اختراع جديد لازالة الالغام

مليون لغم في الصحراء الغربية وسيناء

اختراع مصري لإزالة الألغام بالبكتيريا!
(6 جمادى الآخرة 1427 هـ - 02-07-2006 م)

القاهرة - محمد جمال عرفة

عدد الزيارات:1014



الألغام مشكلة يعاني منها كثير من دول العالم

توصل علماء مصريون بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة إلى اختراع مهم ومذهل، يمكن أن يخلص العالم ـ ومصر ـ من مشكلة الألغام المزروعة في الأرض، والتي لا توجد خرائط تدل عليها، وينتج عنها حالات قتل وبتر وعاهات بشرية كثيرة للأفراد، يتمثل في زرع أنواع من البكتيريا تكشف عن مواقع الألغام بتغير لونها، أو تتغذى على مواد التفجير وحديد الألغام فوق الأراضي الملغومة فتقضي على الألغام تماما.

صاحب هذا الاختراع هو الدكتور "محيي الدين سليمان" (الباحث بقسم التكنولوجيا الحيوانية والنباتية بالمركز القومي للبحوث) الذي يؤكد أنه يمكن من خلاله تحديد أماكن ألغام الصحراء الغربية، والتخلص منها باستخدام نباتات مهندسة وراثيا يتغير لونها عند زراعتها فوق الألغام مباشرة، وأن نباتات تحديد مواقع الألغام تحمل اسما علميا "أرابيد بسير" ويتغير لونها خلال أسبوعين فقط من زراعتها في حقول الألغام.

وتعتبر مصر من أكثر الدول في العالم تضررا من مشكلة الألغام، بسبب حروب دول المحور والحلفاء على أرضها في العلمين ومنطقة الصحراء الغربية، وما واكبها من زرع ملايين الألغام من الجيوش المختلفة التي ليس لها خرائط تسهل البحث عنها، وزادت الأزمة سوءا بسبب الحروب المصرية الصهيونية المتتالية وزرع آلاف الألغام الأخرى في سيناء؛ ما جعل مصر الدولة الأولى في العالم المصابة بالألغام والتي يبلغ عددها 23 مليون لغم أرضي، منها ما بين 17- 18 مليون لغم تنتشر في 2480 مليون متر مربع في الصحراء الغربية وعلى الحدود الليبية بعمق 30 كيلو متر مربع، و5.1 ملايين لغم في 200 مليون متر مربع في المناطق الشرقية مثل سيناء والبحر الأحمر.

ويشير الدكتور "محيي الدين" (صاحب الاختراع) في تصريح لمجلة "المصور" الحكومية في عددها الأسبوعي الصادر الجمعة 30 يونيه 2006 إلى أن التخلص من الألغام بعد تحديد أماكنها يتم عن طريق بكتيريا خاصة أخرى تتغذى على مكونات الألغام (الحديد والبلاستيك) مع إضافة نوعٍ ثانٍ من البكتيريا التي تتغذى على المادة المتفجرة. T.N.T لإبطال مفعولها عبر سلسلة من عمليات التكسير الجزئي، ومن ثم يمكن تنظيف حقول الألغام عبر بكتيريا ثالثة مهجنة تتغذى على بواقي الحديد لتصبح الأرض صالحة للزراعة.

ويقول العلماء إن هذه البكتيريا سيتم إعدادها في المركز القومي للبحوث، وسيتم نقلها إلى مركز بحوث الصحراء لاستكمال الجانب التطبيقي على حين تعد جامعة القاهرة النباتات الصالحة للزراعة هناك.

ويؤكد الدكتور "محيي الدين" أن المشروع يتفادى عيوب الطرق التقليدية في إزالة الألغام، وهو اقتصادي، وأي تكلفة ستكون زهيدة، لأن تكلفة نزع لغم واحد تتكلف 300 دولار بالطرق التقليدية فضلا عن الخسائر البشرية والبيئية والوقت.

وقد نال المشروع موافقة أكاديمية البحث العلمي، وقررت تمويله بمليون جنيه، وسيبدأ المشروع في أغسطس القادم، ومتوقع لنهايته عامان، ويعالج نحو 18 مليون لغم مزروع على مساحة 673 ألف فدان في الصحراء الغربية.

