قصة : يوسف البرّي
البردُ قارصٌ، والثلوجُ أخذت بالارتفاع حتّى أغلقت أبوابَ بيوت أهل القرية .
ماجد رجلٌ نشيطٌ جدّاً ،كان يعمل في القريةِ حطّاباً، فهو مُعتادٌ على جمعِ الحطبِ وبيعهِ إلى أهلِ قريته ، واليوم هو أشدّ أيّام السنةِ برداً، لكنّ ماجد لم يستطع القيامَ بعملهِ، فقد أُصيبَ بحمّى شديدة ألزمتهُ الفِراش .
أخذَ الحطّابُ يئنّ في فراشِه من شدّةِ الألم ويقول: يا ويلي، عليّ أن أجمعَ الحطبَ وأوزعهُ على أهلِ القرية ، هناك العديدُ من الأطفال الذين يُعانون من البردِ القارص الآن .
لكنّ الحمّى اشتدّت كثيراً عليهِ، فرأى وكأنّ والدَهُ الذي ماتَ منذُ زمنٍ بعيد يقولُ لهُ: ماجد ،هل تذكر حكاية أميرةِ الفُصول يا ولدي ؟ أجابَ ماجد :نعم أذكرها جيّداً يا والدي . وبعدَ قليلٍ جلسَ ماجد على سريرِهِ، وأخذ يسترجعُ الحكايةَ القديمةَ التي كان قد قصّها عليهِ والدهُ، وتذكّر جيّداً قصّة المأزق الذي مرّت بهِ أميرةُ فصلِ الربيع ،حينَ أضاعت عباءتها الخضراء ولم تتمكّن من القيِامِ بواجبِها ،وكيفَ تدخّلت حينها أميرةُ الفُصولِ الأربعةِ، وأخذت تقرعُ الجرسَ حتّى اجتمعت أميراتُ الفُصولِ، وشرحت لهنّ أهميّة التعاون، وطلبت إليهنّ العملَ يداً بيد لمُساعدةِ أميرة فصلِ الربّيع في أيجادِ عباءتها .
فكّر الحطّابُ ماجد قليلا،ً ثُمّ قالَ :عليّ أن أستخلص العبرةَ من هذه الحكاية ،فالتعاونُ مهمٌّ جّداً، وأنا في أمسِّ الحاجةِ إليهِ الآن. توجّه ماجد إلى خزانتِه حيث كان يملكُ جرسًا قديماً، فحملهُ ووقفَ على بابِ منزلهِ ،وأخذ يقرعهُ بصوتٍ عالٍ ، وبعدَ قليلٍ اجتمعَ أهلُ القريةِ عندَ بابِ الحطّاب ماجد ،وبعدَ أن عرفوا بقصّةِ مرضِهِ ،قررّوا أن يتعاونوا معهُ ويقوُموا بجمعِ الحطبِ بدلاً منهُ حتّى يشفى .
بعدَ ذلكَ عادَ الحطّابُ إلى سريرهِ ،وأخذ يتذكّر وجهَ أبيهِ وحكاياته الجميلة والمليئة بالعبر