انهيار اقتصاد الكيان الصهيونى هو أزمة حكومة نتنياهو الدورة القادمةكتب: سماح كاملنشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أنباء الاحتجاجات فى تل أبيب والتى تطالب بالمساواة والعدالة الاجتماعية وخفض الأسعار وتحسين نظام التعليم والرعاية الصحية للمواطنين وكان الأمر غيرالتقليدى هو هوية الاحتجاجات وجغرافيتها، كونها جاءت من الطبقات الوسطى ذات الأصول الغربية- الأشكنازية، وصاحبة المركز الاقتصادي الأعلى فى إسرائيل؛ والتى طالبت بإيجاد نقطة توازن جديدة بين اقتصاد السوق والاقتصاد الاجتماعي، والتى يجب ان تتناسب واحتياجات المجتمع الإسرائيلي والدولة.
وقد صرح الدكتور افي سمحون، أستاذ علم الاقتصاد من الجامعة العبرية في القدس، خلال مؤتمر عقد عقب الاحداث الاحتجاجية قائلاً إنه بالنسبة الى استمرار الحركة الاحتجاجية فإنه أمر ممكن لأن إسرائيل أصبحت بالفعل تعانى أزمة اقتصادية حقيقية.
وقد جمع مؤتمر "التوقعات الاقتصادية لعام 2013، الثلاثاء الماضى في تل أبيب الأحزاب الكبرى في إسرائيل، إلى جانب مختصين ومحللين في مجال الاقتصاد، وطرح موضوع السياسات الاقتصادية الإسرائيلية المتوقعة للعام المقبل.
بينما عرض المختصون بالاقتصاد الإسرائيلي الأرقام والبيانات، محذرين بأن سياسة نتنياهو الاقتصادية تقود إسرائيل إلى الأسوأ.
وقال يائير لابيد، رئيس حزب "هناك مستقبل" من على منصة المؤتمر إن "السياسة التي انتهجها رئيس الحكومة نتنياهو، في السنوات الأربع الأخيرة، أدت إلى تآكل الطبقة الوسطى في إسرائيل"، منوها بأن "هذه الطبقة هي التي خرجت قبل سنتين إلى الشوارع للاحتجاج على غلاء المعيشة، وتوسع الفجوات بين الأغنياء والفقراء،
وأوضح أن المحتجين لن يتحملوا عبء الضرائب، قائلا "أتوجه إلى نتنياهو وأخاطبه بلغة يفهمها، لن تقبل الطبقة الوسطى زيادة الضرائب، التي من المفروض أن تغطي العجز المالي العميق الذي خلقته الحكومة الراهنة ومقداره 15 مليار شيكل، ستكون زيادة الضرائب خطا أحمر بالنسبة للمواطنين في إسرائيل".
من جانبها هاجمت رئيسة حزب "العمل"، شيلي يحيموفيتش، السياسة الاقتصادية المتبعة في حكومة نتنياهو، منبهة بأن الفجوات الاجتماعية بين الأغنياء والفقراء تزداد، وهي من أوسع الفجوات في العالم الغربي.
وقالت يحيموفيتش "لقد قرر نتنياهو صرف الأنظار عن القضايا الاقتصادية، معتمدا على تخويف الجمهور بالنووي الإيراني والإرهاب"، وذكّرت الحاضرين بأن الذهاب إلى الانتخابات قبل موعدها الأصلي جاء في أعقاب عجز نتنياهو عن تمرير موازنة لعام 2013، والتي ستتسم بالتقشف ورفع الضرائب.
وتعجب وزير المالية، يوفال شتاينتس، من تصريحات منتقدي السياسة الاقتصادية لحكومة نتنياهو قائلا " خلال السنوات الأربع الأخيرة تعاطت الحكومة برئاسة نتنياهو مع أزمة اقتصادية عالمية، والتي ما زالت تعصف بأسواق العالم، ونجحت بالحفاظ على الاقتصاد القومي" وأردف شتاينتس قائلا "لقد استثمرنا في الاقتصاد الإسرائيلي، وفتحنا الأبواب لاستثمارات أجنبية كثيرة في إسرائيل، ونسبة البطالة في إسرائيل منخفضة للغاية، وقد سجل النمو الاقتصادي تقدما، ومقداره 3 بالمئة".
