بسم الله الرحمن الرحيم
الفرق بين النبي والرسول
*الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.......وبعد:
* النبي:
لغة: من النَّبِيءُ: المُخْبِرُ عن الله تعالى، وتَرْكُ الهمزِ المختارُ، ومنه: المُتَنَبِّئُ،وهو من ادَّعَى النُّبُوَّةَ، والنَّبِيء: الطريقُ الواضِحُ، والمكانُ المُرْتَفِعُ المُحْدَوْدبُ،
والنبي بغير همز، فقد قال النحويون: أصله الهمز فترك همزه، واستدلوا بقولهم: مسيلمة نبييء سوء. وقال بعض العلماء: هو من النبوة، أي: الرفعة , وسمي النبي نبيا لرفعة محله عن سائر الناس المدلول عليه بقوله: {ورفعناه مكانا عليا} (مريم/57). فالنبي بغير الهمز أبلغ من النبيء بالهمز؛ لأنه ليس كل منبإ رفيع القدر والمحل، والنبوة والنباوة: الارتفاع، ومنه قيل: نبا بفلان مكانه، والنبي بترك الهمز أيضا الطريق، فسمي الرسول نبيا لاهتداء الخلق به كالطريق...( لسان العرب , مفردات الفاظ القرآن , القرطبى)
* الرسول:
لغة: أصل الرسل: الانبعاث على التؤدة ويقال: ناقة رسلة: سهلة السير، وإبل مراسيل: منبعثة انبعاثا سهلا، ومنه: الرسول المنبعث، وتصور منه تارة الرفق، فقيل: على رسلك، إذا أمرته بالرفق، وتارة الانبعاث فاشتق منه الرسول ، و"رسول" أي مرسلا، وهو فعول من الرسالة. ..... والرسول يقال للواحد والجمع، قال تعالى: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} (التوبة/128)، وللجمع: {فقولا إنا رسول رب العالمين} (الشعراء/16)،.......وجمع الرسول رسل. ورسل الله تارة يراد بها الملائكة، وتارة يراد بها الأنبياء، فمن الملائكة قوله تعالى: {إنه لقول رسول كريم} (التكوير/19)، وقوله: {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} (هود/81)، وقوله: {ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم} (هود/77)، وقال: {ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى} (العنكبوت/31)، وقال: {والمرسلات عرفا} (المرسلات/1)، {بلى ورسلنا لديهم يكتبون} (الزخرف/80)، ومن الأنبياء قوله: {وما محمد إلا رسول} (آل عمران/144)، {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك} (المائدة/67)، وقوله: {وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين} (الأنعام/48)، فمحمول على رسله من الملائكة والإنس...( لسان العرب , مفردات الفاظ القرآن , القرطبى)
* معنى النبي والرسول شرعا:
* قال ابن تيمية فى النبوات ج1 ص184...وما بعدها:
فالنبي: هو الذي ينبئه الله وهو ينبئ بما أنبأ الله به فإن أرسل مع ذلك الى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله اليه فهو رسول وأما اذا كان انما يعمل بالشريعة قبله ولم يرسل هو الى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول قال تعالى:" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى .........(52) الحج وقوله "من رسول ولا نبي" فذكر ارسالا يعم النوعين وقد خص أحدهما بأنه رسول فان هذا هو الرسول المطلق الذي أمره بتبليغ رسالته الى من خالف الله كنوح وقد ثبت في الصحيح أنه أول رسول بُعث الى أهل الأرض وقد كان قبله أنبياء كشيت وإدريس وقبلهما آدم كان نبيا مكلما قال ابن عباس كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الاسلام فأولئك الانبياء يأتيهم وحي من الله بما يفعلونه ويأمرون به المؤمنين الذين عندهم لكونهم مؤمنين بهم كما يكون أهل الشريعة الواحدة يقبلون ما يبلغه العلماء عن الرسول وكذلك أنبياء بني اسرائيل يأمرون بشريعة التوراة وقد يوحَى الى أحدهم وحي خاص في قصة معينة ولكن كانوا في شرع التوراة كالعالم الذي يفهمه الله في قضية معنى يطابق القرآن كما فهم الله سليمان حكم القضية التي حكم فيها هو وداود فالانبياء ينبئهم الله فيخبرهم بأمره وبنهيه وخبره وهم ينبئون المؤمنين بما أنبأهم الله به من الخبر والامر والنهي فإن أرسلوا الى كفار يدعونهم الى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له ولا بد أن يكذب الرسل قوم قال تعالى:" كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُون ٌ"(52) الذاريات...وقال تعالى:" مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ(43) فصلت...فان الرسل ترسل الى مخالفين فيكذبهم بعضهم وقال تعالى:" وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلَا تَعْقِلُونَ(109)حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ(110) يوسف وقال تعالى:" إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ(51) غافر...فقوله "وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي" دليل على أن النبي مرسل ولا يسمى رسولا عند الاطلاق لانه لم يرسل الى قوم بما لا يعرفونه بل كان يأمر المؤمنين بما يعرفونه أنه حق كالعلم ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:" العلماء ورثة الانبياء" .
