الشروق
خبر يخطف البصر ويسترعى كل الانتباه. ليس لأنه تصدر
الصفحة الأولى لأكثر من جريدة رصينة فقط لكن لأنه بلا شك خبر يمس كل عائلة
فيها مريض سكر، الأمر الذى أصبح واقعا مع انتشار المرض فى صورة تقارب
الوباء. إلى جانب مضاعفات أخرى كثيرة خطيرة يعد العمى وفقدان البصر أكثر
تهديدات مرض السكر قسوة إذ يختلس نور العيون ببطء دءوب ينتهى بعزلة الإنسان
فى ركن من الحياة مظلم وان كان ضجيجها على مرمى حجر منه.
فاجأنى العنوان فمن المعروف علميا أن تأثر الشبكية بمرض السكر يحتاج
لسنوات طويلة بعد التأكد من الإصابة بالسكر الأمر الذى يحدث بعد مرحلة
تستغرق ما لا يقل عن عشر سنوات تسمى بمرحلة ما قبل السكر، خلال تلك السنوات
يلم بخلايا الشبكية تغيرات مرضية كأنما تترسب فيها فأى دواء سحرى هذا الذى
سيعيد لمريض اعتلال الشبكية السكرى بصره خلال 7 أيام؟ انها بلاشك معجزة!
نقلت حيرتى إلى الأستاذ الدكتور مصطفى نبيه أحد الذين يعدون على أصابع
اليد الواحدة من جراحى الشبكية والجسم الزجاجى وله فى علاجاتها خبرة
عالمية. فأجابنى «الجزء الصحيح فى الخبر هو أثر أكثر من دواء حديث على عامل
يساعد على نمو الخلايا المبطنة للشرايين الدقيقة فى العين. تثبيط عامل
النمو البروتينى الطبيعية Vascular endithelial growth factor يقلل من
احتمالات الأوديما فى العين بمعنى آخر تورم خلايا الشبكية واحتجاز الماء
فيها.
تلك الأدوية مفيدة فى حالات الاكتشاف المبكر لبداية تأثر الشبكية بعد ان
أصبحت هناك فى متناول الأطباء تقنيات حديثة لقياس سمك خلايا الشبكية فى
بداية تأثرها بارتفاع قياس الجلوكوز فى الدم بصورة مزمنة ومستمرة. أهم ما
يجب أن يتم التركيز عليه دائما هو التأكيد على ضرورة استباق الخطر بإجراء
كشف دورى على قاع العين يظهر أى تغيرات مرضية فيها. ليس فقط لدى مريض السكر
انما للإنسان العادى الذى لا يعانى من أى أمراض مزمنة».
رجعت لمصادر علمية لها مصداقيتها فتأكدت أن تلك الأدوية انما تستخدم فى
كل الحالات التى تؤدى لتناقص حدة الإبصار وأهمها تحلل الماقولة (macular
degeneration) لدى كبار السن. وأنه لا عودة للإبصار بعد العمى انما هو تحسن
فى مستوى الإبصار فى حدود إذا ما تم التدخل فى مرحلة محددة من تطور المرض
فقط. سجلت المصادر أيضا ان تلك الأدوية التى يتم حقنها فى العين تعمل لمدة
قصيرة لذا يجب تكرارها بانتظام وان كانت النتائج ليست مضمونة دائما. كما
انها أدوية باهظة الثمن إلى درجة تجعل الحصول عليها مشقة تضاف إلى المرض.
من هو صاحب المسئولية فى خبر كهذا؟ الطبيب الذى جاء الخبر عن لسانه
ملونا بتلك الصورة التى تبدو كقمة جبل الجليد التى تخفى قدرا مهما من
الحقيقة تحتها فى عمق المحيط. أم أنه الصحفى الذى صاغ الخبر فرحا بانفراده
به دون أن تكون لديه الدراية الكافية بطرح الأسئلة التى تلقى ضوءا كاشفا
على تفاصيله؟ إنها بلاشك قضية بالغة الأهمية تحتاج مناقشة واعية لاخلاقيات
المهنة: الطبية والإعلامية على قدر سواء.
يجب أن تنشر الأخبار العلمية والطبية بألوان الحقيقة الأبيض والأسود لا
محل فيها للألوان هذا ما يجب أن يعلمه الأطباء فيكتبه ويقرأه الإعلاميون.
أترانى أصبت؟