السلف الصالح وصلاة الجماعة
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده ، أمَّا بعد..
فمن فضائل سلف هذه الأمَّة الصَّالح: حرصهم على صلاة الجماعة واهتمامهم بها وتشديدهم على من تهاون بشأنها أو قصر في شهودها، ومن الأخبار الواردة عنهم في ذلك.
اهتمام ولي الأمر بها
قال ثابت بن الحجاج: "خرج عمر بن الخطاب إلى الصَّلاة، فاستقبل النَّاس، فأمر المؤذن فقام وقال: والله لا ننتظر لصلاتنا أحدًا.
فلمَّا قضى صلاته أقبل على النَّاس ثمَّ قال: ما بال أقوامٍ يتخلفون، يتخلف بتخلفهم آخرون، والله لقد هَمَمْتُ أن أرسل إليهم، فيجأ في أعناقهم، ثمَّ يقال: اشهدوا الصَّلاة (كنز العمال 8/252).
الصَّلاة الصَّلاة
وهذا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- كان يخرج من بيته كل يوم ، فينادي في النَّاس: أيُّها النَّاس! الصَّلاة الصَّلاة، يوقظهم لصلاة الفجر (الطَّبقات 3/36).
من سُنن الهدى
قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: "من سرَّه أن يلقى الله غدًا مسلمًا، فليحافظ على هؤلاء الصَّلوات حيث ينادي بهنَّ، فإنَّ الله شرع لنبيِّكم سُنن الهدى، وإنَّهنَّ من سُنن الهدى، ولو أنَّكم صليتهم في بيوتكم كما يصلِّي هذا المتخلف في بيته، لتركتم سنَّة نبيَّكم، ولو تركتم سنَّة نبيِّكم لضللتم.
وما من رجلٍ يتطهَّر فيحسن الطّهور، ثمَّ يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكلِّ خطوةٍ يخطوها حسنةً، ويرفعه بها درجةً، ويحطُّ عنه بها سيِّئةّ، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافقٌ معلومُ النِّفاق، ولقد كان الرَجل يُؤتى به يُهادى بين الرَّجلين حتَّى يقام في الصف" [رواه مسلم].
أجيبوا المنادي ولو زحفًا
أصاب الرَّبيع الفالج -نوعٌ من الشَّلل- فكان يُهادى بين رجلين إلى مسجد قومه، فقالوا له: "يا أبا يزيد! لقد رخصَّ الله لك لو صليت في بيتك" فقال لهم: "إنَّه كما تقولون، ولكنِّي سمعته ينادي: حيَّ على الفلاح، فمن سمع منكم منادي حيَّ على الفلاح فليجبه ولو زحفًا، ولو حبوًا" (الحلية 2/113).
من عجائب الأعمش
كان الأعمش: قريبًا من سبعين سنة لم تفته التَّكبيرة الأولى، وكان من المحافظين على الصَّفِّ الأول" (الحلية 5/49).
الزَّواج لا يمنع
تزوج الحارث بن حسان -وكان له صحبةٌ- فقيل له: "أتخرج وإنَّما بنيت بأهلك في هذه الليلة؟ فقال: والله! إنَّ امرأة تمنعني من صلاة الغداة في جمع لامرآة سوء" (مجمع الزَّوائد 2/41).
يبكي لفوات الجماعة
عن محمد بن المبارك قال: "رأيت سعيد بن زيد إذا فاتته الصَّلاة في الجماعة أخذ بلحيته وبكى" (الحلية 6/126).
حرص سعيد بن المسيَّب
قال سعيد بن المسيَّب: "ما فاتتني الصَّلاة في جماعة منذ أربعين سنة".
وقال: "ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد" (سير أعلام النُّبلاء 4/221).
محمد بن سماعة وصلاة الجماعة
قال محمد بن سماعة: "مكثت أربعين سنة لم تفتني التَّكبيرة الأولى إلا يوم ماتت أمي، فصليت خمسًا وعشرين صلاةً، أريد التَّضعيف! (السِّير 10/646).
ثمرة الجماعة
قال سعيد بن المسيب: "من حافظ على الصَّلوات الخمس في جماعةٍ، فقد ملأ البرَّ والبحر عبادةً" (الحلية 2/160).
اللهمَّ سلِّم
قال وكيع: "من تهاون بالتَّكبيرة الأولى: فاغسل يديك منه" (الحلية 8/207).
سباق الصَّالحين
سمع أبو مسلم الخولاني رجلًا يقول: "سبق اليوم فلان". فقال: "أنا السَّابق". قالوا: "وكيف يا أبا مسلم؟" قال: "لأنِّي أدلجت، فكنت أول من دخل مسجدكم" (السِّير 4/10).
يحملونه إلى المسجد وهو مريضٌ
عن أبي عبد الرحمن السّلمي أنَّه كان يأمرهم أن يحملوه في الطِّين والمطر إلى المسجد وهو مريض (الزُّهد لابن المبارك ص141).
حثُّ الأبناء على صلاة الجماعة
عن مجاهد أنَّه سمع رجلًا من أصحاب النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ممَّن شهد بدرًا قال لابنه: أدركت الصَّلاة معنا؟ قال: نعم. قال: أدركت التَّكبيرة الأولى؟ قال: لا. قال: "لما فاتك منها خيرٌ من مائة ناقةٍ، كلُّها سود العيون (المصنف 1/528).