المستقرظات:
تسمى الأيام السبعة بين شباط وآذار – الأربعة الأخيرة من شباط والثلاثة الأولى من آذار – باسم (الأيام المستقرظات)؛ لأن الشهر الأول اقترض أياماً من الثاني لتحقيق تواصل أيام مطيرة، وتعرف هذه الأيام بغزارة أمطارها، وإذا ولد في هذه الأيام مولود جديد، فإن مثل هذا المولود يظل معتل الصحة، وكذلك فإن الممارسة الجنسية في هذه الأيام غير مستحبة – على حد المعتقد الشعبي.
ويعود تسمية تلك الأيام بالمستقرظات إلى أنه في أواخر شهر شباط من إحدى السنين، وبعد أن مضى معظم الشهر دون مطر قالت امرأة عجوز: (راح شباط ودسينا في (…) المخباط) وكانت المرأة تريد أن تتشفى من شهر شباط الذي مر في ذلك العام دون أن يؤثر على العجوز وغنمها، وهكذا غضب شباط لما سمع، وذهب إلى آذار وقال له: " أذار يا ابن عمي، ثلاثة منك وأربعة مني، وخلي حِس(صوت) العجوز في الواد يغنّي، وهكذا نزل المطر لسبعة أيام متتالية مدراراً وجرف السيل العجوز وغنماتها".
ويحصل أن يمر شهر شباط دون مطر فيقول الناس: "مر شباط الخباط لا بل نعجة ولا شعواط"، وفي رواية أخرى ولا "رباط". ولا يفضل أن يجلس الإنسان تحت أشعة شمس شباط، وحول ذلك يقولون: "شمس شباط بتخلي الراس مثل المخباط، ويرتبط شباط بالذهن الشعبي بالمواسم الذي تتزاوج فيه القطط، ولذلك يسخر الناس من الذي يتزوج في هذا الشهر على اعتبار أنه يشارك القطط موسمها التزاوجى، ومثلما يوصف كانون بأنه فحل العام، يقال: بأن آذار فلاح السنة، ويقال: "آذار بحيى الأشجار"، ويحمل هذا الشهر في طياته الإحساس بانطلاقة الحياة بعد جودها في الشتاء.
ويقال أيضاً: "آذار أبو الزلازل والأمطار، بتنبط العنقا والبنقا وام عيون ازغار، وفي آذار ببرطع الجمل وبحمظ البن، وفي آذار بلتقي الليل والنهار، وفي آذار بيبيظ الشنار وأصغر الطيار"
الربيع: هو ابن الشتاء، ويخلط الناس بين الربيع كفصل من فصول السنة وبين العشب، فيقولون: "طلع الربيع"، ويقصدون: نما العشب، وهم يظنون أن العشب يظل أسير زوجة أبيه المربعنية، وبعد خلاصه من الأسر يخرج ليغطي وجه الأرض بالخضرة والجمال مع إحساس عام بالدفيء والمتعة.
سعد السعود: وفي هذه الفترة "بتدب المية في العود" أي تدخل الحياة للنباتات، وفي كناية عن بدء موسم الدفء.
سعد بلع: في هذه الفترة تبلع الأرض كل ما ينزل عليها من مطر.
سعد الخبايا: في سعد الخبايا "بطلعن الحيايا"، وفي سعد الخبايا "بتتفتل الصبايا".
شهر الخمسان: أو الخميس نيسان، ففي كل يوم خميس من أيام هذا الشهر يجرى احتفال مشهود، ومن السهل أن نتفهم سبب اختيار الناس لهذا الشهر ليكون موسم الاحتفالات؛ فهو شهر جميل الطقس، يمور بالحياة والعطاء والخضرة وحس الانفتاح.
ويعتبر هذا الشهر الحد الفاصل بين الشتاء والصيف، ويقول الناس بهذا المعنى: "في نيسان ظب العدة والفدان" أي تنتهي الأعمال المتعلقة بالزراعة الشتوية. يصف الناس مطرة نيسان بالقول: "بتحيى السكة والفدان وكل السكان والقرقة والصيصان"، و"النقطة في نيسان بتسوى العدة والفدان وبتسوى كل سيل سال".
