول أنماط الثقافة واللغة ـ خاصة لدى العرب المسلمين ـ نلاحظ أنه قد نشأت الحاجة إلى وجود أكثر من مستوى لغوي للتعامل مع فئات البشر.
فمثلاً اختلف المستوى اللغوي في الدواوين الحكومية عن المستوى الذي اتخذه الأدباء والشعراء في إبداعهم، عن ذلك الذي التزمه في تحاورهم اليومي.
وفي خضم الصراعات، انتبه نفر من المفكرين إلى تربية الأطفال وإنقاذهم من أتون تلك الصراعات، ووجدنا نظريات كثيرة للتعليم والمتعلمين وأسس التربية في مجالاتها المختلفة.
ومن هنا نشأت الحاجة إلى استقلال الطفل بأدبه وثقافته ولغته بعيداً عن أطماع وصراعات الكبار.
والحق يقال إن الطرف الآخر من العالم قد سبق الشرق إلى التقاط الخيط وكتابة أدب الأطفال المعاصر، على أيدي لافونتين (1620 ـ 1696) الذى استمد حكاياته من كليلة ودمنة وإيسوب ولقمان وجريم الألماني في حكاياته الشعبية، ثم إدوار لير وأغانيه التوفيقية (1746) وهوفمان في (أغاني الأطفال 1746 أيضاً) ولويس كارول فى أليس فى بلاد العجائب ـ وكارل ستاندبيرج ـ وروبرت فروست ـ وهانز كريستان أندرسون (1805 ـ 1875) وغيرهم.
أما في مصر المعاصرة فقد بدأ رفاعة الطهطاوي (1801ـ1873) في حمل رسالة التربية فأصدر كتابه الشهير "المرشد الأمين للبنات والبنين" ومن موضوعات الكتاب: بيان عربية الأطفال ـ العقيدة الدينية ـ التعليم والتعلم ـ الوطن ـ الوطنية.. وهكذا.
وواضح أن هذا الكتاب لا يعتبر أدب أطفال بالمعنى العلمي وإن اهتم بتربيتهم وتثقيفهم.
ولكن ما كتبه محمد عثمان جلال (1838ـ1898) في ديوانه "العيون اليواقظ في الأمثال والمواعظ"، وأحمد شوقي (1870ـ1932) في الجزء الرابع من ديوانه "الشوقيات" ومحمد الهراوي (1885ـ1939) (2)، ثم كتابات كامل كيلاني وسعيد العريان وأحمد برانق وغيرهم تدخل عن يقين فى إطار الإبداع الجيد للأطفال.
وحينما تحمس كتاب الغرب والشرق إلى وجود أدب موجه خصيصاً للطفل كانت أمامهم مصادر كثيرة لجأوا إليها ليستمدوا منها مادتها الغزيزة ويبسطوها إلى وجدان الصغير، وسوف نعرض هنا لأهم هذه المصادر التى اعتمد ويعتمد عليها كتاب الأطفال.
أولا: الموروث الشعبي
ويطلق عليه في الغرب مصطلح "الفولكلور" الذي يدرس الثقافة التقليدية أو التراث الشعبي ويهتم دارس الفولكلور بكل شيء ينتقل اجتماعياً من الأب إلى الابن، ومن الجار إلى جاره مستبعدا المعرفة المكتسبة عقلياً، سواء كانت متحصلة بالمجهود الفردي أو من خلال المعرفة المنظمة والموثقة التي تكتسب داخل المؤسسات الرسمية كالمدارس والمعاهد والجامعات والأكاديميات وما إليها:
وطبقا لهذه النظرية الشاملة فإن هذا العلم يهتم بهذه العناصر: العادات الشعبية ـ المعتقدات الشعبية ـ المعارف الشعبية ـ الأدب الشعبي ـ الفنون الشعبية ـ الثقافة المادية (3).
ولكل أمة موروثها الشعبي الذي يحرص كتابها على تقديمه إلى أبنائها ـ صغاراً وكباراً ـ ومهما اختلفنا على إطارات وأشكال هذا الموروث، فإن من أهم سماته الاحتفاظ بما يتفق مع التطور والاستغناء عما تلفظه، وتعديل ما يستحق التعديل.
