مصراوي
القاهرة -أ .ش .أ:
أكد الباحث الأثري الدكتور عبد الرحيم ريحان أن المصري القديم اهتم بمصيره بعد الموت وما يمكن أن يلاقيه من أهوال حتى يصل إما للنعيم أو للجحيم.
وحسب الباحث ، فإن المصري القديم صور العالم الآخر بداية بمتون الأهرام التي ظهرت مع أواخر الأسرة الخامسة على جدران حجرة الدفن للملك أوناس بسقارة لأول مرة ثم متون التوابيت التي تداولت بين الأفراد في الدولة الوسطى بعدما كانت من قبل قاصرة على الملوك.
ويضيف الدكتور ريحان مستندا لبحث الأثري بوزارة الآثار شريف شعبان ''الجحيم في مصر القديمة'' ، ''إن الفنان المصري القديم تبارى في تصوير تلك الفكرة على جدران مقابر ملوك الدولة الحديثة في وادى الملوك حيث ظهرت مناظر المعذبين مصورة ضمن تفاصيل كتابي البوابات والكهوف على جدران مقابر ملوك الدولة الحديثة مثل سيتي الأول ورمسيس السادس وتحتمس الثالث وتاوسرت وست نخت وحور محب.
ويوضح د. ريحان أن المناظر المصورة للجحيم تمثل مخلوقات مرعبة تستقبل المذنبين بعد نهاية حياتهم على الأرض لتفك أربطة مومياواتهم وتحرمهم من الملابس النظيفة وتعرى أجسادهم حيث كان العرى في مصر القديمة رمزا للوهن وهو ما يتمناه المرء لأعدائه وفى مكان الحكم عليهم تنقلب الأمور الطبيعية حيث يسير المذنبون رأسا على عقب وتربط أيديهم من خلف ظهورهم وربما حول خوازيق ويتم فصل رؤوسهم وأوصالهم عن أجسادهم وتخرج قلوبهم من صدورهم وتنفصل أرواحهم عنهم للأبد ولا تعود إليهم وحتى ظلالهم تختفى عنهم بل يصل الأمر إلى حد حرمانهم من النسل وتمحى أسماؤهم وكل ما يذكر وجودهم.
وكان المذنبون يوضعون في مراجل للنار توضع فيها أرواحهم وأجسادهم المقطعة حيث يحرقون ويتحولون إلى رماد.
ويشير الدكتور ريحان إلى أن وصف الكتب الدينية لتلك المرحلة من التعذيب لا يقف عند حد الإيحاء فحسب بل تصف مراجل النار وهى تعمل بالفعل حيث يلقى بالرؤوس والقلوب والجثث والأرواح والظلال في الماء المغلي بينما ترفع ذراعان غامضان المرجل بكل ما فيه من الأعماق المظلمة في ''مراكز السعير'' إلى المناطق المرئية في العالم الآخر .
ولم يكتف المصري القديم بسرد مصير المذنبين والمعذبين في النصوص الدينية فحسب بل تبارى في إبراز هذا المصير المظلم من الناحية الفنية وهو ما ظهر على جدران مقابر ملوك الدولة الحديثة بوادي الملوك حيث ظهرت مناظر المعذبين بألوان مبهرة زاهية وبتفاصيل دقيقة تظهر حرص المصري على تصوير هذا المصير المشئوم لهؤلاء المعذبون ونجح الفنان في استخدام اللون ودلالته للتعبير عن الجحيم باللونين الأحمر كدلالة على الدموية والأسود كدلالة على العدمية