ترجمة: حسن صلاح حسن
كان هناك شجرة وولد صغير، وكانت الشجرة تحب هذا الولد جداً. فقد كان يلعب أسفلها كل يوم. كان يقطف الأزهار ويصنع منها أكاليل الورد. كما كان يتسلق جذع الشجرة ويتأرجح على أغصانها، ويلعب (الأستغماية) مع السناجب ويتحدث مع الطيور. وبحلول الظهيرة كان يشعر بالتعب. وعندئذٍ كان ينام تحت الشجرة. وحين يشعر بالجوع يأكل من ثمارها. كان الولد يحب الشجرة حباً جمّاً أيضاً.
مرّ الوقت، وكبر الولد، وتوقف عن زيارة الشجرة، فشعرت الشجرة بالوحدة والحزن.
وبعد سنواتٍ عديدة، أتى الولد لزيارة الشجرة التى غمرتها السعادة لرؤيته، فقالت له:
- تعال يا بني .. تعال إلعب وامرح .. تسلق جذعي وتأرجح على أغصاني.
فقال الولد:
- لم يعد لدي وقت لهذا .. فأنا في حاجة إلى المال .. أريد أن أذهب إلى المتجر لشراء شيء ما .. هل تستطيعين أن تعطيني بعض المال؟
فأجابت الشجرة:
- ليس لدي أي مال لأعطيه لك .. ولكن يمكنك أن تجني ثماري وتبيعها في السوق. عندئذٍ ستحصل على المال لشراء ما تريد."
فقطف الولد كل الثمار، وكانت الشجرة سعيدة. واختفى الولد بعد ذلك لسنواتٍ، حتى أتى فى يومٍ من الأيام وقال للشجرة:
- أريد منزلاً، فسوف أتزوج فى الغد القريب، وأحتاج منزلاً لزوجتى وأبنائي.
فأجابت الشجرة:
- يمكنك أن تقطع أغصاني، وتصنع منها منزلاً خشبياً.
نفذّ الولد كلام الشجرة، ولم يبق من الشجرة إلا جذعها الطويل. ومرت سنوات طوال ولم يعد الولد إلى الشجرة لزيارتها، وكانت الشجرة تتذكره دوماً وتشعر بالحزن لفراقه، حتى أتى اليوم الذى رأت فيه الشجرة الولد ثانية فاهتزت من الفرح، وكان الولد يحمل حافظةً جلدية يضع فيها أوراق عمله. فسألته الشجرة:
- ما الذي يمكننى أن أقدمه لولدى العزيز؟
فأجاب الولد:
- إننى ذاهبٌ فى رحلة عملٍ سأضطر فيها أن أعبر البحر، وأحتاج قارباً بصورةٍ عاجلة، فهل يمكنك أن تمنحيني قارباً؟
فكرت الشجرة للحظات ثم قالت:
- كل ما لدي الآن هو جذعي هذا. يمكنك أن تصنع منه قارباً.
وفقدت الشجرة جذعها أيضاً، ولم يبق منها إلا أصلُ الجذع. ومرَّ المزيد والمزيد من السنوات، إلى أن أتى فى يومٍ من الأيام شيخٌ خَرِف إلى أصل الجذع. تعرفت بقايا الشجرة فى الحال على الشيخ، وعرفت أنه الولد الذى كان يلعب معها فى طفولته. قالت الشجرة معتذرة له:
- آسفةٌ يا صديقى، فلم يعد لدى ما أعطه لك، فقد انتهت ثماري، وقُطعت أغصاني وجذعي، ولم يبق مني سوى أصل الجذع.
تنهد الشيخ، وقال:
- أترين أنه لم يعد لدي أسنان لآكل ثمارك، ولم يعد بي قوة لأتسلق جذعك وأتأرجح على أغصانك، فأنا مُتعبٌ للغاية. كل ما أريده الآن هو مكان أشعر فيه بالهدوء والراحة.
فقالت الشجرة متهللة:
- إذاً فاجلس على ما تبقى من جذعى.
ترجمة الشاعر/ حسن صلاح حسن
هى قصة مُعدّلة لقصة (Shel Silverstien) بعنوان "الشجرة المعطاءة" (The Giving Tree)