لهذا فإن عناصر هذا الموروث وأبطاله ورموزه وسيره وعاداته، تخترق الزمن، فيصل إلينا منها ما يحمل دلالات العصر، وما يمكنه أن يعيش في الوجدان العام بصرف النظر عن عنصري الزمان والمكان، وهي معطيات تحتفل بالقيم العليا التي تصدر عنها الوحدات الاجتماعية.
ويعد الأدب الشعبي أهم حلقة من حلقات التراث الشعبي ولا خلاف هنا على القول بعراقة الأدب الشعبي مثله في ذلك مثل كل عناصر التراث الشعبي، ولكن هذه الخاصية لا تعني الجمود على أثر شعبي بكل ما فيه من مضامين ووظائف ورموز ودلالات.
فالأدب الشعبي عريق، ولكنه حي يتردد بين الآحاد والجماعات، وهو لذلك يتطور بتطور الشعب (4).
ويمكننا أن نعرض لأهم مصادر الثقافة الشعبية التي يتكيء عليها كتَّاب الأطفال فيما يلي:
1ـ ألف ليلة وليلة:
تعد ألف ليلة وليلة، أو الليالي العربية كما أطلق عليها مترجمها الإنجليزي في مطلع القرن الثامن عشر ـ من بين الكتب القليلة الفريدة في تأثيرها في القراء، وفي حجم استقبالها ورواجها. وهي مجموعة من القصص تُحكى على لسان شهرزاد إلى الملك شهريار.
وتُعرف ألف ليلة بالفارسية باسم (هزار أفسانه) أو الألف خرافة، وسمي بدل ذلك ألف ليلة. أما اسم "ألف ليلة وليلة" فيرجع إلى أن العرب ـ في رأى المسعودي ـ كغيرهم من الشرقيين يتطيرون من الأعداد الزوجية. وربما كان لسبب آخر، وهو ميلهم المألوف إلى نوع من التسجيع في تسمية الكتب. وهذه التسمية العددية إنما قصد بها ـ في الكتاب الفارسي ـ عدد كبير من الحكايات غير معين. وأن التقسيم إلى ألف ليلة وليلة وضع في العصور المتأخرة، ويبدو ذلك في اختلاف النسخ المخطوطة من الكتاب، كما يشمل الجانب الأكبر من "ألف ليلة وليلة" على شواهد شعرية مصنوعة ركيكة (تبلغ 1420مقطوعة) (5).
وترجمة النسخة الفارسية إلى العربية في عصر هارون الرشيد وزيد عليها الكثير في الشام والعراق، وفي مصر خاصة، حتى استقرت على ما هى عليه الآن.
وترجمت الليالي على يد أنطوان جالان إلى الفرنسية عام 1704 ونقلت إلى اللغات الأخرى من هذه النسخة ومن العربية كذلك. وطبعت في القاهرة بالعربية عام 1297 وفي بيروت عام 1300 (6).
وتعد "ألف ليلة وليلة" من أقوى وأغزر المصادر التي استعان بها الكتاب لتقديمها للطفل لتميزها بعناصر التشويق والإثارة والخيال والخرافة والقيم والخير والشر، وكثير من الأسس التربوية المبثوثة في الكتاب.
وهنا ينبغي أن نلاحظ أمراً مهماً ونحن نتعامل مع الليالي، ذلك أن الفكر العربي ـ قديماً ـ لم يكن ينظر إلى الجنس والحديث عنه النظرة نفسها التي نحن عليها الآن، بل كان يراه جانباً من جوانب الثقافة العربية، تدل على ذلك قصائد الشعراء الكبار من أمثال أبي نواس والمتنبي وغيرهما وكذا كتاب النثر العربي مثل الجاحظ وغيره، ولهذا فإن القصص التي تتضمن تلك الإيماءات الجنسية العارية لم تكن لدى أجدادنا بالذي يعاقب عليه القانون.
ومع هذا فنحن أمام تراث شعبي عظيم، ومن واجب من يقترب منه ـ من أجل الأطفال ـ أن يدقق ويصطفي وينتقي، ويعيد صياغة قصصه بما يتلاءم مع وجدان الصغير المعاصر.
ومن الذين قدموا قصصاً للأطفال من ألف ليلة، كامل كيلاني (قدم عشر قصص) ثم قدم سلسلة أخرى بعنوان (قالت شهرزاد)، واستوحى منها سلاسل أخرى مثل (عجائب القصص ـ قصص فكاهية) وغيرها.
