قــلـــــــــب الأسد
عزة أنور
يحكى أن أحد الحمير، كان يعيش في غابة مع أفراد عائلته من القطيع، وقد اعتادوا كل صباح أن يأكلوا العشب من هنا وهناك، ويشربوا من ماء النبع القريب، كان قائد القطيع دائم التحذير لهم بألا تهمل آذانهم أية حركة حتى لا تهاجمهم الأسود أو الحيوانات الشرسة.. ورغم هذا فإن قطيع الحمير لم يسلم رغم هذه التحذيرات، و كان عددهم يتناقص يوما بعد يوم، فقد كانت الأسود تفوقهم سرعة وقوة، شعر الحمار بالفزع والخوف من هذه الحياة المحفوفة بالمخاطر..وتمنى لو سمحت الفرصة له كي يشعر بالأمن بدلا من هذا الفزع.
ذات يوم بينما كانت العصافير تحلق فوق الأشجار، والقرود يتعالى صخبها، وأفراس النهر تغالب النعاس بالغوص في الماء.. سمع الجميع صوت طلقات رصاص..المفاجأة غشيت الجميع!.. اختبأ من اختبأ وغاص فى الماء من غاص، وماهى إلا لحظات حتى رأى الجميع أسد الغابة ملقى على الأرض، ومجموعة من الصيادين يجرونه إلى العربة.
لم يعدالحمار يقاوم حالة الجوع التى انتابته، واضطر على أثرها إلى الخروج من مخبئه، فأخذ يتجول بحثا عن العشب هنا.. وهناك. وجد البومة الحكيمة فوق إحدى الأشجار، ألقى عليها تحية المساء، ثم مضى فى طريقه.
وفجأة وجد شيئا يشتبك فى حافره، نظر بصعوبة وسط الظلام فوجد جلد أسد ملقى على الأرض..
قالت البومة: ربما سقط من أحد الصيادين.
نظر الحمارلجلد الأسد وقال: آه.. لوكنت أسدا ..ما أجمل أن يرهبني الجميع.
قالت البومة :المملكة تحتاج ملكا تحبه لا أن تخشاه، هز الحمار رأسه وقال : معك حق..ولذا سوف ارتدى جلد الأسد .. وسوف ترين الغابة فى عهدى..لكن عليك أن تحتفظى بالسر.
قالت البومة : بشرط أن تشيع الآمن والعدل فى الغابة.
قال الحماربسرعة: اطمئني.
مضي الحمار سعيدا بجلد الأسد، ما كادت الحيوانات تراه ..حتى أخذت تبتعد عن طريقه بسرعة وتنحنى له بكل تقدير واحترام له.
لم يكن الحمار يأكل اللحم مثل الأسد، ولهذا كان يأكل العشب سرا، ورغم أنه كان يراعى نصيب إخوته فى الطعام من قبل. إلا أنه شعر الآن بأن من حقه أن يأكل كما يشاء..أليس هو الملك؟
كان الحمار يجتمع كل صباح مع عدد من الحيوانات، يناقشون فيه أحوال الغابة، إلا أنه أبعد كل ذى رأي حكيم اختلف معه، وقرب كل المتملقين والمنافقين منه، فها هى الذئاب والضباع لا تفارق مجلسه وصارت تزين كل أمر له..حتى لوكان يضر بمصلحة أهل الغابة.
كان الأسد الذى تم اصطياده قد ترك أسدين صغيرين، مع الوقت كبرا وقويت شوكتهما، وصار يسمع زئيرهما من حين لآخر كلما تجولا فى الغابة، كأنهما يخبران الجميع بأن الحكم لم يخرج من مملكة الأسود بعد.
ذات ليلة.. بينما كان الحمار يتوسط مجلس الحيوانات.. وصل إليه زئير الأسدين فتخيل أنهما يحاصراه.. فتعالى نهيقه وجرى مفزوعا وسط دهشة الحيوانات التي بدأت تضحك عندما تعلق جلد الأسد بأحد فروع الأشجار وانكشف أمره أمام الجميع.
لم يبذل الأسدان جهدا فى محاصرة الحمار وفرحا عندما وجداه قد ازداد بدانة وبينما كان الحمار يتوسل لهما أن يتركاه.. كانت البومة تصيح ضاحكة:
-أن يرتدى الحمار زى الأسد فليس غريبا..لكن أن يصبح للحمار قلب أسد.. فهذا هو الأغرب ها ..ها.. ها.. ها