وأنضمت زعيمة حزب "الحركة"، تسيبي ليفني، إلى زملائها المنتقدين لسياسة حكومة نتنياهو وشددت على أهمية تغيير أولويات دولة إسرائيل.
وأحصت ليفني العلامات التي تبشر بعام مقبل أسود من ناحية إسرائيل مشيرة إلى أن من بين هذه العلامات "تباطؤ معدل النمو، وتحذيرات محافظ بنك إسرائيل، والعزلة السياسية، وتهديدات أوروبا بالمقاطعة".
واقترحت وزيرة الخارجية السابقة أن تقلص الحكومة من استثماراتها في جمهور "الحريديم" (المتدينون المتشددون)، وفي المستوطنات خارج الخط الأخضر.
وقالت ليفني إن التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين سيصب في مصلحة الاقتصاد الإسرائيلي، وإنه يتعين على الحكومة السعي لدفع عملية السلام بقوة.
وحذر الاقتصادي وصاحب امتياز صحيفة "كلكليست"، راعية المؤتمر، يوئيل أسترون، من استمرار الجمود السياسي مع الجانب الفلسطيني، قائلا إنه يسبب تباطؤ معدل النمو الاقتصادي في إسرائيل، فإن وزير الخارجية أفيجدور ليبرمان يقود إسرائيل إلى اصطدام مع الدول الأوروبية، وستعود سياسة البناء في المستوطنات على اقتصاد إسرائيل بالضرر، ولا سيما في التصدير والاستثمارات الأجنبية في إسرائيل".
يذكر انه فى أغسطس الماضى وقبل العدوان على غزة صادق الكنيست بكامل هيئاته على طلب الحكومة رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة لتبلغ 17 بالمئة اعتبارا من شهر سبتمبر وأيد هذا الطلب تسعة وعشرون عضو كنيست بينما عارضه سبعة عشر نائبا.
وترجع أسباب الأزمة الاقتصادية فى إسرائيل إلى أن الحكومة الإسرائيلية تتجه إلى التركيز على المخاطر الأمنية بتمويل شبكة (القبة الحديدية ) كما ذكرت صحيفة "جيوزاليم بوست "أن الجيش الإسرائيلى يعمل على توسيع نطاق نظام القبة الحديدية وذلك لتمكينه من اعتراض الصواريخ طويلة المدى وتتبع مصدر أطلاق الصاروخ وتوقع مكان سقوطه وتوفير نفقات بطاريات الصواريخ التى تبلغ تكلفتها ما بين 50 الى 100ألف دولار هذا إلى جانب المساعدات التى أقرتها إدارة أوباما والتى تبلغ 70 مليون دولار صادق عليها الرئيس الأمريكى أوباما.
بالإضافة الى توسيع المستوطنات الإسرائيلية على الأراضى الفلسطينية حيث أقر الكنيست على قانون يشجع الاستيطان قدمه رئيس الائتلاف الحكومى يشجع على إقامة مستوطنات جديدة وتوسيع المستوطنات القائمة ويمنح تسهيلات ضريبية كبيرة للمنظمات التى تمول هذه المشاريع.
كما نقلت ها آرتس تشجيع الحكومة على الاستيطان فى المنطفة (ج) والتى تشمل الاستيلاء على 620 دونم من الضفة الغربية وتوسيع مستوطنات ( عمانوئيل، الكانا، مراعى).
يذكر أن تأثير الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008 على إسرائيل كان له أثر كبير خاصة في قطاعات التصدير والاستثمار والعمالة والائتمان وانخفاض نسبة النمو السنوي وتقلص الاستهلاك وفي تراجع قيمة الاستثمارات الخارجية، وفي تناقص حجم الصادرات الخارجية، ما أدى إلى إخراج بعض المؤسسات الصناعية من سوق العمل، ورفد العاملين فيها وهذا بدوره زاد من نسبة البطالة، وأدى إلى تراجع نسبة النمو والاستهلاك للفرد.