كما تناولها آخرون مثل محمد أحمد برانق وسعيد العريان وحسن جوهر وأمين العطار وأمين دويدار ومحمود زهران ومحمد شفيق عطا وعطية الأبراشي، وغيرهم من الكتاب المعاصرين فيما بعد.
وتعددت أساليب تقديم ألف ليلة للأطفال، فمن الكتاب من حافظ على محور القصة وأضاف من عنده بعض الأحداث الشائقة، لكنه لم يخرج عن الأصل وأبطاله، ومنهم من أضاف أبطالاً وأحداثًا في رؤية معاصرة، ومنهم من كتبها نثراً، ومنهم من كتبها شعراً مما يدلنا على ثراء هذه القصص وإمكان تقديمها إلى الطفل المعاصر.
2ـ كليلة ودمنة:
يعد كتاب "كليلة ودمنة" من أهم مصادر التربية الثقافية للطفل، اعتمد عليه كتاب كثيرون فى تقديم الحكمة والقيم والمثل للصغار على ألسنة الحيوانات (7).
وهو للكبار لا يصيبه القدم بمرور الزمن. وإنما يرى فيه كل عصر ما يشفي أوجاعه، ويُزكي طموحه الدائب إلى تغيير الواقع إلى الأفضل.
وتاريخ "كليلة ودمنة" هو تاريخ الحكمة المعلقة على ألسنة الحكماء حتى واجهوا بها السلطان فأفرغوها في رموز عميقة الدلالة. وكفوا أنفسهم عنت المساءلة والمحاسبة وهم يسوقونها في ألوان وأقنعة وإطارات، ظاهرها لهو للعامة، وباطنها سياسة للخاصة.
وبالرغم من اختلاف المؤرخين حتى الآن في كيفية نقل الكتاب من الهندية إلى الفارسية إلى العربية، وحول عدد أبوابه وترتيبها، وما زيد عليه، وحول أسبقية ناقليه ومترجميه، فإن الثابت أن الكتاب قد ولد على أيدي بيدبا الفيلسوف الهندي في أربعة عشر باباً على ألسنة البهائم والسباع والوحش والطير، ليقدمه إلى الملك دبشليم ـ من سلالة من قهرهم الإسكندر الأكبر حين زحف على الهند حوالي 226 ق.م ـ ثم نقله إلى الفهلوية ـ برزويه الطبيب الفارسي في عهد كسرى أنو شروان ثـم نقله ابن المقفع إلى العربية وزاد عليه في عام 750 في عصر الخليفة المنصور الذي حرص واليه سفيان بن معاوية على قتل ابن المقفع لتورطه في وضع نص الأمان الذي ضيق فيه على المنصور لصالح عمه عبدالله بن علي.
ويبدأ منذ هذا التاريخ اهتمام العالم شرقاً وغرباً بكليلة ودمنة، حيث نقل من العربية إلى لغات العالم الأخرى، ومن بينها الفارسية والهندية (لضياع الأصل الهندي والأصل الفارسي).
أما طبعات اللغة العربية المعاصرة، فإن أشهرها نسخة د. عبدالوهاب عزام العالمية عن مخطوطة مكتبة أيا صوفيا في اسطنبول المكتوبة عام 618هـ، ونسخة الأب لويس شيخو اليسوعي عن مخطوطة مكتبة دير الشير (739هـ)، ونسخة الشيخ خليل اليازجي، ونسخة محمد حسن المرصفي المتداولة في مصر.
وقد كان للكتاب أثر كبير في الأدب العربي وغيره من الآداب العالمية، فقد ألف على منواله كثيرون، منهم ابن الهبارية (المتوفي 1110) في كتابه "الصادح والباغم"، وأبو عبدالله القرشي في كتابه "سلوان المطاع في عدوان الطباع"، وابن عربشاه في كتابه "فاكهة الخلفاء" وغيرهم من العرب كثير.
ويعتبر لافونتين الفرنسي (1620ـ1696) أول من استلهمه في حكاياته والتي تداولها العالم بلغات متعددة، وأضاف لافونتين إلى استلهامه كليلة ودمنة، أعمالاً أخرى مثل خرافات إيسوب اليوناني، وحكايات لقمان، وبعض الحكايات العربية الأخرى.
وكان محمد عثمان جلال أول من ترجمه عن لافونتين في كتابه "العيون اليواقظ في الأمثال والمواعظ"، وأحمد شوقي في "حكايات الأطفال" والتي جعلها في إطار سفينة نوح.
