مخطط صهيونى لتصفية قضية المهجرين الفلسطينيين بنزع صفة "اللاجئين" عنهم
كتب: السيد أبو داوود
تمثل قضية اللاجئين الفلسطينيين أهمية بالغة للصمود الفلسطينى ولعدالة القضية الفلسطينية؛ لأن هذا اللاجئ مواطن فلسطينى طُرد من أرضه وشُرّد؛ فهو لم يفعل ذلك من تلقاء نفسه أو باختياره وإرادته الحرة، بل ترك وطنه تحت تهديد الاحتلال وبقوة السلاح، والنضال الفلسطينى المستمر، جيلا بعد جيل، ينطلق من مُسلّمة وطنية وأخلاقية وإنسانية وتاريخية وبدهية؛ فحواها أن اللاجئ الفلسطينى صاحب قضية وصاحب حق، وأن من حقه الرجوع إلى وطنه وأرضه ومنزله فى أى وقت. وإن كان ذلك غير متوفر الآن؛ فإن النضال الفلسطينى مستمر من أجل تحرير فلسطين وتأسيس دولة مستقلة، ومن أجل تأكيد حق اللاجئين فى العودة، كما يستند الفلسطينيون فى هذه القضية إلى بنود القانون الدولى التى تؤيد حقهم بكل قوة.
وعلى الجانب الآخر، يسعى العدو الصهيونى منذ نشأته إلى إسقاط حق عودة اللاجئين الفلسطينيين، ضاربا عرض الحائط بجميع القرارات الدولية التى صدرت فى هذا الشأن، وسط تقاعس المجتمع الدولى الذى لم يتخذ إجراء لإجباره على السماح للاجئين بالعودة.
الهجرة إلى الكيان
الغريب والمتناقض أنه فى الوقت الذى يقف فيه الصهاينة بكل قوة ضد عودة اللاجئين الفلسطينيين، فإنهم يفتحون باب الهجرة إلى الكيان من سائر دول العالم، بل يتعمدون خلط الأوراق باختلاق أكذوبة اللاجئين اليهود من الدول العربية، بهدف مقايضة حق اللاجئين الفلسطينيين بحق اللاجئين اليهود.
وأسباب خوف الصهاينة من حق العودة، هو ما يمثله هذا الحق من تهديد فى النمو السكانى، بما يخل بالتركيبة السكانية للدولة اليهودية. وتتزايد تلك المخاوف مع تزايد أعداد اللاجئين الفلسطينيين؛ إذ تشير آخر بيانات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا» حتى 2012م، إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين يبلغ نحو خمسة ملايين و115 ألفا و755 لاجئا فلسطينيا، يعتبرون أكبر وأقدم مجموعة لاجئين فى العالم، يتوزع غالبيتهم على ما يعرف بدول الطوق، وتحديدا لبنان وسوريا والأردن، والباقى فى الضفة الغربية وقطاع غزة وعدد من الدول العربية.
أعداد اللاجئين
بلغ عدد اللاجئين المسجلين فى الأردن، مليونين و90 ألفا و762 لاجئا، منهم 140 ألف لاجئ أصلهم من غزة، وفى لبنان 470 ألفا و604، وفى سوريا 518 ألفا و949 لاجئا فلسطينيا، وفى الضفة الغربية 886 ألفا و716 لاجئا، وفى غزة مليونا و241 ألفا و794 لاجئا.
ووفقا لـ«أونروا» فإن ما يزيد عن 1.5 مليون لاجئ، يعيشون فى 58 مخيما رسميا للاجئين، فى كل من الأردن؛ حيث يوجد (10 مخيمات)، ولبنان (12 مخيما)، وسوريا (9 مخيمات)، والضفة الغربية (19 مخيما)، وغزة (8 مخيمات).