وبحسب مكتب الإحصاء المركزي في إسرائيل، فإن الأزمة الاقتصادية العالمية أدت إلى "انخفاض النمو إلى 2.3% مقابل 4.1% في الربع السابق و5.2% في الربع الأول من هذا العام (2008)، وهذا هو النمو الأدنى منذ العام 2002 كذلك انخفض إجمالي الصادرات بنسبة 13.4% بسبب الركود في الولايات المتحدة وفي أوروبا، مقابل انخفاض 2.1% في الربع السابق، وقد انخفضت صادرات الصناعة بنسبة 57.5%، والخدمات السياحية بنسبة 45.5%، وهبطت أيضا الاستثمارات في فروع الاقتصاد بنسبة17.8 %.
وكانت خطة الحكومة حينها التدخل بنشاط لتلافي تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية على اقتصادها وعلى قطاعاتها الإنتاجية، والتخفيف من وطأة ذلك على مستوى معيشة مواطنيها، منها ضخ حوالي 11 مليار شيكل (3 مليارات دولار تقريبا) في صناديق الائتمان والسوق المالية كما ذكرت جريدة معاريف وبذل الجهود لجلب استثمارات جديدة، والحد من توقف بعض القطاعات عن العمل للتخفيف من تزايد نسبة البطالة، كما حاولت الحكومة تخفيض الإنفاق الحكومي في بعض المجالات، وإيجاد شبكة أمان اجتماعية، وتوفير سيولة نقدية في البنوك للمواطنين، ضمنها منح حماية لأصحاب صناديق التقاعد والاسترداد ممن هم فوق عمر 55 عاما، بحيث لا يخسرون أموالهم من استثمارات غير آمنة دخلت الصناديق كما قالت يديعوت.
ومع بداية الحديث عن ضرورة تقليص الميزانية العسكرية وتغيير سلم الأفضليات الاقتصادية الاجتماعية خرج رئيس أركان الجيش، بيني جانتس، معترضا ومحذرا من أن «ميزانية الجيش غير كافية لمواجهة التحديات الأمنية.
وقال جانتس، في لقاء له مع رئيس وأعضاء لجنة الخارجية والأمن في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، إن "الجيش موال للحكومة وسيقبل أي قرار تتخذه بما في ذلك تقليص ميزانيته". ولكنه أضاف: عليكم أن تعرفوا أن أي تقليص سوف يمس بقدرات الجيش الدفاعية.
كما قال رئيس غرفة العمليات في رئاسة أركان الجيش، العميد ايتسيك تورجمان، إن «هناك خطرا في أن تنشب المواجهات ليس فقط جراء استحقاقات سبتمبر مباشرة، وقد يأتي اللهيب من صدامات على الحدود الشمالية مع حزب الله اللبناني أو من صدامات مع حماس في قطاع غزة. وفي الحالتين، الخطر قائم وكبير.
ولكن هذه التصريحات، وحوادث القتل، تأتي كما لو أنها الرد الرسمي للجيش على ارتفاع المطالب بتقليص ميزانية الدفاع. فالحكومة الإسرائيلية تنوي التجاوب مع عدد من مطالب المتظاهرين الإسرائيليين ضد السياسة الحكومية ،كما أن أي تجاوب سيكلف الخزينة مليارات الدولارات (تعليم مجاني للجميع وتأمين صحي للجميع وتخفيض أسعار الوقود والكهرباء والماء وأسعار السكن وغيرها). وغالبية المتحدثين في هذا الموضوع يشيرون إلى ميزانية الدفاع كمصدر أساسي يمكن تقليص مبالغ جدية منها. فهذه الميزانية تصل إلى نحو 14 مليار دولار في السنة، وهي تنطوي على زيادة بنسبة 30 في المائة عنها في عام 2006.
وحتى الاقتصاديين الذين يؤيدون تخصيص ميزانية عسكرية ضخمة، يرون أن الجيش الإسرائيلي مبذر ويصرف أموالا طائلة على أمور سطحية ومعاشات وتعويضات تقاعد مضخمة.