ثم توالت الأعمال المستلهمة منه نثراً وشعراً على أيدي كامل كيلاني، وعبدالله فريج وإبراهيم العرب وجبران النحاس وبرانق وغيرهم من المعاصرين.
ومن المسلم به أن التعامل مع كليلة ودمنة وقصصه، ينبغي أن يتحلى بالحذر والتفكير فليس كل ما يطرحه الكتاب يصلح أن يقدم للأطفال كما هو، وإنما هناك كثير من المحاذير التي تتطلب التروي وإعادة النظر فيما تطرحه قصصه من قيم وأخلاقيات وأسس تربوية تدخل إلى وجدان الصغير في ارتياح شديد.
وللأسف، وجدنا بعض هذه القصص التي قدمت للصغار لم يتنبه كاتبوها إلى هذه المزالق، ونأت عن الهدف من تقديم هذا المصدر للأطفال المعاصرين. ومن ثم فالتعامل مع حيوانات كليلة ودمنة ينبغي أن يراعي علاقة الطفل بهذه الحيوانات خاصة أطفال الريف وكذا الحذر في اختيار المضامين والقيم التى يقدمها النص الأدبي.
3ـ خرافات إيسوب:
وتنتمي هذه الخرافات أو الحكايات الخيالية إلى الأدب الإغريقي القديم، والذي عُرف بفن التقريع.
وإيسوب هذا ولد عام 620 ق. م، وعاش فترة من حياته عبداً يعاني أغلال الرق، لكنه اشترى حريته بالحيلة البارعة والذكاء النادر.
تقرب إيسوب إلى ملك مدينة ساروس، فأسره بحديثه وحكاياته وخفة ظله، فانتدبه الملك للسفر إلى بعض الولايات التي تحدث بها قلاقل وفتن مختلفة، لكي يفض المنازعات ويوقف الفتن والقلاقل عن طريق حكاياته وخرافاته على سبيل الإلهاء والحكمة معاً، لكن حياة إيسوب انتهت بالقتل في (دلفي) دفاعاً عن مطالبته بحياة الإنسان وإرساء الفضيلة والمحبة.
وكتبت سيرة إيسوب عدة مرات، من أهمها تلك السيرة التي كتبها أ.د. وينتل في عام 1943 وأراد أن يعيد تلك الخرافات الحكيمة إلى صاحبها فأفاد من الحقائق اليسيرة السابقة إفادته من الخرافات نفسها واحتفظ بمقومات العصر والبيئة ولم يخرج على شئ منها. (
.
وكان لافونتين أول من ترجم أعمال إيسوب ليضمنها خرافاته في القرن السابع عشر، ثم استمد منها مادته في العربية محمد عثمان جلال، وأحمد شوقي، وغيرهما.
وهذه إحدى مواقف إيسوب التى نسوقها هنا لندرك مدى حكمة هذا الرجل:
"ألقى إيسوب خطاباً ذات يوم في أثناء اجتماع عام في مدينة (ساموس) وذلك بعد صدور
حكم بالحبس مدى الحياة ضد أحد السياسيين المشاغبين، واستهل إيسوب حديثه بقوله: حاول أحد الثعالب عبور نهر، فأصيب بجرح بليغ من جراء اندفاع المياه، فراح يحاول معالجة جرحه دون جدوى، وكان عليه أن يتحمل آلامه بعد أن عششت داخل الجراح القُراد، تلك الحشرة التى تعيش على امتصاص الدماء من مصادره الأصلية.
ومر على الثعلب قنفد فتأثر لحال الثعلب وتطوع لإنقاذه من القراد. فرفض الثعلب طلب القنفد قائلاً: لا أريد منك ذلك. فأنا أخشي بعد أن تنزع من جسمي هذه القرادات التى ملأت بطونها من دمي أن تهاجمني قرادات أخرى أكثر جوعاً وشراسة، فتقضي على!
ثم قال إيسوب: إن ما فعله القراد بالثعلب يشبه ما فعله بكم هذا الرجل، لقد أصبح هذا الرجل غنياً بحيث لن يؤذيكم بعد اليوم، فإن قتلتموه اليوم، ظهر سواه جائعاً فيتحكم برقابكم ويقضي على آخر ما لديكم من مال."
