كتب نعيه علي فيس بوك.. وانضم لقافلة شهداء الشرطة
جنازة عسكرية مهيبة للنقيب المحرزي
قبض علي 4 تجار مخدرات ورصاصة الغدر أنهت حياتهمتابعة:أيمن السباعي ونسرين صادق"أنا الضابط اللي قولتوا عليه فتوة وحاربتوه بكل قوة.. أنا الضابط اللي قولتوا عليه سفاح طب اشتغل ليه؟! ما أسيبها سداح مداح.. مبقولش أنا من الفراعنة ولا من المماليك ولا في عصر الحرية ولا الكرابيج.. أنا إنسان يا بني آدميين أنا اللي بلف من بحري للصعيد ومبتكرمش غير لما أموت شهيد.. أنا عايز حق الناس ولا أدوس علي حد ولا أداس بس انتوا اللي مش عارفين ولا مقتنعين".. بهذه الكلمات ودع النقيب محمود محمد عبدالظاهر المحرزي معاون مباحث قسم ثان السلام "27 سنة" زملاءه من ضباط الشرطة عبر حسابه علي موقع التواصل الاجتماعي دون أن يدري أن خواطره التي كتبها في لحظة حزن مما آل له حال الوطن علي يد البلطجية والخارجين علي القانون ستتحول إلي حقيقة في إحدي المأموريات التي شارك فيها لتصفية إحدي البؤر الخاصة بتجارة المخدرات في منطقة النهضة لتغتاله رصاصة الغدر علي يد أحد المتهمين.
لم يكتف الشهيد بهذه الكلمات وكأنه كان يدرك أن الموت قد اقترب منه بعد مسلسل يومي لا تنتهي حلقاته التي يسقط خلالها ضباط الشرطة شهداء دون أن يجدوا من يتحدث عنهم أو يدافع عن حقوقهم التي أهدرها المجرمون فكانت رسالته الأخيرة.. "شهداء الشرطة ليسوا نجوم فضائيات حتي يجدوا من يتكلم عنهم وليس وراءهم جماعات حقوق إنسان تطالب بحقوقهم.. إنا لله وإنا إليه راجعون" وهي الكلمات التي كتب بها نعيه دون أن يدري.
الشهيد محمود المحرزي هو الشهيد رقم 184 في قافلة شهداء الشرطة الذين استشهدوا خلال أداء واجبهم منذ ثورة يناير وحتي الآن.
في الساعة السابعة من مساء أمس الأول كان النقيب علي موعد مع القدر بعد أن خرج برفقة المقدم حسام ناصر رئيس مباحث ثان مدينة نصر وبصحبتهم قوة من رجال الشرطة لتفقد الحالة الأمنية وأثناء مرورهم بالقرب من المنطقة الجبلية ورد إليهم بلاغ من بعض المصادر السرية عن قيام مجموعة من الخارجين بالاتجار في المواد المخدرة فانتقلوا إلي مكان البلاغ وتمكنوا من محاصرة المتهمين وإلقاء القبض عليهم متلبسين وبحوزتهم 20 كيلو من مخدر البانجو و20 جراماً من مخدر الحشيش و11 ألف جنيه من متحصلات الاتجار وتبين أن المتهمين الأربعة هم: هاني شاكر علي السيد "38 سنة" مبلط سيراميك مقيم بالسلام وسابق اتهامه في 11 قضية مخدرات وعلي عثمان متولي "43 سنة" عاطل ومقيم بمؤسسة الزكاة بالمرج وسيد صلاح سيد عليوة "17 سنة" عاطل ومحمد عزت محمد حسن "17 سنة" عاطل والاثنين مقيمين بالسلام.
بعد إلقاء القبض علي المتهمين الأربعة فوجئت القوات بإطلاق الأعيرة النارية عليها بكثافة من أعلي تبة جبل السلام في محاولة لتهريب المتهمين لتستقر إحدي الرصاصات الغادرة في رأس النقيب محمود محمد المحرزي ليسقط علي أثرها مضرجاً في دمائه جثة هامدة وينال الشهادة وسط حالة من الحزن انتابت القوة المرافقة له علي فراق الفقيد.
فور إخطار اللواء أسامة الصغير مساعد أول وزير الداخلية لقطاع القاهرة بالحادث الأليم أمر بتشكيل مجموعات بحثية بقيادة اللواء جمال عبدالعال مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة لسرعة ضبط المتهمين واستهدافهم حيث انتقلت القوات إلي المنطقة الجبلية وفور وصولهم بدأ المتهمون في إطلاق الأعيرة النارية عليهم بكثافة مما دفعهم لتبادل إطلاق النيران معهم وعقب توقف إطلاق الرصاص تبين وفاة أحد المتهمين وهو سويلم عودة سليمان عثر عليه ممسكاً ببندقية آلية بداخلها كمية كبيرة من الذخيرة الحية.
