الموقع
تقع المملكة الأردنية الهاشمية في غرب قارة آسيا. تحدها من الشمال سوريا ومن الغرب فلسطين المحتلة، ومن الجنوب والجنوب الشرقي المملكة العربية السعودية، ومن الشرق يحدها العراق.
ويمثل خليج العقبة في أقصى الجنوب منفذها الوحيد إلى العالم الخارجي على البحر الأحمر تبلغ مساحة الأردن 98,000كم2، ويبلغ عدد سكانه حوالي 4 ملايين نسمة. وعاصمته عمَّان، وأهم المدن الأخرى الزرقاء، إربد، جرش، العقبة.
نبذة تاريخية:
أظهرت التنقيبات التي أجريت في وادي الأردن عن وجود إنساني في هذه المنطقة يعود إلى ستة آلاف سنة. وقد تعاقب على الأردن العديد من الدول والمماليك المختلفة. وذلك لوقوعه في وسط الطريق الذي يجمع شبه الجزيرة العربية ببلاد الشام وبمصر.
فقد سكنها بداية الكنعانيون، ثم دخلها الفلسطينيون واستمروا فيها حتى دخلها اليهود العبرانيون. وعلى عهدهم تعرضت المنطقة لهجوم كاسح من قبل الآشوريين والكلدانيين والذين ألحقوا بهم خسائر جمة. أما في عهد دولتي الفرس والروم، فقد كانت المنطقة تتبع الدولة الأقوى فيهما، وقامت فيها عدة ممالك ودول مستقلة بنت فيها حضارتها المستقلة وأهم هذه الممالك.
الأنباط:
وهم قبائل بدوية ظهرت حوالي القرن الخامس قبل الميلاد. ويعود أول تاريخ ثابت للأنباط إلى عام 312 ق.م حين تمكنوا من صد حملتين عن سوريا بقيادة انتيفوس أحد خلفاء الاسكندر. وقد اتخذ الانباط من البتراء عاصمة لهم. ووسعوا سلطتهم ومركزهم إلى المناطق الشمالية. وأصبحتالبتراء منذ أواخر القرن الرابع ق.م. المدينة الرئيسية على طريق القوافل تربط بين جنوبي الجزيرة العربية وبلاد الشام. وكانت حضارة الأنباط عربية في لغتها آرامية في كتابتها. وقد استطاع الرومان اضعاف دور البتراء اقتصادياً بتغيير الطريق التجاري، ثم حاصروها واستولوا عليها وذلك في عام 106م.
وكذلك امتدت إلى هذه المنطقة نفوذ دولة تدمر التي نشأت في قلب بادية الشام وازدهرت وعاشت عصرها الذهبي أيام ملكها أذينة وزوجته زنوبيا. وقد سقطت مملكة تدمر عام 273م.
وفي خضم تصارع الدولتين العظميين «الفرس» و«الروم» سمحت كل دولة منهما بقيام دولة عربية صغيرة على حدودهما الجنوبية، كي تقومان بمهمة الدفاع عن الدولتين العظميين، فأقام الفرس دولة المناذرة. وأقام الروم دولة الغساسنة الذين سكنوا جنوبي بلاد الشام.
والغساسنة قسم من عرب اليمن هجروا بلادهم عقب انهيار سد مأرب واتجهوا شمالاً إلى بلاد الشام. واسسوا دولتهم هناك بزعامة أميرهم «جفنة بن عمرو» وكانت عاصمتهم السياسية الجابية، وعاصمتهم الدينية «بصرى».
وقد ارتبط الغساسنة بعلاقات وطيدة مع الامبراطورية البيزنطية، واتسع نفوذهم حتى امتدت مملكتهم على كل بادية الشام من الرصافة حتى خليج العقبة.
إلا أن الروم عملوا على إضعاف دولتهم بإثارة الخلافات دائماً فيما بينهم، وظلوا على وضعهم حتى دخول الجيوش الإسلامية إلى بلاد الشام وتحريرها في معركة اليرموك الخالدة زمن أمير الغساسنة جبلة بن الأيهم.
العهد الإسلامي:
بعد استتباب الدولة الإسلامية الأولى في شبه الجزيرة ونشر الدين الجديد فيها، توجهت الجيوش الإسلامية لنشر الدين الإسلامي الجديد في الخارج وخاصة في بلاد الشام. فوجه الخليفة الصديق أبو بكر خمسة جيوش باتجاه بلاد الشام وألحقها بخالد بن الوليد الذي كان يحارب في العراق. وكانت الجيوش الإسلامية الخمسة بقيادة كل من:
ـ يزيد بن أبي سفيان إلى دمشق.
ـ عمرو بن العاص إلى فلسطين.
ـ شرحبيل بن حسنة إلى الأردن.
ـ أبو عبيدة بن الجراح الى حمص.
ـ وعكرمة بن أبي جهل دعماً للجيوش الإسلامية.
وقد توحدت هذه الجيوش الخمسة في معركة اليرموك عام 636 م تحت قيادة الصحابي خالد بن الوليد وبعد ذلك تمكن شرحبيل بن حسنة من متابعة سيره وفتح جميع أراضي منطقة الأردن.
