جريدة الأهرام
أغلقت التليفونات ومنعت نفسي عن متابعة كل البرامج الإخبارية... حتي أن أمي تصورت أنني تلقيت تهديدات بسبب مشاركاتي السياسية.
شيرين ـ صحفية تحولت في الشهور الأخيرة إلي ناشطة لا تفوتها أي فعالية
سياسية لكن عزوفها من وقت لآخر سببه حالة الإكتئاب التي أصابتها. اللافت
أنها ليست الوحيدة التي تعاني بسبب تواتر الأحداث وحالة الشعور باللا أمان
لكن كثيرا من المواطنين اليوم يرددون نفس الشكوي حتي وإن لم يشاركوا في
أنشطة سياسية.
كآبة.. قلق... وشعورعام بالحزن والمخاوف بسبب تصاعد الخلافات علي الساحة
السياسية التي تنتقل للشارع في صورة أحداث عنف أحيانا.. مزاج متقلب يعاني
منه المصريون منذ حوالي سنتين.. زادت ملامحه في الشهور الاخيرة بسبب الضغوط
السياسية التي أصبحت مناقشاتها الساخنة فرض عين في البيوت, أماكن
العمل,علي المقاهي, وفي وسائل النقل العام. السؤال.. ونحن علي مشارف عام
جديد كيف يمكن التغلب علي هذه المشاعر السلبية في الفترة القادمة؟
حنان عبد المقصود, تحرص علي خروجات الأصدقاء.. وعمل شوبنج بشكل مستمر أنفق
مبالغ كبيرة رغم علمي اننا لن نتقاضي أرباحا هذا العام بسبب خسائر
الشركة.. البعض يحاول تفريغ طاقته النفسية بالنزول إلي المظاهرات
والهتافات.. في حين يتجه آخرون لاستغلال كل فرص الأجازات للسفر وتفريغ
عقولهم من الشحن السياسي اليومي..
ويري د. أحمد عبدالله أستاذ الطب النفسي بجامعة الزقازيق أن تسليم النفس
الدائم للبرامج التحليلية والتوك شوز يعرضها دائما لجرعة قطران مركزة لذا
ينصح بتحويل المؤشر إلي قنوات أخري للأفلام أو ناشيونال جيوجرافي مثلا..
ويصف د. أحمد الحالة التي يعيشها الكثيرون بأنها حالة( هري) نفسية يومية
وأنه يمكن استثمار هذه الطاقة في المشاركة في أعمال إيجابية مؤكدا أن
المساحات مفتوحة لذلك.
جلسات مصارحة وفضفضة وبحث عن حلول يقوم بها د. أحمد مع مجموعة من الراغبين
في الحفاظ علي صحتهم النفسية في لقاء أسبوعي يحددونه فيما بينهم من خلال
شبكة التواصل الإجتماعي الفيس بوك.. ويقول: فرصة للتخفيف عن بعضنا البعض من
خلال آليات للتكيف مع الضغوط التي أصبحت سمة من سمات حياتنا اليومية,
وأولي الخطوات هي الحرص علي انتزاع أنفسنا من هذه الضغوط وممارسة قراءات
روحية مختلفة.. تدريبات تنفس أوالتشجيع علي ممارسة هوايات وأنشطة محببة..
فقد أدعو زملائي في المجموعة لمتابعة معرض فن تشكيلي أومتابعة أفلام
السينما أوالمهرجانات مؤكدا أنه حرص علي التمتع بمشاهدة افلام مهرجان
السينما في القاهرة رغم كم الأحداث السياسية في هذا الوقت. أما د. عمرو
صلاح, أحد المشاركين في المبادرة النفسية لست وحدك الذي تسهم في علاج
المصابين بكرب ما بعد الصدمة بعد أحداث الثورة.. فيري أنه لا بد من تخفيف
حدة المناقشات السياسية بين الأقارب والأصدقاء, تقليلا لفرص الاختلاف وينصح
بالبحث عن المناطق المشتركة فيما بيننا حتي لا نخسر علاقاتنا الإنسانية.
وفي محاولة لرسم البسمة علي الوجوه, قام عدد من الشباب بتكوين مجموعة
الألش السياسي. يقدمون الأخبار بطريقة ساخرة ويقومون بجولات توعية في
المحافظات تدعو للتفاؤل بالمستقبل.