إن حكم إيسوب مملوءة بالذكاء والطرافة، وبالقيم الإنسانية، والتفكير السليم، تلك الأمور التى يمكن أن نستقي منها ما يلائم عقلية الصغير مع شئ من التبسيط فى العرض.
4ـ أمثال لقمان الحكيم:
تعود خرافات وأمثال لقمان إلى عهد قديم جداً، وقد وردت أكثرها في العهد القديم، بعضها على لسان الحيوان، وبعضها مواعظ وأمثال اشترك فيها الإنسان والطبيعة، لكنها صيغت بعد ذلك وأضيفت إليها وأصبحت من المصادر الفولكلورية لأدب الأطفال.
هي إذن تنتسب إلى العبريين، وقد استخدموها منذ أبعد العصور، تحت اسم (فن الأبولوجيا) حيث درج الأمراء منذ طفولتهم الباكرة على سماع الملقي، وحيث كان أكثرهم يرقون العروش ليمارسوا حكماً استبدادياً مطلقاً فلا يجرؤ أحد على أن يبذل لهم النصح إلا مقنعاً خشية أن ينال الموت جزاء اجترائه على جرح كبريائهم، ومن ثم ساق الحكماء حكمهم تحت قناع رمزي هو فن (الأبولوجيا) (9).
وهناك من يؤكد أن لقمان هذا هو الذي جاء ذكره فى القرآن وأنه عاش الجاهلية على حين ينفي هذا آخرون وينسبونه إلى عصور أقدم من العصر الجاهلي.
وعلى أية حال نحن أمام أمثال تعد مصدراً ملهماً لأدب الصغار. وأسوق هنا إحدي هذه الحكم:
"مرض أسد فذهب إليه الثعلب ليعوده ووقف ببابه قائلاً: كيف أنت يا ملك الوحوش فرد الأسد: لم لا تدخل يا أبا الحسن. وكان جواب الثعلب: لأني اقتفيت آثار أقدام الحيوانات التى زارتك قبلي فوجدتها قد دخلت ولم تخرج!"
والمغزى بالطبع: لا يجوز الإقدام على عمل قبل تمحيصه والتروي في نتائجه.
يمكننا إذن أن نتعامل مع أمثال لقمان ونقدمها للصغار، كما تعاملنا مع كليلة ودمنة وإيسوب.
5 ـ السير الشعبية:
لم تصل إلينا السير الشعبية التي أنتجها الخيال العربي والتي نعدها ذخيرة أدبية كبيرة، وإنما وصل إلينا مجموعة قليلة منها هي: عنترة بن شداد ـ ذات الهمة ـ فتوح اليمن ـ السيرة الهلالية ـ الظاهر بيبرس ـ سيف بن ذي يزن ـ حمزة البهلوان ـ علي الزيبق ـ فيروز شاه ـ أحمد الدنف، وغيرها كثير لم يصل إلينا.
والسير الشعبية كانت تطوراً فنياً لمراحل فنية أخرى سبقتها في الوجود، ذلك أن تاريخنا الأدبي ينقل لنا في أولى مراحله أشتاتاً من حكايات تدور حول العالم العربي القديم قبل الإسلام (10) وأول هذه السير التي عرفناها، سيرة عنترة بن شداد.
ونلاحظ أن السير الشعبية قد مرت بمراحل كثيرة حتى وصلت إلينا في صورتها النهائية فقد تعدد رواتها. وأضاف كل منهم ما رآه ملائماً لعصره حتى جاء العصر الفاطمي. حيث كتبت أغلب السير من مجموع ما وصل إلى هذا العصر من الروايات المختلفة.
وجاءت السير الشعبية تصويراً حياً للبطل العربي الذى لا يقهر، وتتضافر هذه الصورة مع الأبطال الجانبيين في محاربة الشر الذي يرمز له ويسمى في كل السير الشعبية بالكفر والخروج على الدين والعودة إلى عبادة الأوثان، فكأن فكرة الخير والشر قد تشكلت في هذه السير تشكلاً إسلامياً يتآلف مع العقيدة الإسلامية ولا يختلف معها. ولهذا تقسم السير البشر إلى عالمين: عالم المؤمنين وعالم الكفار والملحدين. وأيضاً تسوق إلينا عالم الجن والشياطين والسحرة والكهان بين الإيمان والكفر أيضاً. ومن ثم تدور المعارك، وتضيق المواقف وتنفرج، في تشويق بالغ وتصوير فائق.