ومع تولي الأمويين زمام الحكم تمتعت هذه المنطقة بازدهار تجاري واقتصادي جيد وذلك لقربها من مركز الخلافة في دمشق.
أما في العصر العباسي فقد قل الاهتمام بشؤونها وخاصة في العصر العباسي الأول.
أما في العصر العباسي الثاني فقد كانت المنطقة معرضة للإنقسام التام عن الخلافة وكانت تتبع الدويلة الأقوى في المنطقة، فقد تبعت الدولة الطولونية والإخشيدية في مصر، كما تبعت برهة من الزمن للقرامطة، وكذلك للدولة الحمدانية والدولة الزنكية والفاطمية، كما تعرضت للهجمات الصليبية حتى حررها صلاح الدين الأيوبي إثر معركة حطين عام 1187م.
وفي الفترة من القرن السادس عشر إلى مشارف القرن العشرين شكل الأردن جزءاً من سوريا خلال الحكم العثماني والذي استمر إلى عام 1916م. حيث اندلعت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين بن علي من مكة المكرمة بدعم من البريطانيين والفرنسيين.
نشوء الإمارة بعد الثورة العربية وعهد الأمير عبد الله:
عقب اندلاع الثورة العربية الكبرى عام 1916م. وما صاحبها من وعود الحلفاء الانكليز والفرنسيين عبر (مراسلات حسين مكماهون)، وبعد هزيمة العثمانيين عام 1918، وصل إلى معان في جنوب الأردن عام 1920 الشريف عبد الله بن الشريف حسين على رأس حملة عسكرية، وأعلن عن نيته طرد الفرنسيين من سوريا لإعادة أخيه الملك فيصل إلى العرش. وكان الانكليز قد وعدوا عبد الله سابقاً بعرش العراق، فغيروا خططهم، فنصبوا فيصلاً على العراق. أما عبد الله فقد خشي البريطانيون من أن يعطل اتفاقية سايكس بيكو مع الفرنسيين، فعرضوا عليه إنشاء إمارة خاصة به في شرق الأردن، مع مساعدة مالية، مقابل تعهده بإيقاف حملته، ومنع الغارات ضد الفرنسيين، وتأييده للانتداب البريطاني في فلسطين فوافق عبد الله، وقامت إمارة شرق الأردن بعد أن تنازل الشريف حسين لابنه عن معان والعقبة وألحقتا بالإمارة. علما أن إمارة شرقي الأردن كانت في العهد العثماني متصرفية تابعة لولاية دمشق. وبعد خروج الأتراك من بلاد الشام أصبحت تابعة لحكومة دمشق.
عهد الملك حسين بن طلال(1953 ـ 1999 م):
بعد قيام الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958، دخل الأردن في «الاتحاد العربي» مع العراق، إلا أن ثورة 14 تموز 1958 أطاحت بالوحدة، بعدما أطاحت بالنظام الملكي في العراق وحكومته. ولمنع امتداد الثورة إلى الأردن، طالب الملك حسين بالتدخل العسكري البريطاني، فنقلت قوات جوية بريطانية إلى عمان وفي الوقت نفسه كانت قوات الاسطول السادس الأمريكي تنزل على الساحل اللبناني في بيروت.
بعد هذه المرحلة، دخلت البلاد في فترة من الهدوء النسبي، فتفرغت الدولة للانماء الاقتصادي. حتى كانت نكسة عام 1967، وقد تعرض الأردن للعدوان الإسرائيلي الذي أسفر عن استيلاء إسرائيل على الضفة الغربية، ولجوء ما يزيد على 400 ألف فلسطيني إلى شرق الأردن، الأمر الذي أدى إلى خلق المزيد من المشاكل السياسية والاقتصادية. خاصة بعد ظهور المقاومة الفلسطينية، التي باتت تهدد مصير العرش الهاشمي، بسبب تمادي بعض عناصر المقاومة بالظهور المسلح وكسر قوانين الدولة و.... الأمر الذي أدى إلى تصادم عسكري كبير مع الدولة الأردنية عام 1970، حيث شكل الملك حسين حكومة عسكرية تمكنت من ضرب المقاومة بشكل قاسٍ، وأخرجتها من الأردن بعد مبادرة عربية قام بها الرئيس جمال عبد الناصر.
بعد ذلك حاول الملك حسين أن يعيد مطالبته بوضع الضفة الغربية تحت سيادته لدى تحقيق الانسحاب الإسرائيلي، إلا أن منظمة التحرير الفلسطينية نالت الموافقة العربية والدولية على أنها من حقها وحدها حق تقرير مصير الشعب الفلسطيني وذلك بعد قمة الرباط العربية عام 1974
الأردن في الثمانينات:
دعا الأردن إلى مصالحة عربية مع مصر في ربيع 1982 بعد تسلم مبارك الرئاسة، وأعاد هو علاقته معها في 25 أيلول 1984.
وبعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان في حزيران 1982 عقدت قمة عربية في فاس بالمغرب، تشكلت على إثرها لجنة عربية سباعية برئاسة الأردن دعت كبار الدول العالمية لمشروع السلام العربي وطلبت منهم تأييده، ثم جرت مفاوضات فلسطينية أردنية على أساس مشروع السلام العربي ومبادرة رونالد ريغان، ثم أعلنت الحكومة الأردنية فشل هذه المبادرة. وفي شباط 1985 وقّع اتفاق بين منظمة التحرير الفلسطينية والأردن، إلا أن العلاقات عادت وتدهورت مجدداً في 1986 حيث أغلقت الحكومة الأردنية 26 مكتباً لمنظمة التحرير في الأراضي الأردنية. وفي كانونكانون الثاني 1989 عادت العلاقات وتحسنت حيث افتتح الملك حسين وياسر عرفات مكتب سفارة فلسطين في الأردن. كما شهد هذا العام فوز ليلى شرف أول امرأة أردنية في مجلس الأعيان.
الأردن في التسعينات:
في 27 آب 1992 أعلنت السلطات الأردنية أنها اعتقلت جماعة من شباب النفير الإسلامي بينهم النائب الإسلامي يعقوب قرش، وبعد أربعة أيام أوقف النائب ليث شبيلات أيضاً بتهمة تزويد هذه الجماعة بأسلحة ومتفجرات. وقد وجهت إليهم محكمة أمن الدولة تهمة «محاولة قلب الحكم» وحكمت عليهما بالسجن لمدة 20 سنة. وتحت الضغط الشعبي والنيابي، أصدر الملك حسين بمناسبة عيد ميلاده السابع والخمسين في 14 تشرين الثاني 1992 عفواً عاماً شمل شبيلات وقرش.
بعد ذلك مرت المملكة الأردنية بمرحلة ضغط سياسي واقتصادي كبير بسبب موقف الأردن المساند للعراق في حرب الخليج الثانية ضد الكويت، وقد تمثل هذا الضغط بمقاطعة الدول الخليجية قاطبة للأردن، وقد حاول الملك حسين كسر هذا الحاجز عن طريق انتقاده المستمر لسياسة الرئيس العراقي صدام حسين.
وفي 30 تشرين الأول 1991 كان الأردن يشارك دول مجلس الطوق في مؤتمر السلام الذي عقد في مدريد، غير أنه سرعان ما دخل في مفاوضات سرية مع اليهود وتوصل إلى إبرام معاهدة «وادي عربة» التي وقعها الملك حسين مع اسحق رابين في 29 تشرين الأول 1994. لتطوى بذلك صفحة الحرب بين الطرفين والتي استمرت 46 عاماً، وفي تشرين الثاني أقام البلدان علاقات دبلوماسية للمرة الأولى.
وفي شهر آب 1992 خضع الملك حسين لعملية استئصال حالبه الأيسر وكليته اليسرى أجراها في مستشفى «مايوكلينيك» بأمريكا إثر اكتشاف خلايا سرطانية.
وفي آب 1996 جرت تظاهرات كبيرة في جنوبي المملكة احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية، وعلى ارتفاع الأسعار أدت إلى مواجهات عنيفة مع القوات الحكومية.
وفي نيسان 1997 عاد الملك حسين إلى مستشفى «مايو كلينيك» حيث خضع مجدداً للعلاج وبقي في المستشفى حتى شهر تشرين الأول من العام 1998. وقد شارك الملك حسين في مفاوضات «واي بلانتيشن» التي أفضت إلى توقيع الاتفاق في واشنطن بين بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الأسرائيلوياسر عرفات.
وفي كانون الثاني 1998 عاد الملك حسين إلى عمان معلناً شفاءه التام من السرطان، وبعد مجيئه بستة أيام فقط عزل الملك حسين شقيقه وولي عهده الأمير حسن عن ولاية العهد والتي استمرت له 34 عاماً، وعين مكانه نجله الأمير عبد الله.
إلا أن المرض عاود من جديد الملك حسين، فعاد إلى مايو كلينيك في أمريكا في 26 كانون الثاني وخضع في شباط 1999 لعملية زرع ثانية للنخاع العظمي إلا إن عمليته الثانية باءت بالفشل فعاد إلى بلده حيث توفي.
عهد الملك عبد الله الثاني 1999 ـ ....:
تسلم الملك عبد الله الثاني مُلك الأردن عقب وفاة والده وسط دعم عربي ودولي كبير له تجلى في الحضور الرسمي الكبير لجنازة الملك حسين يتقدمهم كبار زعماء العالم (الولايات المتحدة ـ روسيا ـ بريطانيا ـ فرنسا ـ مصر ـ سوريا ـ السعودية ....) وقد أكد الجميع على المحافظة على وحدة وسلامة الأردن، ودعمهم المطلق للملك الجديد عبد الله الذي سرعان ما وطد حكمه في البلد، وقام بزيارة شكر إلى العديد من دول العالم ولتوطيد العلاقة معهم، وكانت المحطة السورية في دمشق من أهم هذه الزيارات، إذ عادت العلاقات السورية ـ الأردنية إلى الأردنية إلى طبيعتها بعدما توترت وانقطعت في عهد الملك حسين قبيل مفاوضات واتفاق وادي عربة مع اليهود عام 1994.