عيوب تكتشف بعد التصنيع وشركات تتوقف عن الإنتاج
5 مؤشرات لإخفاقات عالم الهواتف الذكيةطفرة كبيرة حققتها مبيعات الهواتف الذكية ، رغم الإعلان عن عيوب مصنعية تخللتها.
رصد: طارق راشد:
إذا كنا بالفعل نشتري عددًا مهولاً من الهواتف الذكية في وقتنا هذا، فما سر الخسائر التي لا تفتأ سوق المحمول تتكبدها؟ بعد منتصف عام 2010 مباشرة، وهو العام الذي تميز بصعود نجم شركة موتورولا مرة أخرى وتألق تصاميم شركة HTC 2498.TW ، صرنا نشهد الآن تملصًا واضحًا من المكونات الصلبة لشركة مايكروسوفت وشركة جوجل أيضًا. وحتى شركة آبل التي لا تزال تتربع على عرش الهواتف الذكية ما فتئت تضمد جراحها إثر الدعاية السلبية التي شهدتها بسبب التصميم المعيب لهوائي الهاتف iPhone4. وعلى الرغم من سير الأمور نحو الأفضل لفترة طويلة في مجال تطوير الهواتف الذكية، حيث من المتوقع أن تستمر المبيعات في تصاعدها بسرعة الصاروخ، فإن السوق تعاني الخسائر.
5 مؤشرات على الخسائر الفادحة
- بعد أن أمضت خمسة أشهر فقط في سوق الهواتف الذكية وبعد أن دعمت جهودها بحملة تسويق واسعة، سحبت شركة مايكروسوفت هاتفيها Kin 1 وKin 2 اللذين حظيا باستعراض مكثف من السوق.
- في الأسبوع المنصرم، صرحت شركة جوجل بأنها ستتوقف عن بيع هاتفها الذكي Nexus One الذي يعتبر بلا مراء أكبر مغامرة للشركة رائدة صناعة محركات البحث في سوق تطوير المكونات الصلبة.
- لقد كنا على وشك أن نودع خط منتجات Palm حتى عادت شركة HP بخط إنتاج كان بمثابة حبل النجاة لإنقاذ هذا النظام.
- ما برحت مبيعات شركة بلاكبيري في تدهور مستمر؛ حيث أخفقت هواتفها التي لم تكن في غنى عنها في فترة من الفترات في مواكبة التقدم الذي أحرزته تكنولوجيا آبل ونظام أندرويد.
- خرجت شركة نوكيا رائدة صناعة الهواتف المحمولة على مستوى العالم من سباق الهواتف الذكية بعد أن تأخر منتجها الجديد المعروف باسم N8 والذي طال انتظاره.
- لا شك أن شركة آبل بحاجة إلى تضميد جراحها التي أصابت هاتفها iPhone 4.
ومن المثير للانتباه أن هناك قاسما مشتركا بين تلك الإخفاقات والعثرات؛ ألا وهو أن جميع المنتجات – فيما خلا الهاتف نوكيا N8 المفتقد – تتميز بالإبداع والابتكار.
فيريزون مشكلة مايكروسوفت
كان الهدف من إنتاج الجهازين Kin1 وKin2 من شركة مايكروسوفت أن يلعبا دور هواتف التواصل الاجتماعي للمراهقين وأبناء العقد الثاني من أعمارهم. ولم تكن شركة مايكروسوفت مخطئة في توجهها الذي استوحته من نجاحها المثيل في إنتاج الهاتف T-mobile Sidekick ولم يجانبها الخطأ في التنفيذ أيضًا. والواقع أن هذا الهاتف تلقى ملاحظات مبشرة من أبرز المعلقين على صناعة الهواتف المحمولة مثل ديفيد بوج من صحيفة ''نيويورك تايمز'' الذي كتب مقالاً بعنوان ''مايكروسوفت لديها ثلاثة أفكار مبتكرة بحق''.