وقد بدأت الحكومة الصهيونية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، عملها بمساع من أجل انتزاع صفة «اللاجئ» عن أبناء وأحفاد اللاجئين الذين عرفتهم «أونروا» بأنهم الفلسطينيون الذين هُجّروا من وطنهم نتيجة حرب عام 1948م؛ فقد كشفت صحيفة «جيروزاليم بوست» الصهيونية عن مساعى الحكومة الصهيونية الجديدة فى الأمم المتحدة، إلى إسقاط حق العودة، من خلال ما أعلنه رون بريسور ممثل الكيان فى الأمم المتحدة من أن منح صفة لاجئ لأبناء اللاجئين الفلسطينيين الذين غادروا فلسطين بعد إقامة الكيان هو أمر مضلل، مشيرا إلى أن عودة هؤلاء اللاجئين إلى بيوتهم يمكن أن تقود إلى تدمير الكيان.
جاءت تلك التصريحات خلال مؤتمر عُقد فى نادى هارفارد فى مانهاتن بالولايات المتحدة، يوم الخميس 7 من مارس، تحت عنوان «تغيير سياسة الولايات المتحدة نحو (أونروا) وقضية اللاجئين الفلسطينيين» نظّمه منتدى الشرق الأوسط فى فيلادلفيا.
وقد نجحت الجهود الفلسطينية، فى يونيو الماضى، فى إفشال مساع صهيونية إلى إصدار قرار من الكونجرس الأمريكى يمهد لشطب قضية اللاجئين الفلسطينيين؛ لأن هذه الجهود انطلقت من قضية عادلة، هى أن لا أحد يمكنه انتقاص صفة اللاجئ الفلسطينى وشطب حقوقه. وستبقى هذه القضية واحدة من قضايا الوضع النهائى التى لا يمكن التوصل إلى سلام حقيقى فى المنطقة بدون حلها جميعها.
حملة دولية للتضامن مع أبناء اللاجئين
وقد أُطلقت حملة فلسطينية دولية لتكذيب وتفنيد الرواية الصهيونية التى تحاول الترويج بأن أبناء وأحفاد اللاجئين الفلسطينيين ليسوا لاجئين؛ وذلك فى الوقت الذى أصدرت فيه دائرة شئون اللاجئين فى حركة «حماس»، بيانا قالت فيه إنها لن تسمح بأى تلاعب يمس اسم وتعريف اللاجئ الفلسطينى فى المواثيق الدولية.
وذكر البيان أن الكيان الصهيونى يسعى، عبر الأمم المتحدة، إلى تغيير الصبغة القانونية الخاصة بتعريف اللاجئين الفلسطينيين، بحيث تنفى صفة «اللاجئ» عن الفلسطينيين الذين أُجبروا على مغادرة فلسطين فى عام 1948م.
محاولة صهيونية لنزع الصفة عن اللاجئين
الخطورة فى الحملة الصهيونية ضد اللاجئين الفلسطينيين، أن الكيان يضغط فعليا على الولايات المتحدة وعلى الأمم المتحدة من أجل نزع هذه الصفة عن السواد الأعظم من أبناء الشعب الفلسطينى، الذى يشكل ملايين اللاجئين غالبية أعداده الآن فعليا، ولا يزالون يطالبون بالعودة إلى المدن والقرى التى هُجّروا منها.
الصهاينة يضغطون على الولايات المتحدة كى تتبنى وجهة نظرهم الجديدة، فلا تقدم الدعم لأبناء اللاجئين، قاصرة مفهوم اللاجئ على من هُجّروا من أراضيهم عام 1948م، فيقتصر الحديث على حقوق بضعة آلاف فقط باقين على قيد الحياة، وقد يموت معظمهم خلال العقدين القادمين؛ ما يعنى فعليا أن الصهاينة راغبون فى وأد هذه القضية وبأية وسيلة.
وأكد القانون الدولى، بما لا يدع مجالا للشك أو التأويل، أن صفة «اللاجئ» لا تنطبق على من تعرض للتهجير والاضطهاد وحده، بل وعلى ذريته «من أبنائه وأحفاده وأحفاد أحفاده... إلخ»، دون تحديد مدة زمنية معينة تسقط بعدها عنهم جميعا صفة اللجوء.
جريدة الشعب