سوق المال – بعد أسبوع من مفاوضات سياسية متوترة تمكنت الولايات المتحدة من تجنب السقوط في الهاوية المالية، لكن أين يترك ذلك الدولار الأمريكي؟
في الواقع، يرجح مستثمرون ومحللون قوة الدولار هذا العام ـ ليس لأنه يستفيد من طلب الملاذ في الاقتصاد العالمي المتعثر. ويقولون: إذا استمر الاقتصاد الأمريكي في إظهار علامات على الانتعاش، فقد يرتفع الدولار تماشياً مع الأسهم الأمريكية.
وبعد عام شهد بعض الاستثمارات الأكثر غرابة، تتحول إلى أن تكون الأكثر ربحية -مثل شراء السندات اليونانية- أصبحت الموضة هي الرهانات المناقضة مثل هذه.
وتشكل توقعات بإنهاء تخفيف السياسة النقدية في الولايات المتحدة أحد المحركات الرئيسية للدولار هذا العام. وبالفعل طرح محضر اجتماع ديسمبر لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الصادر هذا الأسبوع، هذا العامل في الملعب.
وصعد الدولار أمام العملات الأخرى الكبرى بعد أن تبين أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يدرس إنهاء الجولة الثالثة من شراء السندات لتحفيز الاقتصاد عند نقطة ما هذا العام.
ويعتقد محللون أن ذلك يمكن أن يمهد الطريق للدولار للارتفاع هذا العام، تماشياً مع تحسن المؤشرات على الاقتصاد الأمريكي - الذي يشكل نمطا غير معتاد للعملة في السنوات الأخيرة.
وكما يتوقع محللون في بنك سوسيتيه جنرال "عند نقطة ما في عام 2013، ستتفاعل أسواق سعر الفائدة الأمريكية مع توقعات اقتصادية متحسنة، وستنهار العلاقة السببية: (بيانات جيدة، دولار ضعيف) التي ظللنا نشاهدها في السنوات الأخيرة".
ومنذ أن انفجرت فقاعة التكنولوجيا في بداية هذا القرن، ظل الدولار في انخفاض طويل المدى. ومنذ صيف 2001، حتى قبل الأزمة المالية في عام 2008، خسر مؤشر الدولار، الذي يزن الدولار مقابل سلة من العملات الكبرى الأخرى، 40 % من قيمته. ويرجع ذلك جزئياً إلى تخفيف القيود النقدية من مجلس الاحتياطي الفدرالي.
إضافة إلى ذلك، حاولت البنوك المركزية، وهي حاملة سندات الخزانة الأمريكية بشكل هائل، أن تحدّ من اعتمادها على الدولار، الأمر الذي أضيف إلى التأثير المسبب للضعف.
لكن منذ انهيار بنك ليمان براذرز كان الدولار أحد الأصول الأكثر حساسية للخطر الذي يسمى ظاهرة الخطر المتكرر.
ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه يتم استخدام سندات الخزانة الأمريكية باعتبارها ملاذا عالميا، لكن أيضاً لأن الدولار موجود في كل مكان حتى إن المستثمرين يميلون إلى استخدامه لتمويل أنفسهم، والاقتراض بالدولار للاستثمار في الأصول ذات المخاطر العالية. لذلك عندما ترتفع معدلات الرغبة في المخاطرة، يميل الدولار إلى الانخفاض.
لكن جاذبية الدولار بوصفه عملة تمويل ربما كانت آخذة في التراجع الآن. ورأى محللون بالفعل، قبل صدور محضر مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا الأسبوع، أن الولايات المتحدة كانت أقرب إلى نهاية دورة التخفيف النقدي أكثر من غيرها من أسواق العملات السائلة الكبرى.
ويقول ألان راسكين، استراتيجي العملات في دويتشه بنك: "النقاش حول خلود التسهيلات الكمية تفكك في مناقشات بشأن ما إذا كانت التسهيلات الكمية ستنتهي في منتصف عام 2013 أو في نهاية عام 2013". ويضيف: "تؤكد الأحداث الأخيرة أن الدولار ليس الممول المفضل لعام 2013".
ولا يزال من المتوقع على نطاق واسع أن تقدم كل من أوروبا واليابان على تخفيف السياسة النقدية أكثر هذا العام. واستخدام اليورو فيما يسمى تجارة المناقلة (الاقتراض بعملة منخفضة العائد للاستثمار في عملة ذات عوائد مرتفعة) أصبح شائعا في عام 2012 بعد أن قام البنك المركزي الأوروبي بخفض أسعار الفائدة. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه.
ويقول فالنتين مارينوف، استراتيجي العملات في سيتي جروب: "ربما يصبح اليورو عملة التمويل الأكثر جاذبية في عام 2013 على خلفية انخفاض معدلات سياسة البنك المركزي الأوروبي، والضعف الاقتصادي المستمر، والضغوط التضخمية المكبوتة".
وفي الوقت نفسه، من المتوقع أيضاً أن يضعف الين مرة أخرى. فقد تعهدت الحكومة اليابانية المنتخبة في ديسمبر الماضي بمكافحة انكماش قوة الين، ما جعل محللي العملة يرجحون ضعف الين هذا العام.
ويقول سايمون ديريك، استراتيجي العملات لدى شركة بي إن واي ميلون "لا أرى لماذا ينبغي أن تستخدم الدولار الأمريكي عملة تمويل بينما يمكنك أن تستخدم الين................وهذا بداية لتغيير طريقة تداول الدولار".
الحجة القائلة إن الدولار قد يرتفع تماشياً مع الأسهم الأمريكية هذا العام تميل إلى افتراض أن الاقتصاد الأمريكي سيتحسن في عام 2013 وإن هذا سيغري المستثمرين الدوليين، الذين لا يستخدمون الدولار عملة تمويل، للشراء في أسهم ستاندر آند بورز500.
لكن يمكن أيضاً أن يرتبط الدولار مع الأسهم الأمريكية إذا انخفض كل منهما. وبحسب داراج ماهر، الاستراتيجي في "إتش إس بي سي"، إذا ظلت الولايات المتحدة تواجه خطر تخفيض التصنيف، فسيبدو الدولار ملاذاً أقل جاذبية".
وبالطبع، لا يزال مستوى التشكك حول نظرية الدولار القوي قائماً كما هو.
والرهان على الدولار المرتبط بالأسهم يشبه الرهان على أن الين سيضعف: نظريتان من النوع الكلاسيكي في أسواق العملات التي تحدت التوقعات في السنوات الأخيرة.
ويقول جين فولي، استراتيجي العملات في رابوبنك: "أصيبت آمال السوق بأن يؤدي الدولار بشكل أفضل في عام 2012 على خلفية النمو في الولايات المتحدة بخيبة أمل شديدة، وبدلاً من ذلك تم تقويض الدولار بواسطة إجراءات بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى".
لكن مع فقدان الين نحو 9.5 % من قيمته خلال الشهرين الماضيين فقط، يبدو أن واحدا من رهانات سوق الصرف المناقضة سيمر.
ويعتقد محللون أن عام 2013 يمكن أن يكون الوقت المناسب للآخر، كذلك.
www.souqelmal.com
www.souqelmal.com/vb