علي جمال الدين
بي بي سي
يحاول الصحفيون والإعلاميون أداء واجبهم بالرغم من تعرضهم لعمليات تخويف وهجمات قد تصل إلى حد الإصابة أو القتل في غمرة الأحداث المتصاعدة في مصر.
وطالب صحفيون أعضاء في نقابة الصحفييين الحكومة المصرية المؤقتة باتخاذ تدابير كافية لحمايتهم أثناء تغطية الأحداث وضمان عدم تعرضهم للاستهداف أو الملاحقة.
ونظم عدد من الناشطين والصحفيين وقفة الخميس أمام نقابة الصحفيين المصريين للتنديد بمقتل عدد من زملائهم خلال الأحداث الأخيرة.
مخاطر كبيرة
وقالت عبير سعدي وكيلة نقابة الصحفيين المصريين لبي بي سي "إننا نتعرض لمخاطر غير مسبوقة".
وأضافت قائلة "قتل سبعة صحفيين منذ أواخر يونيو/تموز الماضي وحتى الآن. وهو ما يشير إلى ارتفاع غير مسبوق في أعمال العنف التي تستهدف الصحفيين."
وقتل أربعة صحفيين في يوم واحد، من بينهم مصور بريطاني، خلال محاولتهم تغطية الاشتباكات والتي اندلعت فور مداهمة قوات الأمن لاعتصامي رابعة العدوية والنهضة.
وحذرت اللجنة الدولية لحماية الصحفيين ومقرها نيويورك من "تعرض عدد غير مسبوق من الصحفيين للاستهداف في مصر" بحسب بيان نشر على موقع اللجنة الإلكتروني.
عزاء للأسرة الصحفية
وفي أحدث هذه الوقائع، أطلقت قوات الأمن النار على سيارة صحفي لدى عبوره نقطة تفتيش بمحافظة البحيرة ما أدى إلى مقتله وإصابة صحفي آخر كان يرافقه.
وبعد الواقعة قدم بيان للمتحدث باسم القوات المسلحة المصرية "التعازي للجماعة الصحفية المصرية".
ولكن البيان أكد على أن الصحفي تامر عبد الرؤوف "أثار الشبهات عبر قيادته سيارته مسرعا وتجاهل التحذيرات المتكررة من جانب المسؤولين عن تأمين نقطة التفتيش بضرورة التوقف. وهو ما اضطر القوات إلى إطلاق النار."
ولكن عمرو نبيل، نائب رئيس شعبة المصورين بنقابة الصحفيين بمصر لا يعتقد أن السلطات تستهدف الصحفيين أو المصورين.
أزمة ثقافية
وأوضح لبي بي سي أن "المشكلة تكمن في جوهر ثقافة الشعب. ففي أحيان كثيرة يأتي الخطر من المواطنين وليس من الشرطة ".
ويتذكر "تمت مهاجمتي مؤخرا في إحدى الجنازات حينما رفض المشيعون تصوير النعش باعتبار هذا حراما.. تمت مهاجمتي بالرغم من أني كنت أحاول نقل آلام هؤلاء للعالم".
ويردف "إننا بالفعل نواجه اليوم وضعا معقدا جدا، ولكني أريد أن أوضح أن هذا يحدث بسبب عدم توقير كلا الجانبين لمهمة الصحافة".
وقال لبي بي سي "أخذت أبتكر الحيل لأخفي هويتي الصحفية بدلا من إبرازها.. لقد دأبت منذ فترة على أن أخبئ آلة التصوير الاحترافية التي أحملها معي في حقيبة بلاستيكية متواضعة المظهر لئلا ألفت الأنظار. أخرجها فقط لحظة التقاط الصور ثم أخفيها مجددا حتى أمضي إلى حال سبيلي دون أن يعترضني أحد".
وحول الطريقة التي تعاملت بها السلطات مع الصحفيين خلال فض اعتصامي رابعة والنهضة قال نبيل "بالنسبة إلى الصحفيين الذين رافقوا القوات خلال فضها الاعتصام فقد تمت معاملتهم بطريقة رائعة. وسمحت السلطات للمصورين بالتقاط ما شاءوا من الصور".
واستدرك "ولكن بعد أن هدأ الغبار فحصت السلطات الصور وصادرت بعض بطاقات الذاكرة من كاميرات المصورين".
تصفية حسابات
ويعلق اللواء حسام سويلم الخبير الاستراتيجي بقوله "إن الانتقام من الصحفيين ورجال الإعلام هو ديدن الإسلاميين الذين يريدون تصفية حساباتهم مع معارضيهم" على حد وصفه.
وأضاف قائلا "إن المثال الأوضح لهذا محاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي" في شهر يوليو / تموز الماضي.
ولكن سويلم شدد على أن "على الصحفيين والإعلاميين حماية أنفسهم خاصة في أماكن الاشتباكات".
وأردف قائلا "إن السلطات عادة ما تكون مشغولة بحماية المنشآت وحماية أرواح الجنود والضباط وعناصر الأمن خلال الهجمات التي يشنها الإرهابيون. ولا شك أن الوجود في مرمى النيران قد يعرض حياة الصحفي للخطر فلا يجب أن يلقي الصحفيون بأنفسهم إلى التهلكة".
وأدانت مجموعة "صحفيون من أجل الإصلاح" وهي تضم صحفيين مصريين يناهض معظمهم الحكومة الانتقالية الحالية ما وصفته بـ"استهداف الصحفيين والمصورين على يد السلطات".
ووجهت اتهاما مباشرا لكل من وزيري الدفاع والداخلية باستهداف الصحفيين" بحسب بيان صدر عن المجموعة الأربعاء الماضي.
واتهم البيان أيضا نقابة الصحفيين بعدم اتخاذ الإجراءات الكافية لحماية أبناء المهنة.
أقسى من الحروب
وترى عبير سعدي، وكيلة النقابة، أن ضمان سلامة الصحفي في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد يعد أمرا صعب المنال.
وتوضح قائلة "لقد قمت بتغطية عدة حروب. ولكن أسوأ ما يمكن أن يقابله الصحفي هو حروب الشوارع التي لا يمكن أن يعرف فيها مصدر التهديد وتوقيته".
أما عمرو نبيل، رئيس شعبة المصورين بالنقابة، فقال لبي بي سي إن أحد المصورين القتلى أنهى قبل أيام من مقتله خلال اشتباكات رابعة العدوية دورة تدريبية حول أصول النجاة في أوقات النزاعات المسلحة. ولكن يبدو أن ما جرى كان أعقد من مجرد نزاع مسلح، كما يقول نبيل.