كيف ساءت الأمور إذن؟ حسنًا، دعونا نعترف بأن تغيير شركة مايكروسوفت لمفهومها إلى شركة شبابية مثيرة ليس بالأمر السهل. والأهم من ذلك أن اختيار شركة مايكروسوفت وقع على الشريك اللاسلكي غير المناسب، ألا وهو شركة فيريزون. فقد أخفقت تلك الشركة الرائدة في خدمات المحمول على مستوى الولايات المتحدة إلى حد بعيد في الترويج للهاتفين Kin لمصلحة مايكروسوفت، لدرجة أنها دفعت العملاء دفعًا نحو الهواتف الذكية مثل هاتف موتورولا درويد الأصلي التي تسوق له شركة فيريزون بكثافة شديدة. وبعد أن سحبت مايكروسوفت هاتفها طراز Kin، قال موظفو مايكروسوفت الذين كانوا يبتاعون الهواتف الذكية التي تروج لها شركة فيريزون أن فريق مبيعات الأخيرة نادرًا ما ذكروا الهاتف Kin بخير وقلما أثنوا عليه كمنتج يستحق التقدير.لو كانت شركة مايكروسوفت قد واصلت مسيرتها مع شركة T-Mobile بسمعتها كمزود لخدمات المحمول للشباب نظرًا للنجاح الذي تحقق مع الهاتف Sidekick لكانت القصة مختلفة تمام الاختلاف. على أسوأ الفروض، كان الهاتف سيصمد لفترة أطول.
«جوجل» ما زالت تحصد ثمار الهاتف Nexus One
لم تكن سقطة الهاتف Nexus One مفاجئة؛ فحقيقة أن شركة جوجل دشنت أول هاتف محمول خاص بها في حد ذاتها لم تكن متوقعة على الإطلاق. ومع ذلك، فقد علق الكثير من هواة وخبراء التكنولوجيا والإعلاميين المحنكين آمالاً عريضة على هذا الهاتف المستند إلى نظام Android من حيث قدرته على منافسة هواتف أخرى تعتمد على نفس النظام مـــن شـــــــركات موتورولا وHTC وغيرها من الشركات.
صار الآن من الواضح أن شركة جوجل دشنت الهاتف Nexus One كمنتج خاسر من نوع ما، مستخدمةً إياه كوسيلة لاستعراض نظام التشغيل Android في الوقت الذي كانت فيه شركات أخرى مصنعة للهواتف تتجه إلى الارتقاء بإمكانات نظام تشغيل الهواتف المحمولة. لكن شركة جوجل لم تتجاوز تلك الحدود بهاتفها Nexus One، بل علقت آمالها على أنها بوضع علامتها التجارية على الهاتف ستسوق لنظام التشغيل Android. لقد كانت تلك الخطة الحقيقية من وراء هذه المغامرة، ولقد حققت النجاح المرجو منها.
ولذلك، عندما طلعت علينا شركتا HTC وموتورولا بهواتف رائعة بنظام Android مثل الهاتف Evo وIncredible وDroid X، أماطت شركة جوجل اللثام عن هاتفها Nexus One بهدوء.
القصة الحقيقية للصراع بين «جوجل» و«آبل»
لا شك أن السبب الحقيقي في المشاكل المحيطة بالكثير من شركات تصنيع الهواتف المحمولة وأنظمة التشغيل هو المعركة الدائرة بين شركتي آبل وجوجل. لقد خلبت شركة آبل ألبابنا بالإمكانات التي تستطيع الهواتف الذكية الوصول إليها وهو ما لم تكشف عنه شركات صناعة الهواتف المحمولة التقليدية أيضًا قبل تدشين الهاتف iPhone منذ ثلاث سنوات.
حقق الهاتف بلاكبيري مبيعات رائعة لا مراء، كما أن الهواتف الذكية التي تعمل بنظام التشغيل ويندوز حققت مبيعات لا بأس بها، لكن الهاتف iPhone منتج متفرد، حيث تجاوز كونه كمبيوترا محمولا وجهازا لإرسال البريد الإلكتروني، وفتح المجال أمام الأنشطة العملية والاجتماعية ومزج بينهما. لقد دفع النجاح الذي حققته شركة آبل شركة جوجل إلى اختراق سوق المحمول، بيد أن الهاتف Nexus One أثبت أن شركة جوجل رائدة في صناعة البرمجيات لا المكونات الصلبة. ولذا، ستواصل شركة جوجل عقد صفقات مع شركات تصنيع الهواتف المحمولة التي لديها القدرة على الإبداع والابتكار في هذا الإطار، ولنا في شركتي HTC وموتورولا عبرة.