ولقد قدمت السير الشعبية في أشكال مختلفة من التبسيط والتيسير والتلخيص إلى الكبار والصغار على أيدي كثرة من كتابنا المتحمسين لها من أمثال: محمد سعيد العريان، وفريد أبو حديد، ومحمود برانق، وعباس خضر، وفاروق خورشيد، والحق أنها ذخيرة لا تنفد مهما قدمت في أشكالها، وزاد لا ينتهي حينما نقدمها مصدراً جيداً من مصادر ثقافة الطفل العربي لا تقل قيمة ـ إن لم تتفوق ـ على هؤلاء الأبطال المعاصرين الذين يتفوقون بالبنورة السحرية، والكومبيوتر، وغيرها من الأدوات العصرية.
6ـ الحكايات الشعبية العربية:
تحفل كتب الأدب العربي بالقصص القصيرة والحكايات الشعبية التي تصور حياة العرب في الجاهلية والإسلام من خلال مواقف للكرم والفروسية والتسامح والصبر والشجاعة والاقتحام والصدق، وغيرها من الصفات التي يتحلى بها الإنسان الكامل.
وقد جمعت مثل هذه القصص في مصنفات كثيرة واجتهد كل جامع لها في أن يسوق منها أشهرها وأقلها شهرة.
كما أن قصص الأمثال العربية ـ الشعبية ـ تدل على حكمة هذه الأمة العريقة، فالمثل العربي هو تلخيص حكيم لتجربة حياة، أو لموقف نموذج يمكن أن يحدث لإنسان فى أي زمان ومكان، ومن ثم كان وراء كل مثل حكاية (11).
كما أن الأدب العربي كذلك فيه شخصيات نموذجية تدور حولها حكايات ومواقف وتصبح الشخصية بطلاً تعرف به هذه الحكايات.
وكل هذه الحكايات تمثل كنوزاً تراثية تدعونا إلى أن ننبشها ونستخرجها ونعيد صياغتها لأبنائنا فى أسلوب مبسط وعلى أسس تربوية ملائمة.
وقد اجتهد كثير من كتاب الأطفال في تقديم ما أمكنهم من هذه الحكايات في صور مختلفة قصصية وشعرية ومصورة، وما زال الكثير من هذه القصص تدعو إلى تقديمها (12).
ثانيا: الأساطير القديمة
ترتبط الأسطورة دائما ببداية الإنسانية أو بداية البشر، حيث كانوا يمارسون السحر ويؤدون طقوسهم الدينية التي كانت ـ في تصورهم ـ سعياً فكرياً لتفسير ظواهر الطبيعة.
ويعرف المعجم الفلسفي ـ الأسطورة ـ بأنها قصة خرافية تدور حول كائنات وهمية تصدر قوى طبيعية تكون الأحداث فيها رمزية ـ ويضيف المعجم ـ إنها صياغة فكرية أو نظرية فأفلاطون مثلاً يستخدم الأسطورة في المسائل الفلسفية الكبرى، فهو يصور المثل تصويراً أسطورياً، سواء فيما يتصل بماهيتها أو بصلتها بعضها ببعض، أو بصلتها بالمحسوسات كما أنه يستخدمها فيما يتصل بالله.
وللأساطير تقسيمات كثيرة لكنها يجمعها أربعة أنواع هى (13):
أ/ الأسطورة الطقوسية. وقد ارتبطت أساساً بالعبادة ـ مهما يكن شكلها وطريقتها وعنيت بإثبات الجانب الكلامي من الطقوس الدينية قبل أن تصبح (حكاية) لهذه الطقوس.
ب/ الأسطورة التعليلية. وقد وجدت طريقها إلى الوجود بعد ظهور فكرة وجود كائنات روحية خفية في مقابل ما هو موجود في الظاهرة، ويتصل بها السحر، وعالم الروح.
ج/ الأسطورة الرمزية. وفيها نرى صفات الإنسان تُخلع بسخاء على الآلهة. كما نري الإنسان قادراً على مواجهة تحديات السماء. وينتصر غالباً على ما نرى في أساطير الإغريق والمصريين والهنود.
د/ الأسطورة التاريخية. وبطلها مزيج من الإله والإنسان. أو قد تكتفي فترفعه إلى طبقة الأولياء، في محاولة لتجسيد فكرة الخير والشر ـ مثلماً نرى في علي بن أبى طالب، والسيد البدوي، ويوحنا المعدان.
