بداية الانتشار:
تعود حكاية الطربوش في مدينة القدس إلى عهد السلطان محمود الثاني، حيث صدر فرمان عام 1829م أوجب على جميع الموظفين في الدولة والجيش والشرطه لبسه والتخلي عن القلنسوة والعمامة، واستُثني رجال الدين من مسلمين ومسيحيين من هذا الفرمان.
أما أصول الطربوش فترجع إلى شمال أفريقيا (أي الجزائر ومراكش وليبيا)، وكلمة طربوش ذات جذور تركية أصلها سر بوش، وسر: تعني الر أس وبوش: الغطاء، ومع الزمن تحرفت عند العرب وأصبحت طربوش.
وعُرف الطربوش منذ زمن قديم عند أهالي فلسطين وخاصة الفلاحين بالطبزية ، وكان الفلاح يرتدي الطربوش المغربي عندما يصل إلى الثلاثين ويلف عليه الزي التقليدي لقريته.
وغطاء الرأس هذا مخروطي الشكل، يُصنع من الجوخ الأحمر السميك، وعلى سطحه مجموعة من الخيطان تُسمى شراشيب، ويُلف أحياناً حوله قطعة من القماش تتفاوت في طولها وكيفية لفها لاعتباراتٍ اجتماعيةٍ متعددة، واعتاد الناس في زمن الدولة العثمانية على عدم خلعه في المجالس الرسمية ودور الحكومات وداخل البيوت، وتباهى المقدسيون بلبس الطربوش، لا بل إنه اُعتبر أنه يُدخل الشرف والروعة على صاحبه، ولم يكن من المستحب أن يمشي المرء حاسر الرأس في تلك الفترة لأن ذلك يُعتبرعيباً.
ويقول الجوهرية في مذكراته :
"إني أذكر حتى اليهود في بلادنا كانوا يتباهون بلباسه (أي الطربوش) أمثال بعض عا ئلات القدس "أليشار وحزقيل وماني وأبو العافية وأنجيل وبنجيل وفاليرو ومرعش وكوكيا وعنتبيي وحزان وسمحا ويلين، أما أبناء الروم الأرثوذكس العرب بالقدس فإني أذكر بعض الشخصيات التي كانت تلبس الطربوش، هي : جورج ابو زخريا وإخوانه، وإل وسليمان الدوا وإلياس وافتيم المشبك ،وسابا الفران وثيودور برامكي وشكري ديب وخليل السكاكيني، أما المسلمين فمنهم عبد السلام طوقان الحسيني وعارف باشا الدجاني وموسى كاظم باشا الحسيني وراغب بك النشاشيبي".
وانتشر الطربوش زمن الدولة العثمانية انتشاراً واسعاً حتى يكاد لا يُرى أي شخص حاسر الرأس، وكان تلامذة المدرسة كذلك يلبسونه، ورغم أن ارتداءه لم يكن صحياً إلاّ أن أطباء المدينة حتى الأجانب منهم كانوا يلبسونه، ومنهم الحكيم فوتى وجورج وبرنابا ونقولا.