مشكلة الألغام في مصر

وتؤثر الألغام المزروعة في صحراء مصر على حياة ما يقرب من مليون شخص، حيث لا توجد خرائط محددة لهذه الألغام، ورغم هذا يواصل المصريون استخدام هذه المناطق في الرعي والزراعة ومشروعات البنية التحتية وبناء المساكن.

وطبقا لتقرير حصل عليه (مرصد منع الألغام الأرضية) صدر عن (الحملة الدولية لمكافحة الألغام) من وزارة الخارجية المصرية، قام الجيش المصري بإزالة 3 ملايين لغم بتكلفه تقدر ب27 مليون في الفترة بين عامي 1981 و1991، بيد أن هذه الألغام والقذائف غير المتفجرة الموجودة بالصحراء الغربية تمنع الوصول إلى ما يقدر ب 4.8 بلايين برميل من احتياطي البترول و13.4 ترليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.

ومعلوم أن مصر لم تنضم إلى معاهدة منع الألغام لأن المعاهدة فشلت في مطالبة أولئك الذين زرعوا الألغام في مصر في الماضي بتحمل مسؤولية إزالتها، ولكن مصر ـ وفقا للتقرير - تقوم بإنتاج نوعين فقط من الألغام المضادة للأفراد ذات المحتوى المعدني المنخفض.

وقد سقط العديد من القتلى والجرحى المصريين نتيجة هذه الألغام المزروعة، ولكن إجمالي عدد الضحايا في مصر غير معروف.. ففي فبراير 1999 ذكر أن الألغام الأرضية حصدت 8313 ضحية: 696 قتلوا و7617 أصيبوا منهم 5017 مدني.

ومن المعتقد أن هذه الأرقام تنطبق فقط على أعداد الضحايا التي سقطت في الصحراء الغربية فقط منذ عام 1982 وحتى الآن، وفي عام 2003 أصيب سبعة أشخاص بإصابات خطيرة في خمسة حوادث مسجلة، وقد استدعى الأمر إجراء عمليات بتر لاثنين منهم، وسجلت منظمة الحماية من الأسلحة وآثارها سقوط 19 ضحية في خمس حوادث متفرقة في الفترة من يناير إلى سبتمبر 2004 واحد منها فقط كان عسكريا، وخمسة منهم أطفال، وكذلك سقوط أعداد أخرى حتى الآن.

وقد أعلنت مصر رفضها الانضمام لاتفاقية "أوتاوا" بسبب عيوب كثيرة فيها وقصور في معالجة مشكلة الألغام بشكل فعال. وأكدت الخارجية المصرية وجود تحفظات على الاتفاقية، أهمها أنها لا ترتب أي مسؤولية على الدول التي زرعت الألغام، وبالتالي عدم مساعدة مصر في إزالة الألغام المزروعة في أرضها (23 مليون لغم) فضلا عن عدم انضمام الدول الكبرى ذاتها للمعاهدة، والأهم عدم وجود وسيلة بديلة لحماية الحدود من الأخطار الخارجية في حالة تدمير الألغام الأرضية كما تنص الاتفاقية.

وقالت الخارجية المصرية إن نقطة الضعف الجوهرية هذه كانت أحد الأسباب التي حالت دون انضمام مصر لمعاهدة "أوتاوا" بالرغم من أن مصر كانت قد شاركت في كافة الأعمال التحضيرية للتفاوض حول هذه الاتفاقية وصياغتها في عامي 1996 و 1997.

ومما حال كذلك دون انضمام مصر إلى اتفاقية "أوتاوا" هو تجاهل هذه الاتفاقية حق الدول المتضررة من الألغام في الحصول على مساعدات من المجتمع الدولي لتطهير أراضيها من الألغام مقابل انضمامها إلى الاتفاقية.

42 ألف ضحية للألغام في العالم



الألغام لا تفرق بين الأطفال أو الرجال!!

يذكر أن تقريرا لـ (منظمة الحماية من الأسلحة وأثارها) و(مرصد منع الألغام الأرضية) صدر عن (الحملة الدولية لمكافحة الألغام) والحائزة على جائزة نوبل للسلام في مارس 2005، كشف عن أن مشكلة الألغام في البلدان العربية متشابكة ومعقدة، وينتج عنها الكثير من الضحايا سنويا، فضلا عن تعويقها للتنمية في المناطق المزروعة ألغاما.