مستقبل «بلاكبيري» و«نوكيا» و«بالم»
شاع على نطاق واسع أن شركة Research in Motion مبتكرة هواتف بلاكبيري ستدشن هاتفها الجديد بشاشة لمسية في خريف هذا العام. والأهم من ذلك أيضًا أن الشركة سابقة الذكر من المفترض أن تميط اللثام عن نظام تشغيل جديد يناسب منتجاتها ذات الشاشات اللمسية وشراكاتها مع مطوري التطبيقات بشكل أفضل. وفي ظل تدهور المبيعات، نجد أن شركة RIM مهددة بخسارة عملائها في مجال الأعمال الذين تعتمد عليهم اعتمادًا كليًا وجزئيًا، حيث أثبت الهاتف iPhone والهواتف التي تعمل بنظام Andriod جاذبيتها لكثيري الأسفار.
إن المشاكل التي تعانيها شركة نوكيا أكثر تعقيدًا. ففي بداية النجاح الذي حققته شركة آبل، دشنت شركة نوكيا إصدارها الخاص من ''متجر التطبيقات'' المعروف باسم ''Ovi'' وشجعت المطورين على ابتكار تطبيقات. لكن هذا التوجه لم يحقق ثمرته المرجوة خاصة في الولايات المتحدة. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى حقيقة أنه لا توجد هواتف ذكية من شركة نوكيا تستقطب العملاء. ونتيجة لذلك، تواجه شركة نوكيا مشكلتين أساسيتين:
الأولى أنها بحاجة إلى منتج مثير. لقد كانت شركة نوكيا متربعة على عرش الابتكارات بهاتفها N95 الذي كان هاتفًا رائعًا للوسائط وأبرز الهواتف التي تم تدشينها لتصوير لقطات فيديو رائعة الجودة والتقاط صور عالية الدقة. لقد أحببت هذا الهاتف كثيرًا. لكن هذا الهاتف تم تدشينه تقريبًا بالتزامن مع الهاتف iPhone الأصلي في عام 2007، وكان آخر هواتف نوكيا العظيمة. هناك وريث واعد لهذا الهاتف، ألا وهو N8، يتمتع بخصائص رائعة؛ فهناك الكاميرا ذات دقة الإظهار 12 ميجابكسل وتسجيل الفيديو عالي الجودة، بيد أن تدشينه تأخر من الربيع الماضي، وربما ظهر في الأسواق في شهر تشرين الأول (أكتوبر).
وعلى ذلك، فإن المشكلة الثانية التي تواجه شركة نوكيا هي الريادة. إن شركة نوكيا بصدد البحث عن رئيس تنفيذي جديد لها، حسبما أفادت صحيفة وول ستريت جورنال أخيرا؛ نظرًا لاستمرار تراجع مبيعاتها وسعر سهمها. إضافة إلى ذلك، فالشركة تسعى إلى التخلص من نظام التشغيل Symbian وتطوير نظام تشغيل جديد بشراكة مع شركة إنتل يعرف باسم MeeGo لتشغيل هواتفها الذكية.
وهناك قصة شركة بالم التي من المقرر أن تشهد تطورًا في الفترة المقبلة. لقد حظي المنتجان Palm Pre وPalm Pre Plus باحترام الجماهير، ومع ذلك فالمبيعات في الحضيض. وبدلاً من أن تشهر الشركة إفلاسها، وهو احتمال قائم بالفعل، اشترتها شركة HP لقاء مليار دولار أمريكي تقريبًا. وذلك ثمن باهظ لكنه يمنح شركة HP منتجًا مثيرًا على المدى البعيد في سوق الهواتف الذكية بعد أن فشلت في اختراقه لفترة طويلة (فمن الذي يمتلك هاتف iPaq؟) وشركة بالم محاولة واقعية لمواصلة المنافسة.
إن الآمال معقودة على أن تثمر عملية الشراء تلك عن نتائج أفضل لشركة HP مقارنة بغزوات شركتي مايكروسوفت وجوجل الأخيرة في سوق الهواتف الذكية، وإلا فمن المتوقع أن تتكبد تلك السوق خسائر أكبر التي كلما زادت قوضت من المنافسة.