وليس من شرط الرسول أن يأتي بشريعة جديدة فان يوسف كان رسولا وكان على ملة ابراهيم وداود وسليمان كانا رسولين وكانا على شريعة التوراة قال تعالى عن مؤمن آل فرعون:" وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ(34) غافر... وقال تعالى:" إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا(163)وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا(164) النساء...والإرسال اسم عام يتناول إرسال الملائكة وإرسال الرياح وإرسال الشياطين وإرسال النار قال تعالى:" يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ وَنُحَاسٌ فَلَا تَنتَصِرَانِ(35) الرحمن.. وقال تعالى:" الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ......(1) فاطر...فهنا جعل الملائكة كلهم رسلا والملك في اللغة هو حامل الألوكة وهي الرسالة وقد قال في موضع آخر:" اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ(75) الحج...فهؤلاء الذين يرسلهم بالوحي كما قال:" وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ(51) الشورى...وقال تعالى:" وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ....(57) الأعراف.... وقال تعالى:" أَلَمْ تَرَى أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا(83) مريم.....
لكن الرسول المضاف الى الله اذا قيل رسول الله فهم من يأتي برسالة الله من الملائكة والبشر كما قال تعالى:" اللَّهُ يَصْطَفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ(75) الحج....وقالت الملائكة:" يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ....(81) هود...وأما عموم الملائكة والرياح والجن فإن إرسالها لتفعل فعلا لا لتبلغ رسالة قال تعالى:" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا(9) الأحزاب فرسل الله الذين يبلغون عن الله أمره ونهيه هم رسل الله عند الاطلاق وأما من أرسله الله ليفعل فعلا بمشيئة الله وقدرته فهذا عام يتناول كل الخلق.أ.هـ
جمعه ورتبه وكتبه الفقير
د/ السيد العربى بن كمال
السؤال
كم عدد الأنبياء والرسل كلهم ؟ وهل هناك حديث شريف يدل على ذلك؟ جزاكم الله وعظم أجركم
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد أرسل تعالى في كل أمة نذيرا منهم ، وأرسل محمدا صلى الله عليه وسلم للناس كافة قال تعالى : (وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) [فاطر:24]
وقال تعالى : (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا ) [النحل:26 ]
وقال تعالى : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا) [سبأ: 28]
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعدة الأنبياء والمرسلين ، ففي مسند الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله ، كم المرسلون ؟ قال : ثلاثمائة وبضعة عشر ، جما غفيرا .
وفي رواية أبي أمامة قال أبو ذر : قلت يا رسول الله: كم وفاء عدة الأنبياء ؟ قال : مائة ألف ، وأربعة وعشرون ألفا ، والرسل من ذلك: ثلاثمائة وخمسة عشر ، جما غفيرا "
والحديث صححه الشيخ الألباني رحمه الله في مشكاة المصابيح .
وقد ورد ذكر خمسة وعشرين نبيا ورسولا في القرآن الكريم، ذكر منهم في سورة الأنعام ثمانية عشر ، والباقي في سور متفرقة ، وهم : آدم ، وهود وصالح، وشعيب، وإدريس، وذو الكفل، ومحمد، صلى الله عليهم أجمعين .
قال تعالى : (إن الله اصطفى آدم ونوحا) [ آل عمران : 33] وقال تعالى : (وإلى عاد أخاهم هودا ..) [هود : 50 ] وقال تعالى : (وإلى ثمود أخاهم صالحا ) [ هود : 61] .
وقال تعالى : ( وإلى مدين أخاهم شعيبا) [هود 84]
وقال: تعالى : ( وإسماعيل وإدريس وذا الكفل) [ الأنبياء: 85] .
وأما الثمانية عشر الذين ذكروا في سورة الأنعام فقال تعالى : ( وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين* وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين* وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين) [ الأنعام : 83/86]
ومن هؤلاء الخمسة والعشرين أربعة من العرب وهم: هود وصالح وشعيب ومحمد صلى الله عليهم أجمعين .
ففي صحيح ابن حبان عن أبي ذر مرفوعا : " منهم أربعة من العرب: هود وصالح وشعيب، ونبيك يا أبا ذر "
وقد نصت السنة المطهرة على أسماء أنبياء لم يذكروا في القرآن الكريم وهم شيث : قال ابن كثير : ( وكان نبيا بنص الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي ذر مرفوعا أنه أنزل عليه خمسون صحيفة )
ويوشع بن نون : ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "غزا نبي من الأنبياء ... فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور ، اللهم احبسها علي شيئا " والذي دل على أن هذا النبي هو يوشع بن نون فتى موسى، قوله صلى الله عليه وسلم : " إن الشمس لم تحبس إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس " رواه أحمد.
وقد اختلف في ثلاثة ممن ورد ذكرهم في القرآن الكريم هل هم أنبياء أم لا؟ وهم ذو القرنين، وتبع، والخضر، فذهب طائفة من أهل العلم إلى أن ذا القرنين نبي من الأنبياء ، وكذلك تبع ، والأولى أن يتوقف في إثبات النبوة لهما، لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " ما أدري أتبع أنبياً كان أم لا؟ وما أدري أذا القرنين أنبيا كان أم لا؟ " أخرجه الحاكم بسند صحيح .
وأما الخضر فالراجح أنه نبي لقوله تعالى : في آخر قصته : ( وما فعلته عن أمري ) [ الكهف : 82] أي أنه قد أوحى إليه فيه .
والله أعلم .