ممدوح فى العيد
أحمد الليثى الشرونى
ممدوح ولد نجيب يعيش فى نجع من النجوع المحشورة بين الجبال , مسافة كبيرة تفصل ما بين النجع ونهر النيل , و "ممدوح " مثل كل الأولاد الصغار يحب قدوم العيد فيذهب مع أبيه إلى السوق فى المدينة قبل العيد بأيام ويشترى الجلباب والحذاء والجورب , ليلة العيد يغتسل " ممدوح " جيداً وينظف جسمه وشعره , وينام مبكراً حتى يستيقظ قبل طلوع الشمس ليلحق مع أبيه موكب الرجال لتأدية صلاة العيد .
اجتمع أبوه مع أقاربه وهنأوا بعضهم بالعيد ثم أمسك يد أبيه وتوجهوا نحو ساحة واسعة بجوار مقام " الشيخ محمد " غرب النجع وهم يكـــبرون " الله أكبر .. الله أكبر .. لاإله إلا الله ..... الله أكبر ... ولله الحمد " وصلوا إلى الساحة , وجلس "ممدوح " بجوار أبيه وكان الناس يأتون جماعات جماعات وهم يكبرون وكان "ممدوح " فرحاناً بهذا المشهد العظيم , وقف " ممدوح " للصلاة وكانت صفوف كثيرة من المصلين كباراً وصغاراً .
بعد الصلاة جلس واستمع إلى خطبة العيد , بعدها عاد مع أبيه إلى البيت وهنأ أمه بالعيد وطبع قبلة فوق جبينها وأعطته العيدية , ثم انطلق نحو بيوت أعمامه وأخواله وبقية أقاربه ليهنئهم بالعيد وأثناء العودة عاد من شارع آخر كما علمه أبوه وكان يهنئ كل من يقابله . امتلأ جيب " ممدوح " بالنقود التى أعطاها له أعمامه وأخواله , وقبل أن يصل إلى البيت مَّر على دكان العم " عبد الله " واشترى له مسدساً وبالونة , وضع جزءاً من النقود فى حصالته , تذكر " ممدوح " عصفوره الجميل المحبوس فى قفصه , ذهب إليه كى يطعمه ويهنئه بالعيد :
- كل عام وأنت بخير ياعصفورى الجميل .
رد عليه العصفور فى حزن : وأنت بخير ياصديقى .
- مالى أراك حزيناً أيها العصفور الجميل فى يوم العيد , لا بد أن تفرح فى هذا اليوم .
- كيف أفرح وأنا محبوس فى هذا القفص , أريد أن أذهب إلى أمى وأخوتى كى أهنئهم بالعيد وأفرح معهم مثلك ياصديقى .
- هل لك أبوين وأخوة مثلى ؟
- نعم .... وأعرف مكانهم , إنهم يعيشون فى هذا الفضاء الفسيح .
فكر " ممدوح " قليلاً ثم قال له :
- إذا أطلقت سراحك ياصديقى , هل ستعود لى مرة أخرى ؟
- نعم ياصديقى سوف أعود لك فى آخر النهار .
أشفق" ممدوح " على عصفوره الحزين وحاول أن يجعله يفرح بالعيد مثله , وفتح له القفص وأطلق سراحه , وانطلق العصفور فى الفضاء فرحاً , دار عدة مرات فوق البيت وأشار إليه " ممدوح " بيده مودعاً, بعدها طار بعيداً
فرح "ممدوح " لفرح صديقه العصفور , وخرج إلى خارج البيت يلعب مع رفاقه ويشاركهم فرحة العيد .
فى آخر النهار جلس " ممدوح " بجوار القفص منتظراً عودة صديقه العصفور , غربت الشمس ولم يأت العصفور , بدا الحزن على وجهه .
اقتربت منه أمه وقالت له :
- لماذا تجلس حزيناً يا ممدوح ؟
- إننى انتظر عودة صديقى العصفور كما وعدنى ياأمى .
- وكيف يعود إليك وأنت كنت تحبسه فى القفص وتقيد حريته ؟!
- ولكننى كنت ألاعبه وأطعمه وأسقيه .
- إن العصافير يا ممدوح تحب الفضاء والحرية أكثر من الطعام والشراب .
- هل ذلك يعنى أنه لن يعود لى مرة أخرى يا أمى ؟
- نعم يا ممدوح ... إنه الآن فرحان بالحرية التى منحتها له , فلا تحزن عليه وإن الله سيجزيك خيراً على مافعلته معه فى يوم العيد .
فى صباح اليوم التالى استيقظ " ممدوح " على صوت زقزقة العصافير , خرج إلى ساحة البيت ,فلمح عصفوره يحلق فوق البيت , أشار إليه بيده , لكن العصفور ضرب الفضاء بجناحيه وحيَّاه وانطلق بعيدا ًفى الفضاء الواسع .