نجح رجال المباحث بقيادة اللواء سامي لطفي نائب مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة في تحديد المتهمين باغتيال الشهيد وتبين أنهم خمسة من الأعراب المشهود عنهم الاتجار في المواد المخدرة من ضمنهم القتيل وجاري رصدهم وتتبعهم لسرعة إلقاء القبض عليهم في ضوء التعليمات التي أصدرها اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية بسرعة ضبط المتهمين وتقديمهم للمحاكمة للقصاص للضابط الشهيد.
رغم أن الأمل كان قد تبدد إلا أن زملاء الفقيد أسرعوا بنقله إلي مستشفي الشرطة في محاولة لإسعافه لكن الأطباء أكدوا أنه فارق الحياة ليرقد داخل ثلاجة المستشفي حتي صدر قرار النيابة بدفن جثته بعد صدور تقرير الصفة التشريحية بوفاته إثر تلقيه طلق ناري بالرأس أعلي الأذن اليسري.
في مشهد جنائزي مهيب احتشد زملاء الشهيد وعلي رأسهم اللواء أسامة الصغير مساعد أول وزير الداخلية لقطاع القاهرة يرافقه اللواءات علي الدمرداش حكمدار القاهرة وأسامة بدير نائب المدير لقطاع الشرق وجمال عبدالعال مدير الإدارة العامة لمباحث القاهرة ونائباه حسن السوهاجي وسامي لطفي وعدد كبير من قيادات الوزارة والمديرية وزملاء الفقيد بقسم السلام لمشاركة أسرته في توديعه لمثواه الأخير عقب أداء الصلاة عليه بمسجد الشرطة بالدراسة بعد صلاة الظهر في جنازة عسكرية سيطر خلالها الحزن علي وجوه الجميع الذين ارتدوا السواد حزناً علي الفقيد.
خرج جثمان الفقيد من مسجد الشرطة بالدراسة ملفوفاً بعلم مصر علي عربة إطفاء تتقدمه الموسيقي العسكرية ليتم إدخاله سيارة نقل الموتي وسط دموع زملائه وصرخات والدته وشقيقاته وأفراد أسرته الذين أصابتهم الصدمة من هذا الحادث الأليم لينتقل الموكب إلي طريق السويس بمشاركة جميع القيادات وعلي رأسهم مدير أمن القاهرة لدفنه بمقابر الأسرة في طريق السويس.
من أمام مدفن الشهيد تحدث اللواء أسامة الصغير مدير أمن القاهرة ل"الجمهورية" في نبرة حزينة قائلاً: لقد فقدنا ضابطاً من أكفأ ضباط القاهرة المشهود عنهم بالبسالة والتفاني في عملهم فقد شارك زملاءه منذ اندلاع الثورة في ضبط أعداد كبيرة من الخارجين عن القانون والهاربين من السجون من خلال الأكمنة التي كان يتواجد فيها بصفة يومية ليلاً ليعطي نموذجاً رائعاً لرجال الشرطة الذين يقدمون حياتهم فداء هذا الوطن واستقراره وإقرار الأمن فيه.
وأكد الصغير ل"الجمهورية" أنه لن يهدأ له بال ولن يغمض له جفن هو وجميع رجال الأمن بالقاهرة من ضباط وأفراد قبل ملاحقة المتهمين الأربعة الهاربين والذين اغتالوا بطلاً قدم حياته فداء وطنه وتقديمه للعدالةوالقصاص منهم مشيراً إلي أن أجهزة المديرية ستشن حملات يومية علي البؤر الإجرامية لملاحقة الخارجين فهذا الحادث الأليم لن يؤثر في عزيمة وإصرار رجال الشرطة علي أداء رسالتهم وإنما سزيدهم قوة وسيقدمون أرواحهم الغالية لنهضة أمتهم.
العقيد شريف سالم مأمور قسم ثان السلام والذي كان يعمل به الفقيد تحدث والدموع تسبق كلماته قائلاً: لقد كان محمود من أفضل ضباط المباحث بالقاهرة فلم يكن يتواني عن أداء عمله لحظة واحدة وقد كان قدر المسئولية التي أسندت إليه يتواجد في الأكمنة الليلية يومياً ليعود في الصباح وبرفقته عشرات المتهمين من تجار الأسلحة والمخدرات والهاربين من السجون ومن الأحكام القضائية.
الشهيد تخرج في كلية الشرطة عام 2006 والتحق بالعمل في قطاع الأمن العام كضابط نظام ثم انتقل عقب ذلك للعمل بإدارة المباحث وحقق بها نجاحات عديدة وهو الابن الأكبر لوالديه ولديه شقيقتان وأخ أصغر منه وقد كان بالنسبة لهم بمثابة المثل والقدوة نظراً للأخلاق التي تحلي بها لم يعرف يوماً الكسل أو التراخي في أداء عمله فقد كان اسمه يتصدر مجهود مديرية أمن القاهرة يومياً وكان شريكاً رئيسياً في الحملات التي تشنها أجهزة الأمن علي البؤر والأوكار الإجرامية.. عاش بطلاً ومات شهيداً رحم الله الفقيد وألهم أسرته وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.