وكشف التقرير ـ الصادر باللغة الإنجليزية - بشأن رصد الألغام في الدول العربية من عام 1999 حتى نهاية سنة 2004، أن مصر والعراق والسودان هم أكثر بلدان العالم تأثرا بالألغام الآن، وسجل المرصد 42.500 ضحية جديدة للألغام الأرضية في الخمس السنوات الماضية في 75 دولة على الأقل، ومن الممكن أن يكون الرقم أكبر من ذلك بكثير مستقبلا، حيث من المتوقع أن تكون النسبة ما بين 15000 و20000 ضحية سنويا.

ورصد التقرير عدة حقائق مهمة أبرزها : أن 152 دولة وافقت على منع الألغام المضادة للأفراد ووقف إنتاجها، وتم تدمير 62 مليون لغم من مخزون هذه الدول من هذه الألغام، وتم تطهير 1.100 كيلو متر مربع من الأرض منذ عام 1999 وتدمير 4 ملايين لغم للأفراد ومليون لغم مضاد للمركبات، والملايين من القذائف غير المتفجرة.

وقدم المانحون أكثر من 1.35 بليون دولار منذ 1999 حتى سنة 2003، وحوالي 2.1 بليون دولار منذ عام 1992، وتم تدريب أكثر من 22 مليون شخص في دورات بهدف تعلم مخاطر الألغام، وسجل المرصد أن روسيا وبورما (مينامار) هم الدولتان اللتان مازالتا تستخدمان هذه الألغام حتى الآن ولم ترصد علنا أي تجارة شرعية في الألغام المضادة للأفراد حتى الآن.

وقال التقرير إن هناك 143 دولة طرف في اتفاقية منع الألغام وتسع دول أخرى موقعة، لكن لم تصدق على الاتفاقية بعد، وانضم مؤخرا إلى الاتفاقية دول جديدة مثل بورندي والسودان، وهما متأثرتان بالألغام، وأيضا روسيا البيضاء واليونان وصربيا والجبل الأسود وتركيا، والذي يشكل مجموع مخزونهم من الألغام حوالي 10 مليون لغم أرضي للأفراد يتم تدميرهم حاليا، كما اتخذت دول أخرى خطوات مهمة للالتحاق بالاتفاقية وهي بروناي ولاتفيا وبولندا.

ومن التحديات التي تواجه الاتفاقية أن عددا بسيطا من الدول انضموا إليها في العام السابق، وهو ما يثير القلق لأن هناك 42 دولة يصل إجمالي مخزونها من الألغام المضادة للأفراد 185 مليون لغم ما تزال خارج الاتفاقية، منها روسيا وأمريكا والصين، بالإضافة لمعظم دول الشرق الأوسط والعديد من الدول الآسيوية، كما واستخدمت 16 دولة الألغام الأرضية في العامين السابقين، منها الهند وإسرائيل ونيبال وإرتريا والعراق وسريلانكا ويوغسلافيا وجورجيا.

ومن التحديات التي تواجه الاتفاقية أيضا أن هناك دولا موقعة على الاتفاقية استخدمت الألغام، منها أوغندا وإثيوبيا وفنزويلا وإكوادور، وكذلك جماعات ناشطة غير حكومية استخدمتها في كل من الهند ونيبال والصومال وسريلانكا وانجولا والشيشان وكولومبيا في عامين 2003 و2004، وقد أشار المرصد إلى أن هناك 15 دولة منتجة للألغام حتى الآن.

وقد منعت المنظمة وحرمت بيع أو تصدير الألغام، ولا يتم ذلك فعليا إلا في أضيق الحدود، عن طريق صفقات غير مشروعة وسرية منذ عام 2002، وأنه منذ بدء المحادثات ودخولها حيز التنفيذ تم تدمير عدد كبير منها في 65 دولة، ومع ذلك تأخرت دول عديدة في ذلك.

وتشير التقارير الدولية غير المنشورة على نطاق واسع إلى أنه منذ بدء المحادثات حول اتفاقية منع الألغام ودخولها حيز النفاذ كان في حوزة 131 دولة كمية مذهلة من الألغام قدرت بحوالي 260 مليون لغم مضاد للأفراد، وخلال فترة التقرير تم تدمير حوالي 4 ملايين من الألغام المخزونة، وكذلك انتهت 65 دولة من تدمير ما لديها يقدر بحوالي 37.3 مليون لغم مضادة للأفراد وكان نصيب إيطاليا وحدها 7.1 مليايين لغم تليها تركمانستان.