ولابد من التمييز بين الخمسان والجمع، فمن الناس من يقول: "خميس الأموات"، وهناك من يقول: "جمعة الأموات" ذلك لأن الناس يحتفلون بالخميس الذي هو في نفس الوقت ليلة الجمعة، ونجد لذلك أياماً احتفالية مثل:
خميس النبات، خميس البقرات، خميس الأموات، خميس البنات، خميس البيض، ونجد مسميات مثل: جمعة الحزانى، جمعة الغرباء، جمعة الرغايب، جمعة الحلاوة، جمعة الأموات، جمعة النبات، جمعة الحيوانات.
وكل ما سبق هو تسميات مختلفة لأربعة أيام مختلفة احتفالية في شهر نيسان، وهذه فكرة عن بعض هذه الاحتفالات.
جمعة الحزانى: وهي جمعة النور، الذين يذهبون جماعات إلى مسجد عمر في القدس، يعبرون عن حزنهم، مثال على ذلك: جمعة الغرباء وجمعة الأرامل واليتامى.
خميس الأموات: وفي هذا اليوم يجري الاحتفال بذكرى الموتى، فتذهب النساء والأطفال لزيارة القبور، وهن يحملن البيض المسلوق والمصبوغ، والأطعمة المصنوعة بالزيت، مثل: الفطائر وما شابه ذلك. ويأتي الأولاد والفقراء إلى القبور من أجل أن يحصلوا على ما يوزعه أقارب الموتى من طعام، ومن الناس من يوزع التين والزبيب والخبز، وهم يعتقدون أن الطعام الذي يصل إلى الفقراء يصل إلى أرواح الموتى، وبعض الناس يذهبون لزيارة القبور قبل طلوع الشمس، وذلك لاعتقادهم بأن أرواح الموتى تختفي بعد الشروق.
خميس البيض: يسلق الناس البيض بماء يضاف إليه نوار أصفر، ويلعب الأطفال الحاملين البيض الملون، ويلعب الرجال بالبيض لعبة "مكامشة البيظ"، بحيث يحمل كل رجل مجموعة من البيض ويضرب الواحد منهم بيضته ببيضة الآخر، فإذا انكسرت بيضة إحداهما، فإنه يعتبر مهزوماً وصارت البيضة المكسورة من حق الشخص الذي كسرها.
خميس البنات: تذهب البنات غير المتزوجات في هذا اليوم إلى البرية لجمع الأزهار ويقلن: "طقش وننش شو دوا الراس يا شجرة"، ثم يقمن بترك الزهور في الماء تحت نجوم السماء في الليل، لتمارس تلك النجوم تأثيرها عليها، ثم تغسل كل فتاة شعر رأسها بذلك الماء المنجم.
خميس البقرات أو جمعة الحيوانات أو جمعة المعزة: تصبغ الحيوانات في هذا اليوم الاحتفالي بوضع الصبغة بين قرون المعزة، وكذلك على لية الحيوان، ويعلن هذا اليوم يوم عطلة الحيوانات فلا ترسل للعمل، ولا يباع الحليب، بل تستعمل للأكل أو يوزع على الفقراء، ولا تحلب البقرات في ليلة ذلك اليوم الاحتفالي أو صباح ذلك اليوم، بل يتم الحلب عند الظهر، وتصبغ جرار الحليب والزبدة أيضاً تمشياً مع روح البهجة الاحتفالية. وفي هذه الجمعة تتم حماية الحيوانات من الأفاعي، ويتم ذلك بتحضير مزيج بمكان ما من جسدها تغلى فيه الأفاعي، ويتم مس الحيوانات بمكان ما من جسدها ويسمى ذلك "حولا الحيوانات"، وفي هذا اليوم يقوم أصحاب الغنم بغسل أغنامهم وجز الصوف؛ لأن فصل الصيف يكون قد اقترب، ويصبح الصوف عبئاً على الحيوان، كما أن جزه هو عملية جني محصول الصوف.