وللعرب أساطيرهم القديمة المرتبطة بالأوثان، وبعصور الطوفان وعصر العماليق، وعاد وثمود وغيرها من الأحداث والأبطال. ومنها ما كتب شعراً ومنها ما كتب نثراً. ومنها ما كتب مزيجاً من الشعر والنثر.
وتعتبر الأسطورة لوناً من ألوان (التفريغ الشعوري) لدى الإنسان، ولهذا أوجدها الإنسان لكي يحقق بها أحلاماً في غير طاقة البشر.
وحينما نتناول الأساطير ونقدمها لأطفالنا، فنحن أمام مآزق كثيرة، لكنها سهلة غير معقدة إذا انتبهنا إلى عناصر الخيال والقدرات الإنسانية الخارقة، وتجسيد فكرة الخير ودحر الشر وغيرها مما يؤكد القيم الخالدة في وجدان الصغار.
وتتدخل البيئات في إخراج الأسطورة وصياغتها. ويرتبط ذلك بالعقائد والتقاليد والسلوك الاجتماعي والتطور التاريخي وغيرها من الظروف المتشابكة التي تلعب دوراً في تلوين الأساطير.
ثالثا: قصص الكتب المقدسة
والكتب المقدسة ثلاثة: التوراة ـ الإنجيل ـ القرآن.
وهي مملوءة بالمواقف والقصص الإنسانية والدينية التي تعتبر مصدراً مهما من مصادر أدب الأطفال.
وتتلخص محاذير تقديم هذه القصص في عالمنا العربي والإسلامي في صعوبة تقديم كثير منها مسرحياً خاصة تلك التي ينتمي أبطالها إلى طبقة الأنبياء والمرسلين أو الصحابة، هذا إلى جانب صعوبة التعبير عن هؤلاء الأبطال بالرسم في الكتب. ولهذا يلجأ الفنانون إلى التعبير غير المباشر، أي حول الشخصية.
وتعتبر قصص الكتب المقدسة، وأيضاً سيرة الرسول الكريم وغزواته، من أكثر الكتب قرباً إلى وجدان الناشئة، فهم يجدون فيها زادهم الروحي. ومثلهم العليا. وقيمهم الدينية المفتقدة.
والحق أن جوانب كثيرة من هذه القصص والمواقف لم تقدم بعد، وندعو الكتاب إلى الاقتراب منها بحب وصبر وحاسة دينية مخلصة.
رابعا: التأليف
ويعتمد التأليف ـ بالطبع ـ على الإبداع الخالص، نثراً وشعراً، وهو لا يعتمد على مادة سابقة، وأيضاً لا يقتبس أو يلخص أو يعيد صياغة، وإنما هو خلق جديد تماماً.
وأعتقد أن ساحة الطفولة اليوم يقل فيها التأليف ـ أي الخلْق الجديد ـ ويكثر فيها الإعداد والاقتباس وإعادة الصياغة ـ نثراً وشعراً ـ وربما يلجأ الكتاب إلى هذا لطغيان المادة السابقة وطرافتها وملاءمتها وثرائها بكل ما يريده الكاتب المعاصر وأحسبها مادة لن تنفد أبداً.
خاتمة
تعرفنا على المصادر المختلفة التي يعتمد عليها كاتب الأطفال في تقديم إبداعه، ويمكننا أن نخلص إلى بعض الملاحظات الهامة في هذا الصدد:
1ـ إن الكاتب الذي يعتمد على مصادر قديمة أمام عالم يفصله عنه أزمنة طويلة، وقيم قد تختلف عن قيمنا المعاصرة وعناصر اجتماعية وثقافية وفكرية متغيرة عن مثيلتها المعاصرة، ومن ثم تأتي أهمية التدقيق فى اختيار الموضوع ومعالجته وإعادة صياغته في ضوء العصر، وفي ضوء هذه المحاذير جميعاً.
2ـ إن القوة أو المثل الأعلى للصغير من العوامل المهمة التي تقوم عليها الشخصية السوية، ولهذا فإن حسن الاختيار والدقيق للبطل وللأحداث يحدد تأثير القصة إما إيجاباً أو سلباَ.
