وِسَادَتـِـي
بدأتْ كعادتِها في المُداعبة والمُلاطفة ولكن من يسمع لها أو يَنْظُر إليها أو تَخْدَعَهُ هذه المُداعبات التي من ركن إليها غرق في بحار النسيان وفي سجل الفَشَلة... معذورة فهي لا تعلم الهمس الخفي الذي يعذبه...هَمْسٌ دَفْعَهُ إلى واقعٍ مُرّ...بعد رَحِيلَه البَرْزَخِي كُلِفَ بِمَشقةٍ تذيب الحديد في زمن قلَّ المساعد ... فالأيّدي الممتدة سراب في حياة مُسوّرة برواسب نفسية.
ذات يوم أتى منهكًا جدًا وقال في نفسه
ليتها تعود) أَخَلد إلى فِراشه ، مال عليها يَلْمَسُها لعلَّها تَحْنُو له وَتَرْضَى ... غير أنَّها بين بين ، بين الشوق له ، وبين كرامتها التي جُرِحَتْ من تجاهله لها وإصراره على العيش في دور ابن ربيعة العصر.
بدأ بوضع خَدّه الكالح على وسادته المكلومة ، كلاهما به أنَّات ... في داخلها ألمُ الضيق والحبس وصعوبةُ البُوح ودغدغة مشاعرها كُلَّ ليلةٍ من راسمِ لحلمٍ ، وَمُذرفٍ لدمعه ، من طَموحٍ تُألّمُه الحياة ، ومن خامد يَنْهَشَهُ الوهم. وأنَّاتُه تَكْمُن في أملِه وَحِلْمِه الذي يصرخ في وريده ، وحبه الذّي ذاب على مشارط الحياة ، وَتَبخر على شمس(لسنا لك).
الوسادة تصرخ تحت خده الكالح ، وَدمعُهُ يَذْرِفُ. دمعه أمل ودمعها ملل. هَمَسَتْ في أُذُنِه اليُمنى بعد أَنْ غَرِقَتْ من الدموع المسكوبة ، وبدأت أحشاؤها في الارتواء من هذا الدمع الطامح ، والمحب الوامق. فَرِحَتْ وَهَشَتْ وَبَشَتْ ، وَفَرِحَ هو.
بدأ ينمو الأمل بداخلها بعدما ارتوت من دُرّرِه الساقطة. أخذّت تشدُّ من أزّره ، وتشجعه وتقوي عزيمته بمداعبة خَدّه الأيسر وكفكفة دمعه بمندلها الذي نما وتغذي من مئين عينه المجروحة وقالت له: حبيبي قم لا تحزن لك رب ، لاتبك وهناك قيام الليل .... قم يافتى.
محمد جمعة عبدون السمالوسي