حكم عدم الوفاء بالنذر جرت العادةُ عند تنفيذ أيّ نذرٍ بذبح ذبيحةٍ ويتمّ توزيعها على المحتاجين، وحاليا نظرا لارتفاع أسعار اللحوم، هل يمكن استبدال الذبح بشراء لحم بنفس الكمية المرادِ توزيعها كنذرٍ؛ وذلك لتوفير أَجرِ الذبحِ والأشياءِ التي لا يُستفادُ مِنها؛ كالفَرْو ومُخَلَّفاتِ الذبيحة؟
وكان ردّ دار الإفتاء كالتالي:
النذرُ هو إلزامُ الإنسان نفسه أمام الله تعالى بشيءٍ حضّ عليه الشرع؛ أي أن الشرع لم يُوجِبْه ابتداءً، كما أنه لم يُحرّمه، وقد أثنى الشرع الشريف على الموفين بالنذور؛ فوصف اللهُ تعالى الأبرارَ بقوله سبحانه: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: 7].
وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ" متفق عليه.
والواجب على مَن نذر نذرا أن يُوَفّي بما ألزم به نفسه دون أن يُبدّله بغيره؛ فالنذر كالعَقد، يلتزم الإنسان أن يُوَفِّي بما فيه من ألفاظ دون تصرّف؛ فمن ألزم نفسه بعبادةٍ لَزِمَهُ أن يتعبَّد بها، ومَن أَلزَم نفْسَه بصدقةٍ وجب عليه إخراجُها، ومَن أَلزَم نفْسَه بذبحٍ وجب عليه الذبحُ.
وإيجاب الوفاء بالنذر فيه معانٍ ينبغي أن يتفطّنَ الإنسانُ لها؛ منها: الخير الذي يعود على الناس مِن الناذِر، ومنها اتّقاءُ شُحَّ النفْسِ؛ كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: نهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن النذر، وَقَالَ: "إِنَّهُ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ" متفق عليه، ومنها: تطويع النفس لله وتدريبُها على الالتزام بما التزمته أمامه سبحانه.
ومن ثمّ فيجب على هذا الشخص الذي التزم بالذبح أن يفي بنذره وفقا لما التزم به؛ فالذبح في ذاته عبادة مقصودة، فإذا الْتَزَم ذبحَ شيء من الأنعام لَزِمَه ذلك، ولا يُجزِئُه أن يشتريه مذبوحا؛ لأن شراء اللحمٍ غير الذبح؛ فإن تيسر له الذبح بعد ذلك ذَبَحَ، وإلا كَفّر عن نذره بكَفَّارة يمين؛ وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام.
elshaab