3 ـ إن ألوان الإبداع المختلفة يمكن أن تحمل هذه المضامين كل بأسلوبه الخاص ـ قصة ـ أو شعراً ـ أو رواية ـ أو مسرحاً. فالمهم هنا امتلاك الكاتب لأدوات فنه وتمكنه من لغته. وفهمه لسيكولوجية الطفل الذى يكتب له.
4ـ إن عنصري التشويق والمتعة يمثلان ركيزتين مهمتين في الكتابة للطفل، فالطفل لا يحكمه فقط ميله القرائي، ولكن يحكمه مزاجه الخاص، وإحساسه بالمتعة والتشويق في النص الذي يقرؤه. ولاشك أن عناصر البساطة والخيال والإثارة والصدق والجمال جميعاً مهمة في هذا المجال.
5ـ إن الطفل يريد منا الكثير، فهو يريد أن نتعامل معه على أنه رجل ـ صغير السن ـ ذكي، له حقوقه التي تتلاءم مع مراحل عمره بل يريد منا أن نساعده على تنمية ملكاته وقدراته وخياله واستمتاعه بحياته. ونساعده أيضا على أن يضيف الكثير إلى قاموسه اللغوي، وإلى مخزون معرفته، ونري أن مثل هذه العناصر يجب أن يضعها الكاتب في حساباته وهو يكتب للطفل.
6ـ وأخيراً. يريد منا الطفل أن نكتب له بحب وإخلاص وفهم لشخصيته المتفردة، وأن نضع أنفسنا مكانه حينما نكتب حتى نضمن وصول الرسالة التي نود أن تصل إليه.
* إحالات:
(1) أنظر تفصيل ذلك في كتابنا "أطفالنا في عيون الشعراء" فصل: التربية والتعليم فى مصر القديمة.
(2) أنظر: محمد الهراوي شاعر الأطفال: تحقيق ودراسة أحمد سويلم 1987 المركز القومي لثقافة الطفل، القاهرة.
(3) علم الفولكلور جـ1 د. محمد الجوهري ـ دار المعارف 1978 ص 53.
(4) التراث الشعبي ـ د. عبدالحميد يونس ـ دار المعارف 1979 ص21.
(5) ألف ليلة وليلة ـ دراسة تحليلية ـ ليتمان ـ ترجمة إبراهيم خورشيد وآخرين ـ كتب دائرة المعارف الإسلامية، دار الكتاب اللبناني ـ 1982 ص 32 وما بعدها.
(6) أنظر في ذلك كتباً كثيرة أهمها: "ألف ليلة وليلة" ـ سهير القلماوي ـ دار المعارف 1976. و"ألف ليلة وليلة في النقد الإنجليزي (1704ـ1910)" د. محسن الموسوي ـ دار الرشيد للنشر بغداد 1982. و"الموسيقي والغناء في ألف ليلة وليلة" د. حسين نصار ـ منشورات اقرأ، بيروت 1980. وغيرها كثير.
(7) أنظر: كليلة ودمنة. الأصل والتأثير بين الترجمة والنظم: أحمد سويلم ـ مقال فى الأهرام الدولي 1/8/1988.
(
أنظر: إيسوب. أ. د. وينتل ترجمة د. مختار الوكيل. سلسلة ألف كتاب، لجنة البيان العربي 1956.
(9) أنظر: حكايات من لقمان، تعريب: عبده حسن الزيات، لجنة التأليف والترجمة 1948.
(10) أضواء على السير الشعبية ـ فاروق خورشيد ـ المكتبة الثقافية (101) وزارة الثقافة 1964 ص24.
(11) حاول المؤلف أن يجمع 30 حكمة و30 حكاية وكتب 30 مقطوعة شعرية تترجم هذه الحكم للناشئة في كتاب واحد هو "حكمة الأجداد" مؤسسة الخليج العربي ـ 1989. مثل حكايات جحا، وحكايات أشعب، والأذكياء والحمقى، وغيرها.
(12) أنظر: قصص العرب محمد أحمد جاد المولي وآخرون 3جـ ـ عيسي الحلبي 1971. فقد صيغت بدقة، بحيث أصبحت أحد المصادر الممتعة لأدب الأطفال ـ وكذلك أنظر كتب الأمثال العربية المختلفة.
(13) الأساطير: د. أحمد كمال زكي ـ المكتبة الثقافية ـ هيئة الكتاب ـ 1985 ص4.