جدير بالذكر ايضاً ان العدوان الإسرائيلي على غزة أشعل النيران مجددا في المعركة الاقتصادية والاجتماعية التي طالما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إخمادها، حيث كانت الحملة الإسرائيلية وما ترتب عليها من أهداف انتخابية وسيلة أخرى وظفها نتنياهو لتوجيه الرأي العام بعيدا عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمجتمع الإسرائيلي، وأخذت المواجهة العسكرية ومئات الصواريخ التي أطلقتها المقاومة على الجنوب تلقي بظلالها وتداعياتها على المشهد الاقتصادي.
وأفادت تقارير صادرة عن مكتب رئيس الحكومة بأن تكاليف الحملة العسكرية خلال ثمانية أيام من الحرب بلغت نحو مليار دولار، يضاف إليها مائتا مليون دولار رصدت لتشغيل منظومة "القبة الحديدية" لاعتراض الصواريخ، فيما قدرت مؤسسة التأمين الوطني أن تغطية تكاليف التغيب عن العمل لجنود الاحتياط البالغ تعدادهم 75 ألفا ممن تم استدعاؤهم للخدمة وصلت إلى نحو ستين مليون دولار.
في غضون ذلك، تستعد وزارة السياحة لإطلاق حملة ترويجية لتشجيع السياحة إلى منطقة الجنوب وترميم البنى التحتية للمواقع السياحية التي تضررت نتيجة القصف، في مسعى لتعويض الخسائر التي لحقت بالسياحة بإسرائيل وتقدر بنحو 120 مليون دولار.
وبحسب إحصائيات اتحاد أرباب الصناعة والتجارة، فإن القطاع الصناعي في الجنوب تكبد خسائر مباشرة وصلت لنحو مائتي مليون دولار، حيث يوجد هناك نحو 500 مصنع لحقها الضرر جراء تغيير وتراجع وتيرة عملها وإنتاجها، منها عشرات المصانع تضررت بالكامل وتعطلت كليا.
كما تكبد القطاع الزراعي في الجنوب خسائر فادحة تقدر بعشرات ملايين الدولارات لانعدام العمل وتأخر جني المحاصيل من الأراضي الزراعية الممتدة على نحو مائة ألف دونم.
هذا الى جانب الأزمة المالية التى تمر بها وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي عرفت بحريتها ونبرتها القوية، بأزمة غير مسبوقة تهدد مستقبلها واستقلاليتها. فقد وضعت اللمسات الأخيرة الخميس على صفقة شراء صحيفة "ماكور ريشون" اليمينية المتطرفة لصحيفة معاريف الإسرائيلية الشهيرة. وفي الوقت نفسه هددت صحيفة "هآرتس" اليسارية التي تواجه صعوبات اقتصادية، بصرف ثلث موظفيها. وعبر شلومو بن تسفي، مالك صحيفة "ماكور ريشون"، والمقيم في مستوطنة أفرات في الضفة الغربية المحتلة، مقربا من اليمين المتطرف والأوساط الدينية اليهودية. وأعرب صحفيون عن مخاوفهم من قيامه باستغلال نفوذه لتغيير النهج التحريري للصحيفة التي تعد من يمين الوسط.
وقد أعدت وزارة المالية الاسرائيلية خطة طوارئ لمواجهة احتمال أزمة خلال هذا العام، لا سيما ان جزءا كبيراً من صادرات اسرائيل يتوجه الى الأسواق الأوروبية والأميركية. في حين ما زالت اسرائيل تستورد مواد أساسية من النفط والحبوب الى المواد الخام، وقد ارتفعت أسعار هذه الحاجيات بصورة زادت من عدد الأسر الفقيرة التي تبلغ حتى الآن ثلث مجموع الأسر في اسرائيل، اضافة الى شرخ متزايد اجتماعي وعنصري، وفي وقت تخصص اسرائيل 7.3% من الناتج المحلي الاجمالي.. للحرب.